عبدالعزيز المفلحي أصبح محافظا سابقا..

تحليل: هل أنتصر (صالح) على (هادي) في عدن؟

الرئيسان صالح وهادي خلال تسليم واستلام السلطة في اليمن

خاص (عدن)

قدم الشيخ عبدالعزيز المفلحي استقالته من منصب محافظ العاصمة عدن، في أول مؤشر على بداية صراع بين معسكر هادي ومعسكر بن دغر المدعوم من أطراف إقليمية على خلاف مع دول التحالف العربي التي تقاتل لاستعادة صنعاء العاصمة اليمنية التي احتلها الانقلابيون الموالون لإيران.

وقال المفلحي وهو سياسي وقيادي في الحراك الجنوبي ومستشار للرئيس هادي إن قرار إقالته جاء بعد ان تم عرقلته من قبل حكومة أحمد عبيد بن دغر، وهي الاستقالة التي ربما تخلط الأوراق على شرعية الرئيس هادي، خاصة وان تهما عديدة توجه لبن دغر بعلاقته بالمخلوع صالح واتصال بالانقلابيين في صنعاء.

معسكر عفاش في عدن

وقال المفلحي في بيان استقالته- حصلت اليوم الثامن على نسخة منه – "ذهبت إلى عدن بعزيمة جبارة، وكنت مدركاً أنني مقبل على معركة كبيرة أدواتها العقل والإرادة وحُسن التدبير ثم الإمكانيات المتاحة، وهكذا تحدثت مع الناس وأطلقت الوعود وبدأت العمل في ظروف قاسية تعرفونها، وأحمد الله أنني أديت واجبي بأقصى ما عندي من إرادة وتحدي واستطعنا في وقت وجيز أن نحقق جزء من ذلك، وأن ذلك كله أعاد ثقة الناس بالدولة، وزرع الأمل في قلوبهم بأن القادم أفضل وأكثر إشراقا، غير أني ولشديد الأسف وجدت نفسي في حرب ضارية مع معسكر كبير للفساد كتائبه مدربة وحصونه محمية بحراسة يقودها رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر".

أقرأ أيضاً: اليمن: موالٍ لهادي يشن هجوما حادا على المفلحي

وقال "إن كبريائي يمنعني أن أخوض في جدال مع رئيس حكومة يخطف الماء من أفواه الناس، والضوء من عيونهم، فقد تابعت عبر وسائل الإعلام رسالته إلى فخامتكم، والتي كانت رد على مذكرتنا التي رفعناها إلى فخامتكم حول عدم قانونية سحب مبلغ (5.287.083.814) ريال من حساب المحافظة إلى حساب وزارة الإتصالات وأرفقته في ذلك لما جاء في خطاب وجه لفخامتكم، أنه يريد تطوير الإتصالات وخدمات نت تضاهي ما لدى العالم المتقدم، وذلك أمر يثير السخرية لأن الحديث عن الإتصالات دون كهرباء مسخ وضلال لا شك أنه يخفي مطامع ومفاسد، ودعني أقول بصريح العبارة إن الفساد المتفشي في حكومة بن دغر، ملئت روائحه الكريهة أجواء اليمن ومدن شتى في العالم، وقد أصاب البلاء البلاد".

خفايا وإسرار

وقبيل قرار إقالة المفلحي، قالت مصادر مقربة من السلطة المحلية في العاصمة عدن إن رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر استدعاء احد الموالين للمخلوع صالح في عدن (مسؤول من شمال اليمن)، وعرض عليه تولي منصب محافظ عدن، مقابل توفير له كل سبل الدعم.

وقالت مصادر وثيقة لـ(اليوم الثامن) "إن بن دغر  قدم عرضا لقيادي  مقرب من المخلوع صالح (تحتفظ اليوم الثامن باسمه)، بأن يتم تنصيبه محافظا لعدن بديلا عن المفلحي، فيما يظل أحمد سالمين في منصب وكيل أول للعاصمة دون صلاحيات.

أقرأ أيضاً: تحليل: بن دغر ينهي مهمة المفلحي ويضع تاريخه على المحك

وأكدت المصادر أن القيادي المؤتمر  (ليس من أبناء العاصمة)، رحب مبدئا بالعرض، شرط ان يصدر قرارا بتعيينه قبل أي خطوة يقوم بها عبدالعزيز المفلحي، الأمر الذي وصلت تلك المساعي الى مسامع محافظ عدن، ليستبق الجميع ويضع استقالته على طاولة الرئيس هادي الذي من المتوقع ان ينظر فيها ظهر الجمعة.

مستشار الرئيس هادي أصبح محافظا سابقا، فهو لن يقبل ان يعود لقيادة السلطة المحلية في ظل وجود رئيس حكومة أحمد عبيد بن  دغر، وهو ما يعني أن هادي قد يضحي بأحدهما لحل الأزمة التي طفحت للسطح، كطفح مياه المجاري في شوارع وأزقة العاصمة الجنوبية.

