الإعلام الغربي يغض الطرف عنها..

تقرير: أبين الجنوبية.. من صنع الإرهاب هنا؟!

حملة عسكرية سابقة لأبين

وكالات (لندن)

تواصل قوات الحزام الأمني في جنوب اليمن جهودها الأمنية في محاربة التنظيمات الإرهابية، حيث تخوض حاليا معركة متواصلة في بلدات ريف أبين شمال شرق عدن، لتأمين المحافظة وطرد العناصر الإرهابية، فموقع أبين الاستراتيجي وتضاريسها الجبلية، جعلها محل أطماع القوى الإقليمية والمحلية الداعم للفكر الإرهابي المتطرف.

على مقربة من جسر الصين في مدخل زنجبار العاصمة الإقليمية لأبين تنتصب نقطة للأمن اليمني، بديلة لنقطة نصبتها عناصر تنظيم القاعدة في أبين أواخر العام 2011م، وتم استبدالها عقب تحريرها من العناصر الإرهابية.

يدقق الجندي المناوب في صورتك، ثم يسألك عن وجهتك، فيما ينتشر في محيط الدوار العشرات من الرجال والنساء يستعدون لرحلة العودة إلى بلدة جعار المجاورة مع حلول الظهيرة.

بلدة جعار، أعلنها تنظيم القاعدة قبل أعوام إمارة اسلامية وأطلق عليها (إمارة وقار)، فحكم التنظيم كان دموياً.

 

في ضواحي زنجبار العاصمة تلاحظ المباني المدمرة جراء القتال الشرس الذي تشهده المدينة بين الفينة والأخرى، فالحرب مع الإرهاب في أبين لها طابع خاص، فمع كل حدث سياسي تظهر القاعدة وتسقط زنجبار في ساعات قليلة كما حدث خلال الاعوام السبعة الماضية.

لا أحد يدرك لماذا تسقط أبين دائماً بيد الجماعات الإرهابية، غير أن ضابطاً أمنياً يدعى (المرقشي) قال لنا "إن الوضع الأمني في أبين له ارتباطات إقليمية، فهناك من يتخوف من جيش عدن - أبين، الذي تزعمته القاعدة ثم داعش".. لافتا إلى ان اطلاق هذا الاسم على الجماعات المسلحة في أبين هو الزعم انه الجيش الذي تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال "(يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم)".

 

الفقر

يعد سكان أبين الأفقر بين سكان اليمن، حيث يعتمد غالبيهم على الزراعة ورعي الأغنام والاصطياد السمكي، غير ان الحروب التي شهدها اليمن منذ العام 2011م، أوقعت العديد من الضحايا جراء المجاعة وتفشي الأمراض والأوبئة.

فزنجبار العاصمة، لا تبدو أنها عاصمة لواحدة من كبريات مدن الجنوب اليمني بعد حضرموت، حيث لا يستطيع الزائر إليها الإقامة، نظراً لعدم وجود فنادق في المحافظة التي تعد مسقط رأس الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، فالحروب دمرت كل شيء في أبين وأهلها باتوا يعانون من شظف العيش، الأمر الذي وفر بيئة خصبة للجماعات الإرهابية لتجنيد الشباب الذين حرموا من التعليم والوظيفة، كما تقول ناشطة حقوقية راصدة تعمل في أبين.

وقالت الناشطة (طلبت عدم نشر اسمها) "الناس هنا تعاني من الفقر والمجاعة، والشباب لم يحصلوا على تعليم كاف، وهو ما جعلهم لقمة سائغة أمام التنظيمات الإرهابية لتجنيدهم في القتال ضد أهلهم، المشكلة في أبين تتطلب حلولاً جذرية، من أبرزها دعم الشباب وتوعيتهم من خطر التنظيمات الإرهابية على المجتمع".

قتل العشرات من قيادات وعناصر التنظيمات الإرهابية في أبين، ابرزهم الأمير السابق لأنصار الشريعة جلال بلعيدي، الذي قتل في غارة أمريكية.

منذ سنوات تصف الولايات المتحدة قيادات القاعدة في أبين، قبل ان يأتي التحالف العربي بقيادة السعودية للدخول في حرب مع التنظيمات الإرهابية التي تمددت جنوبا على غرار الحوثيين، مستغلة الحرب التي افتعلها الموالون لإيران.

 

منذ مارس (آذار) 2016م، قادت دولة الإمارات العربية المتحدة العضو البارز في التحالف العربي، الحرب على الإرهاب في اعقاب استهداف تنظيمي داعش والقاعدة للحكومة اليمنية وقوات التحالف في عدن، حيث تمكنت من تحرير حي المنصورة في عدن تلاه محافظة لحج وحضرموت ثم أبين وشبوة، فيما تواصل قوات دربتها القوات المسلحة الإماراتية القتال في جبال ريف أبين، حيث تقول مصادر أمنية إن العديد من عناصر القاعدة لا تزال تحتمي فيها.

