فى ذكرى رحيله..

ريتسوس اليونانى.. اعتقال وتعذيب ومطاردة و80 ديوانا شعريا

نانيس ريتسوس

وكالات

يعتبر يانيس ريتسوس أحد أهم الشعراء اليونانيين فى القرن العشرين وأبرزهم من حيث اهتماماته السياسية، ومواقفه اليسارية ضد الأنظمة السياسية هناك.

 يقول عنه المترجم والشاعر رفعت سلام: "قارة شعرية كاملة لها جغرافيات وتواريخ وشعوب ومناخات، تتجلى فيما يزيد على الثمانين ديوانا، لا يشبه أحدها الآخر، كل ديوان بلد شعرى بكامله، له دروبه المرئية وسراديبه السرية".

 ريتسوس من مواليد فى "مونيمفاسيا" جنوب شرقى من مدينة البلوبونيز اليونانية عام 1909، اهتم منذ صغره بالشعر، وكتب أول قصائده له فى عمر الثامنة عام 1917، بينما نشر أول دواوينه عام 1934 تحت عنوان " تراكتورات"، وبعدها بعام نشر ديوانه الثانى "أهرامات".

 كان لـ يانيس ريتسوس تاريخ نضالى كبير، وتجلى ذلك واضحا من خلال كتاباته الشعرية، بدءا من دوانه الأول، مما كلفه على مدار عمره الاعتقال على يد الأنظمى السياسية المختلفة فى اليونان، ولكن على الرغم من ذلك لم يؤثر الاعتقال والسجن على إنتاجه الإبداعى، وربما شهدت بعض سنوات اعتقاله أحد أهم سنين إنتاجه الأدبى.

 وفى سجنه، كتب ريتسوس الكثير، وقرأ الكثير، وأمعن بخاصة فى قراءة تاريخ وطنه، وقد قرر أن يجعل من ذلك التاريخ قاعدة أساسية لكتاباته اللاحقة ولعالمه الشعرى الجديد الذى افتتحه فى العام 1951 بقصيدته الطويلة "الأزهار ونحن".. ولسوف تكون الفترة التالية، حتى اعتقاله مرة أخرى فى ربيع 1967، واحدة من أخصب فترات حياته: قصائد طويلة مسرحية تنقسم إلى مقدمة، ومناجاة درامية/أسطورية، وذلك حسبما يقول الكاتب إبراهيم العريس بمقال نشر له بجريدة الحياة اللندية.

 بداية ريتسوس مع الاعتقال كانت فى 1948، حيث تم اعتقاله ضمن أكثر من مائة ألف معتقل بجريزة ليمنوس، وبعدها بفترة ينقل لسجن ماكرونيسوس، وهذه المرة واجه نانيس قسوة وتعذيب شديد، ولكن ذلك لم يوثر عليه فيكتب خلال تلك الفترة أعمال من ضمنها "أركان العالم، النهر ونحن"، إلى أن تم إخلاء سبيله فى سنة 1952.

 المضايقات السياسية أيضا لم تكن لتوقف ريتسوس عن كتابة الشعر والأدب، فبحسب المترجم رفعت سلام، أن "ريتسوس" واجه أربع سنوات من المضايقات الإدارية، بدأ بعدها السفر الى "الاتحاد السوفيتى" ثم رومانيا وتشيكوسلوفاكيا، ويتابع أنه بعد زوجه عام 1954، كتب لطفلته – فى العام التالى – "نجمة الصباح"، وكل عام يجىء بديوانين أو ثلاثة: "سوناتة ضوء القمر" (1956)، "تأريخ " و"البعيد" (1957)، "عندما يأتى الغريب" (1958)، "النافذة و"الجسر" (1959). وتنفتح الدائرة التراثية عام 1962 بـ"البيت الميت " و"تحت ظلال الجبل"، وبعدهما "فيلوكتيت " (1965) و"أوريست" (1966).

 معاناة نانيس ريتسوس مع النظم العسكرية والفاسدة فى اليونان، انتهت فى سنة 1974 بسقوط النظام العسكرى وصعود نظام "الوحدة الوطنية"، وتم منحه على آثر ذلك شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة "تسالونيك"، كما تم ترشيحه فى ذلك الوقت للحصول على جائزة نوبل فى الآداب، كونه من أهم كتاب اليونان، كما حصل على جائزة لينين للسلام عام 1977، قبل وفاته بـ13 عاما وبالتحديد 11 نوفمبر 1990 بالعاصمة اليونانية أثنيا.