قد يضحي هادي بمستشاره والقيادي في الحراك الجنوبي لصالح أحمد عبيد بن دغر (رئيس الحكومة)، أحد ابرز رجال (بضاعة عفاش)؛ التي اسماها صالح (ذاته) والتي باتت اليوم هي المتحكم الرئيس في الجنوب.

سيناريوهات الاستقالة

باتت استقالة المفلحي المقدمة للرئيس هادي بين سيناروهين اثنين، الأول قبول الاستقالة، والتضحية بأخر القيادات الحراكية الموالية للرئيس، أو الرفض الذي يعني إطالة أمد الأزمة ومواصلة الانهيار لكل شيء في عدن.

لكن قبول قرار الاستقالة، ليس في مصلحة الرئيس هادي وشعبيته في الجنوب، فالمفلحي الذي استغله خصوم الجنوب في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي بات اليوم يضع فساد حكومة بن دغر بالأرقام امام الرئيس، وقبول الاستقالة قد تطيل الأزمة، خاصة وان المؤشرات تؤكد ان المحافظ البديل الذي يقدمه بن دعر يعد (احد الموالين للمخلوع صالح) وعلى صلة بقيادات مثيرة للجدل في عدن.

اما السيناريو الأخر، هو ان يقدم الرئيس هادي خطوة كبيرة تتمثل في اصدار قرارات يقضي  بإقالة الحكومة التي يرأسها بن دغر خاصة في اعقاب تورطها في قضايا فساد كبيرة ووقوفها وراء انهيار العملة في المحلية.

فالرئيس هادي قبل ان ينظر في قرار استقالة المفلحي قد يفكر جدياً في حكومة بن دغر وهو ما يعني انه قد يقوم بتغييره، والذي يعني تهدئة مؤقتة للشارع المنتفض جنوبا ضد الفساد.

فإقالة حكومة بن دغر قد ربما تعمل على تهدئة الغضب المتزايد في الجنوب من فساد الحكومة اليمنية (غير الشرعية).

فبن دغر الذي عينه هادي رئيسا للحكومة خلفا للمهندس خالد بحاح، يد رئيسا غير شرعي للحكومة الشرعية، فالحكومة الشرعية تتمثل في الحكومة خالد بحاح المنقلب عليها في صنعاء والتي سبق لها وقدمت استقالتها قبل الرئيس هادي في يناير 2015م، قبل ان تعلن عن سحب استقالتها بالتزامن مع سحب الرئيس هادي لقرار استقالته الذي كان قد تقدم به للبرلمان اليمني اثناء محاصرة الحوثيين له في منزله بشارع الستين في صنعاء في الثلث الأخير من يناير 2015م.

وقد وصف بحاح قرار اقالته بانه يستهدف الشرعية، غير ان هادي أتى بديلا عنه الجنرال الأحمر وأحمد بن دغر وهما رجلان مثيران للجدل، نتيجة علاقتهما بالمخلوع صالح والنظام القديم.

هادي برر الموالون له قرار إقالته لبحاح بأنه سعى إلى الاطاحة به وهو ما نفاه الأخير، معدا ان العالم يعترف بهادي رئيسا شرعيا لليمن، وهو ما يعني ان اطرافا في ادارة الرئيس نجحت في ارباكه.

تقول المصادر لـ(اليوم الثامن) "إن بن دغر بات على اتصال مع اطراف اقليمية معادية للتحالف العربي"، عزز ذلك الاهتمام الإعلامي المتزايد ببن دغر وبعض اعضاء حكومته.

انتصار أم هزيمة

وحتى قرار الحسم في استقالة عبدالعزيز المفلحي، إلا ان المؤشرات تؤكد انتصار الموالين لصالح في الجنوب وان كانوا في لباس الحكومة الشرعية، فهادي بات يخسر عدن تدريجيا لصالح المخلوع صالح، وهو ما حذره من ذلك قيادات جنوبية بارزة.

فالإجراءات التي من المنتظر ان يقوم بها الرئيس هادي تتمثل في اقالة رئيس الحكومة اليمنية ووضع معالجات جذرية تزيل حالة الاحتقان في الجنوب الذي يستند عليه الرئيس، او البقاء عليها الذي يعني تزايد حدة الغضب الشعبي ضدها وقد ربما اسقاطها.

وتعترف حكومة بن دغر بانها تحاصر عدن حتى لا يذهب نحو الاستقلال، وهو ما يعني ان بن دغر قد نجح في فتح جبهة جديدة ضد الرئيس هادي في الجنوب.

قد ينتصر هادي، ويضع نهاية غير متوقع لاتباع صالح في الجنوب، لكن ذلك قد لا يستبعد ان يمكن هادي جماعة الإخوان من العاصمة، وهو ما يعني مضاعفة الأزمة والدخول في اتون مشاكل الجميع في غناء عنها.

*المحرر السياسي في اليوم الثامن