ويجمع يمنيون في الجنوب على أن (القاعدة) والتنظيمات المتطرفة، ما كان لها ان تنشط لولا احتضان نظام صالح وحليفه تنظيم الإخوان لقيادات (القاعدة)  التي عادت مطلع تسعينات القرن الماضي من افغانستان.

ويبرز اسم قطر كإحدى ابرز الدول الداعمة للإرهاب في اليمن، يقول أحمد الفضلي "إن المخلوع صالح هو من تبنى القاعدة في اليمن وسمح لها بالمشاركة في الحرب على الجنوب في العام 1994م".

ينشط (القاعدة) في جنوب اليمن ومحافظات مأرب والبيضاء وتعز في الشمال، غير ان تهما عديدة وجهت للنظام في صنعاء بأنه هو من يقف وراء صناعة الإرهاب لتصفية خصومه السياسيين، فقد قتلت (القاعدة) المئات من المسؤولين الجنوبيين في اليمن خلال عام من توقيع الوحدة بين البلدين، الأمر الذي يقول مسؤولون إنه يعزز تلك الاتهامات لنظام صالح وحلفائه من تنظيم الإخوان الموالي لقطر.

فجنوب اليمن، كانت دولة مستقلة قبل ان تتحد مع جارتها اليمن الشمالية في مطلع تسعينات القرن الماضي، لكن الارهاصات التي رافقت الوحدة، وظهور  التيارات الاسلامية والجهادية حالا دون استمرار الوحدة بمفهوم الشراكة بين البلدين، الأمر الذي فاقم من حدة الخلافات بين صنعاء وعدن، ونتج عنه اقتحام قوات صنعاء معززة بمليشيات من الإخوان وتنظيم القاعدة،  انتهى بالسيطرة على كل الجنوب.

يعتقد قطاع واسع من الناس (هنا في أبين التي نزورها)، ان (القاعدة) هي صناعة يمنية قطرية، حيث يقول احد قيادات اللجان الشعبية ان (القاعدة) تتلقى تمويلا من جمعيات إخوانية مرتبطة بقطر، لافتا الى ان الدليل على ذلك هو نشاط (القاعدة) عقب مقاطعة الدول العربية للدوحة، حيث كثفت (القاعدة) من هجماتها على القوات الشرعية ولم تشن اي هجوم على الانقلابيين في صنعاء ومدن الشمال.

يفاخر قادة اللجان الشعبية في أبين انهم المدنيون الأوائل من حارب الإرهاب في اليمن كله، واستطاعوا هزيمته على الرغم من فارق التسليح لصالح التنظيم.

يضيف القيادي "لم نعتد على أحد، (القاعدة) هي من قتلت اهلنا وشبابنا وقد خرجنا في معركة التصدي لهذه الجماعات واستطعنا هزيمتها".

يقاتل الكثير من أبناء أبين القاعدة، لأخذ الثأر من التنظيم الذي أعدم العشرات منهم، يقول أحدهم "حربنا مع القاعدة طويلة جدا ولن نتوقف الا بعد القضاء على تلك العناصر، نحن لسنا طرفا في الصراع الدائر، لكن ما ارتكبته القاعدة من جرائم منذ اكثر من عشرة أعوام لن يسقط بالتقادم".

غض الإعلام الغربي الطرف عن أبين وحربها ضد الإرهاب وجرائمه ضد المدنيين، في بلدة لودر الواقعة في الريف الأبيني قاتل المدنيون بشراسة التنظيم الإرهابي في العام 2012م، لكن الانتصار الذي حققته القبائل ضد التنظيم لم يلق الصدى الكافي، كما يقول سالم العوذلي.

ويضيف العوذلي وهو ناشط إعلامي في حلف قبائل العواذل "ما حققته قبائل أبين في الحرب ضد القاعدة لم يتحقق في اي مكان في العالم، قبائلنا استطاعت ان تهزم الإرهاب، رغم فارق الامكانيات التسليحية والدعم الكبير الذي يحصل عليه التنظيم من بعض الاطراف الاقليمية".

يشدد العوذلي على ضرورة دعم قوات الحزام الأمني في حربها على الإرهاب وان يكون للقبائل الدور الأبرز في مناصرة الجهود الهادفة إلى القضاء على الإرهاب.

ويأمل أبينيون أن تتوقف الحرب في بلادهم، فالهجمات الإرهابية أوقعت مئات الضحايا ناهيك عن أن أبين باتت بعيدة عن السلطات الحكومية منذ نحو عشرة أعوام، فغياب السلطات الحكومية بشكل تام في المحافظة كان كبيراً ولم يستطع المواطنون تعويض الغياب بتجربة اللجان الشعبية التي يقول مسؤولون فيها إن نفوذ الإخوان في الحكم تسبب في إفشالها رغم مشاركتها الفاعلة في الحرب ضد الانقلابيين.

وتبقى أبين اليمنية ساحة حرب مع القاعدة، في ظل وجود أطراف إقليمية تدعم وتغذي الفكر الذي ساعدته التلال والتضاريس الجبلية في الاحتماء من الضربات الجوية أو من ملاحقة قوات الأمن.