عقب أزمة كركوك..

3 سيناريوهات لمصير بارزاني

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان

وكالات

سيطرت الحكومة العراقية على أغلب المناطق في كركوك بشمال العراق، وظهرت مطالب لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بالاستقالة، ليصبح مصير بارزاني والإقليم غامضاً في المدى القريب.

في غضون الأيام الأربعة الماضية اشتد الصراع بين الحكومة المركزية في بغداد والأكراد في كركوك الغنية بالنفط، الذي انتهى بسيطرة القوات العراقية وتراجع القوات الكردية المعروفة بالبيشمركة عن الكثير من مناطق سيطرتها بالمدينة؛ وهو ما قاد إلى اتساع هوة الخلافات بين الأحزاب الكردية، وتبادل الاتهامات حول المسؤول عن التراجع الكردي.

الاستقالة

" التنحي عن السلطة خدمة كبيرة لشعب كردستان" كانت هذه العبارة نص دعوة صريحة من داخل الإقليم لمطالبة بارزاني بالاستقالة والتنحي عن منصبه من أجل احتواء الأزمة الحالية مع بغداد، وتفادياً للعقوبات التي ستلحق بكردستان.

وربما الصراع الحالي في كركوك سبب كافٍ لطفو الخلافات الداخلية في كردستان على السطح مرة أخرى، حيث تبادلت الأحزاب الكردية الاتهامات بشأن تدهور الوضع في كركوك وانسحاب البيشمركة إلى مناطق محدودة بالمدينة، لتنطلق من بعدها دعوات مباشرة مطالبة باستقالة بارزاني.

وقال رئيس برلمان كردستان يوسف محمد "استقالة بارزاني من المنصب ستخدم الشعب الكردستاني، خاصة أن المشكلة تكمن في أن الشعب الكردي أسير للنخبة السياسية طوال الوقت التي تسعي للسيطرة على ثرواته من أجل توسيع السلطة".

كما ظهرت حدة الخلاف بينهما عندما ألمح رئيس برلمان الإقليم إلى أن النخبة السياسية تتاجر بتضحيات الشعب ودماء الشهداء، مشيراً إلى أن بارزاني هو أحد المتسببين في الصراع والخسائر التي لحقت بـ"الأكراد في القترة الماضية".

إزاء هذه المطالبات بالاستقالة تعهد بارزاني بالحفاظ على إنجازات الأكراد رغم أزمة كركوك واجتياح مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران لمدينة سنجار.

وقال رئيس إقليم كردستان: "الشعب الكردي يدافع عن هويته وتعرض لمجزرة" ملقياً اللوم على سياسيين كرديين باتخاذ قرارات فردية وتوريط قوات البيشمركة في مواجهة مع حكومة بغداد.

وتحمل دعوات الاستقالة لبارزاني ملامح تشتت وتخبط داخل صفوف الأحزاب والسياسيين في الإقليم، نظراً لأن الخلاف الكردي–الكردي له تاريخ منذ تسعينيات القرن الماضي، حينما اندلعت اشتباكات دامية بين حزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة بارزاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني (الرئيس العراقي الراحل)، بشأن قيادة الإقليم.

واستمرت الخلافات بين الحزبين إلى أن تم الاتفاق على المصالحة بتقسيم مدن الإقليم بينهما، حيث يتحكم الديمقراطي في دهوك وأربيل، بينما يسيطر الاتحاد الوطني على السليمانية.

التراجع عن الاستفتاء

مع فقدان السيطرة على كركوك، أعلنت المفوضية العليا لانتخابات كردستان تعليق جميع استعدادات انتخابات الإقليم التي كانت من المقرر إجراؤها في بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويعد هذا التأجيل إشارة لمراجعة مسؤولي الإقليم أنفسهم في استكمال عملية الاستقلال عن العراق والانفصال التام عن حكومة بغداد.

ويصبح مصير بارزاني في الإقليم محفوفاً بالمخاطر مع تصاعد الوضع الأمني في كركوك، خاصة أن رئيس إقليم كردستان هو صاحب الدعوة الأولى لإقامة الاستفتاء والرئيس الأول للإقليم منذ عام 2005؛ ما يرجح سيناريو احتفاظ بارزاني بمنصبه في مقابل التراجع عن نتيجة الاستفتاء لفترة محددة. 

وتحدثت بعض وسائل الإعلام العراقية عن وجود مشاورات داخل الإقليم بشأن تجميد نتيجة الاستفتاء، تجنباً للتوترات والصراعات بالعراق في ظل استمرار الحرب ضد داعش، دون الحديث عن استقالة مسعود بارزاني من منصبه. 

وفي وقت سابق أرسل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رسالة تحذيرية للإقليم، قائلاً: "استفتاء انفصال كردستان الذي تم في الـ25 من سبتمبر/ أيلول الماضي انتهى وأصبح من الماضي" ما يؤكد الرفض التام من السلطة الاتحادية في العراق لاستكمال كردستان إجراءات الانفصال. 

البقاء دون التراجع

"قوات البيشمركة الكردية عادت للمواقع التي كانت تسيطر عليها في يونيو/حزيران 2014" هكذا أكد قائد عسكري كردي تمسك القوات بالحفاظ على حدود المناطق التي كانت تخضع لسيطرتهم قبل دخول داعش العراق.

وتزامن هذا التصريح مع تأكيد رئيس إقليم كردستان على أن القوات الكردية ستعود من جديد للانتشار في المناطق التي كانت فيها في أكتوبر/تشرين الأول 2016، كما جاءت تصريحات من مصادر كردية تشير لانسحاب البيشمركة إلى حدود 2003، التي تضم أربيل ودهوك والسليمانية.

وبين التصريحات المتضاربة من داخل الإقليم، يظهر تمسك بارزاني القوي بضم كركوك المدينة النفطية للإقليم، بجانب تمسكه بمنصبه وبنتيجة الاستفتاء، خاصه أنه أعلن منذ عدة أشهر تمسكه بانفصال كردستان عن العراق، قائلاً: "حلم ولدت من أجله".

ويحمل سيناريو بقاء بارزاني في منصبه وتمسكه بنتيجة الاستفتاء المزيد من التوترات والصراعات داخل الإقليم من ناحية وبين حكومتي كردستان وبغداد من ناحية أخرى.