الانقلابيون يستخدمون المدنيين دروعا بشرية..

عندما ينتهك القانون الانساني.. يدفع المدنيون تكلفة الحرب

مسلحون موالون لإيران في شمال اليمن

خاص (عدن)

مؤخراً... تكشفت حقائق كثيرة كانت مطوية في المجهول، وهي حقائق ظلت، تستغل لصالح أهداف سياسية بحتة، ودفع المدنيون كلفتها دون أي طائل. هذه الحقائق التي تثبت انتهاك القوانين الانسانية المعمول بها في الحرب قد تغير كثيراً في استراتيجية التعاطي مع أطراف النزاع في اليمن في حال تم تقديمها للعالم وعرضها للقرار الدولي عبر المنظمات الانسانية، في حال وجدت المتابعة المستمرة والإدانة الفعلية بعيداً عن التعامل بالعواطف الانسانية.

فجر الأربعاء الماضي تداولت وسائل اعلام تابعة للحوثيين سقوط ضحايا مدنيين في قصف شنته مقاتلة حربية تابعة للتحالف العربي على سوق شعبي يرتاده مواطنون في مديرية سحار بمحافظة صعدة الواقعة أقصى الشمال اليمني والمرتبطة بالمملكة العربية السعودية عبر الحدود الجنوبية للمملكة. وجاء مساءً تأكيدٌ عبر وكالة الصحافة الفرنسية (A.F.B) يفيد بمقتل واصابة قرابة 20 مدني في السوق.

 

المعمول به في قيادة التحالف العربي للتحقيق في حوادث تنتهك حقوق الانسان، أن يجري مراجعة (قواعد الاشتباك) التي على أساسها يتم التحقيق في الحادثة عبر لجنة في قيادة التحالف العربي تسمى بـ(لجنة تقييم الحوادث) وتضم قانونيين دوليين وخبراء في التحقيق بالجرائم الانسانية.

 

مساء السبت، 04/تشرين الثاني/2017 م، أي بعد ثلاثة أيام من الحادثة عقبت قيادة التحالف العربي على الحادثة، واعتبرت الهدف الذي قصفته بأنه (هدف مشروع)، وهو ما قد يخال للمتابع أنه انتهاك صارخ للقوانين الانسانية واعتراف جازم بارتكاب جريمة حرب، خاصة وأن الحادثة أوقعت قتلى وجرحى مدنيين.

 

يجدر بنا الإشارة الى أن القانون الانساني الدولي يتضمن في مواده تأكيدا واضحاً يمنع بشكل قطعي استخدام المدنيين كدروع بشرية واستخدامهم كذلك لأغراض حربية تتنافى مع قواعد القانون الذي بُني أساساً لهذا الغرض. وبالعودة الى بيان التحالف العربي الذي ورد في نصه أنه " تبين أن ما تم تنفيذه بمكان وزمان الادعاء هو هدف عالي القيمة "هدف عسكري مشروع" يتمثل بموقع لتجمع بعض العناصر الانقلابية من ميليشيا الحوثي المسلّحة ومن بينهم خبراء بمجموعة ألوية الصواريخ".

 

نهار اليوم ذاته الذي أصدر فيه بيان التحالف العربي نشرت صحيفة "الرياض" السعودية، تسريبات للحادثة، وفصلت أكثر مما ورد في البيان من خلالها إشارتها الى أن الخبراء الذين وصفهم بيان التحالف العربي بـ"هدف عالي القيمة" هم ثلاثة ويحملون جنسيات ايرانية وقتلوا في الهجمة الجوية الى جانب قيادات حوثية لم تسميها، وهذا طبعاً ممنوع قطعاً في القانون الانساني الدولي (أن يتم الاحتماء بالمدنيين في النزاع).

 

يضيف بيان التحالف العربي المنسوب للمتحدث الرسمي باسمه العقيد تركي المالكي " إنه تم مراجعة كافة الوثائق والإجراءات المتعلقة بالتخطيط والتنفيذ العملياتي التي اتضح من خلالها صحة إجراءات التخطيط والتنفيذ وكذلك الإجراءات الوقائية والاعتبارات التكتيكية لتقليل أي اضرار جانبية والأخذ بالاعتبار للنمط الحياتي والاجتماعي حول الموقع".

 

يجرم القانون الدولي ارتكاب المجازر ضد المدنيين ويدعو لتجنيبهم أي ضرر أثناء النزاعات، ويستثني القانون ما يسميه (الضرورة العسكرية) وهو ما ذُكر في بيان التحالف العربي، والذي على أساسه برر التحالف سقوط قتلى من المدنيين. حيث يسمح القانون في حال الضرورة العسكرية ضرب الهدف العسكري مع الانتباه لتقليل الخسائر البشرية في صفوف من لا علاقة لهم بالنزاع.

 

في 29 أبريل الماضي أقرت الأمم المتحدة انتهاك الحوثيين للقواعد المعمول بها في النزاعات، وأكدت المفوضية العليا لحقوق الانسان أن الحوثيين جندوا أكثر من 1500 طفل للقتال في صفوفهم. مشيرة في بيان لها أن العدد " قد يكون أكبر بكثير لأن غالبية الأسر غير مستعدة للحديث عن تجنيد أولادها، خوفاً من التعرض لأعمال انتقامية".

 

وتضيف المتحدثة باسم المفوضية العليا لحقوق الانسان رافينا شامدساني في هذا الصدد " تلقينا تقارير عدة عن تجنيد الأطفال في اليمن لاستخدامهم في النزاع المسلح، خصوصاً من جانب اللجان الشعبية المرتبطة بالحوثيين" مع التوضيح أن الأمم المتحدة " تمكنت من تأكيد تجنيد 1476 طفلاً بين 26 مارس (آذار) 2015 و31 يناير (كانون الثاني) 2017". بحسب رافينا.

 

هذه الأرقام الواردة في بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة العالمية، تضيف تأكيداً جازماً على الانتهاك الذي يحدث، وتعزز نظرية التحالف العربي الذي يؤكد مراراً أن الحوثيين يفرضون مواقع عسكرية وأهداف مشروعة وسط المدنيين، ويذهب للعمل بمبدأ (الضرورة العسكرية).

 

الوقائع هذه تكشف جلياً كيف يتم استخدام المدنيين وقود للحرب ودفع تكلفة النزاع من خلالهم، كما تبين بالحقائق المثبتة كيف يجري التحايل على القانون الانساني والإصرار على عدم التراجع عن خطواتٍ إذا تراجعت عنها أطراف النزاع فإنها ستقلل من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين بشكل كبير، وتجنبهم أخطاراً كارثية.