لا استسلام في صراع إعادة الشرعية لليمن..

ذا ناشونال: قُتل صالح لأنّه أراد "أن يقلب الصفحة"

الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح

وكالات (أبوظبي)

رأت صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية أنّ علي عبدالله صالح أمضى الأيام الأخيرة التي سبقت مقتله على يد الحوثيين، وهو يسعى لإحلال السلام في اليمن. وأضافت أنّ عمله على إيجاد نهاية للحرب اليمنية هو الذي أوصل إلى مقتله بطريقة وحشية. لقد سيطر صالح على المشهد اليمني لأكثر من ثلاثة عقود، بعدما صار رئيساً لليمن الشمالي سنة 1978 قبل أن يصبح رئيس الوطن اليمني بأكمله سنة 1990. وفي عام 2012، غادر منصبه على مضض بعد مرور حوالي سنة على المظاهرات المناهضة للحكم التي انتشرت في البلاد.

المآسي التي يواجهها اليمن ليست خاصة باليمن وحده وهي ليست كابوساً محصوراً داخل حدود تلك الدولة. ما يحدث هو واحد من الأزمات العديدة التي هندستها إيران كجزء من مشروع أكبر لسيطرتها على المنطقة

بعد التوصل إلى اتفاق في المملكة العربية السعودية مدعوم من الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، أعطي صالح الحصانة الكاملة كما إمكانية البقاء في بلاده. لكن عوضاً عن أن يذهب إلى التقاعد، قام بمحاولة كبيرة لاستعادة السلطة. وفي سياق الوصول إلى هدفه، دخل في زواج مصلحة مع الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران. وانتهى هذا الزواج بمقتله عن طريق الغدر.

لا خلاف حول سبب اغتياله
تشير الصحيفة إلى أنّه في الأيام المقبلة، سيكون هنالك العديد من المقاربات حول حياة صالح. لكن عن السبب الذي أدّى إلى مقتله، لا يمكن أن يكون هنالك خلاف حول هذا الموضوع. لقد قُتل صالح لأنّه أراد "أن يقلب الصفحة" بحسب تعبيره الخاص. بعد سنوات من سفك الدماء، بدا صالح كأنّه استنتج بأنّ تحالفه مع الحوثيين، وبدلاً من أن يؤدّي إلى استعادته للسيطرة على اليمن، كان سيؤدي إلى دمار البلاد بشكل كامل. وشكّل فضّه للتحالف مع الحوثيين أفضل فترة في حياته. لقد تحدى الحوثيين وأسيادهم في إيران، ودفع حياته ثمناً لقاء موقفه هذا.

تأجيل الأمل
لقد أصبح اليمن أكثر فتكاً من ذي قبل. في بيان أصدرته وزارة الداخلية اليمنية التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، أعلنت الأخيرة أنّ "ميليشيات الخيانة انتهت وتمّ قتل زعيمها". بهذا البيان، يشير الحوثيّون إلى أنّهم حكام صنعاء الحقيقيين وأنّ أي ساعين محتملين آخرين للسلام سيواجهون عواقب مميتة إذا تحدّوهم. ما جرى هو ضربة هائلة لآفاق السلام التي ظهرت حين انفصل صالح عن الحوثيين. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى سحق الأرواح المنهزمة أصلاً لملايين اليمنيين الذين عانوا ويستمرّون في المعاناة من الأمراض والحرمان والجوع تحت حكم الحوثيين. لذلك، إنّ الأمل في التخفيف من تلك المعاناة تمّ تأجيله إلى أجل غير مسمّى.

إيران وتسريع دورات العنف
وأوضحت الصحيفة أنّ ما يجري في اليمن ليس منفصلاً عن الأمن الأوسع للشرق لأوسط. إنّ المآسي التي يواجهها اليمن ليست خاصة باليمن وحده وهي ليست كابوساً محصوراً داخل حدود تلك الدولة. ما يحدث هو واحد من الأزمات العديدة التي هندستها إيران كجزء من مشروع أكبر لسيطرتها على المنطقة. كما قال يوم السبت مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، الجنرال أتش آر ماكماستر، إنّ طهران تستمرّ في تغذية وتسريع دورات العنف على امتداد الشرق الأوسط "كي تستغل الفوضى والدول الضعيفة كي تجعلها معتمدة على إيران". 

تحت حكم الحوثيين، أصبح اليمن منصة إطلاق صواريخ إيرانية ضدّ من تراهم أعداء لها، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما الدولتان اللتان قدّمتا تضحيات كبيرة، بشريّة ومادّيّة في الصراع من أجل إعادة الحكم إلى الحكومة الشرعيّة. لكن بحسب ما أظهرته عملية اغتيال صالح، فإنّ الصراع من أجل استعادة الشرعية هو صراع لا يمكن الاستسلام فيه.