ديناميكية جديدة..

المبعوث الأممي الجديد للصحراء مهمته بعيدا عن الأضواء

كولر يفتح خط تواصل مع الرباط لتجاوز أخطاء سلفه، والنجاحات الدبلوماسية للمغرب تفرض واقعا جديدا

العرب (لندن)

افتتح المبعوث الجديد للأمم المتحدة إلى الصحراء هورست كولر مهمته بعيدا عن الأضواء بزيارة للرباط الاثنين تليها زيارات أخرى لمخيمات تندوف والجزائر وموريتانيا وسط تحدي إقناع المغرب بأنه وسيط غير منحاز وتبديد الصورة السيئة التي خلّفها سلفه الأميركي كريستوفر روس.

وأجرى الرئيس الألماني السابق الذي عينه في أغسطس الماضي الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لقاءات عديدة بينها اجتماع مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قبل أن يغادر صباح الأربعاء إلى تندوف لمعاينة الأوضاع المأساوية التي تعيشها هذه المخيمات تحت سيطرة جبهة البوليساريو.

وتستمر هذه الجولة، وهي الأولى للمبعوث الأممي، حتى الـ25 من الشهر الجاري وستقوده إلى الجزائر وموريتانيا، قبل أن يقدم تقريرا إلى مجلس الأمن الدولي.

وأحيطت جولة كولر بتعتيم كامل إلى درجة أن برنامج لقاءاته وتنقلاته لم ينشر باستثناء ما أعلنته جبهة البوليساريو من أن المبعوث الأممي سيزور تندوف، في أقصى جنوب غرب الجزائر، حيث يعيش في مخيمات ما بين 100 و200 ألف لاجئ.

وسيلتقي كولر خلال زيارته الأربعاء والخميس سكان هذه المخيمات والتقصي بشأن التقارير التي تتحدث عن تمركز جماعات متشددة تنطلق منها لتنفيذ عمليات في دول جنوب الصحراء مثل مالي والنيجر.

وقالت مصادر دبلوماسية في الرباط إن كولر اطلع على وثائق ومعطيات دقيقة من المغرب بشأن استثمار البوليساريو في إيواء متشددين وتدريبهم، وتسهيل تنقلهم من وإلى مواقع العمليات، والاتجار بالأسلحة والمخدرات والتهريب.

وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأممي الجديد قال لمستقبليه إن هدفه من الزيارة الأولى فتح خط تواصل مع الرباط، والتأكيد على أنه سيلتزم الحياد ولن ينحاز لأي جهة، معتبرة أن هذا التأكيد سيساعد على كسب ودّ الرباط وسيعطي دفعا مهما لجهوده إذا قطع مع أفكار سلفه روس.

وبعد سنوات من الجمود، أكد الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنه يريد إطلاق “ديناميكية جديدة” حول هذا النزاع الذي يوتر العلاقات بين الجزائر والرباط ويعرقل التعاون بين دول المغرب العربي.

وكان مجلس الأمن اتخذ قرارا يدعم فيه استئناف المفاوضات ويمدّد حتى نهاية أبريل 2018 مهمة قوات الأمم المتحدة المعروفة بـ”مينورسو” المكلفة خصوصا بالإشراف على وقف إطلاق النار الموقّع في 1991.

كولر يطلع على وثائق ومعطيات دقيقة من المغرب بشأن استثمار البوليساريو في إيواء متشددين وتدريبهم

ويخلف كولر بصفته مبعوثا، كريستوفر روس الذي قدم استقالته في مايو الماضي بعد مهمة استمرت ثماني سنوات، اتسمت بالتوتر بين المغرب والأمم المتحدة.

وكانت الرباط التي تتهمه بالانحياز سحبت في 2012 ثقتها من الدبلوماسي الأميركي، ثم عدلت عن قرارها لاحقا.

وقرر المغرب في مارس 2016 تقليص حجم الموظفين المدنيين العاملين في إطار بعثة المينورسو وسحب مساهمته المالية التطوعية، إثر تصريحات بان كي مون أثناء زيارة قام بها لمخيمات تندوف، والتي اعتبر فيها المغرب دولة “تحتل” الصحراء، وهي تصريحات استنكرتها الرباط وقالت إنها استفزازية وغير محايدة.

وتأتي مهمة المبعوث الجديد في إطار من التساؤلات حول دور الأمم المتحدة وأيضا الرهانات الأمنية المستمرة في الشريط الساحلي-الصحراوي الذي شهد هجمات شنها جهاديون.

ويعتقد متابعون لقضية الصحراء أن المبعوث الجديد سيجد نفسه أمام حقيقة ماثلة، وهي أن مقاربة المغرب لحل الصراع على قاعدة توسيع صلاحيات الحكم الذاتي تجد تقبلا دوليا واسعا، خاصة بعد الزيارات المتعددة التي أجراها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى أفريقيا وأوروبا.

ويضيف هؤلاء أنه لم يعد من الوارد أن يستمر كولر في الاستماع كثيرا لمزاعم البوليساريو التي خسرت أبرز المعاقل الداعمة لها في أفريقيا، بالتزامن مع تراجع تأثير الجزائر وانكفائها على أزماتها الداخلية، وفي ضوء تقارير عن أن تدني أسعار النفط لم يعد يسمح لها بالإنفاق إلى ما لا نهاية له على جبهة من مخلفات الحرب الباردة.

وقد نوقش ملف الصحراء خلال الزيارتين الأخيرتين اللتين قام بهما إلى الرباط رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان. وكرر لو دريان موقف باريس التي ترى أن اقتراح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب “أساس جيد للتفاوض”.