"المشن" زعيم حوثي في عاصمة سبأ وقوات الأحمر قد لا تنفذ الأوامر..

تحليل: "مأرب السبئية".. من يحكمها اليوم وغدا؟

قيادات عسكرية إخوانية في مدينة مأرب اليمنية

قسم الرصد والتحليل في "اليوم الثامن" (عدن)

لا تزال محافظة مأرب السبئية تعاني من نفوذ وممارسات حزب الاصلاح ومليشيات الحوثي، حيث يتقاسم الطرفان السيطرة على مأرب، في حين يشكو ابناء مارب الأصليين من الاقصاء والتهميش خاصة الذي تمارسه جماعات الاصلاح التي لجات الى مأرب بعد هروبها من صنعاء، فأبناء مأرب يطالبون منذ ثلاثة أعوام بتمكينهم من قيادتها وتغيير كل القيادات التي تم تعيينها في مناصب مدنية بأوامر عسكرية من علي محسن الاحمر وهيئة الاركان العامة.

وشكا ابناء مأرب من اعمال فساد داخل مكتب الجوازات، وفي نفس الوقت أكدوا ان هناك حوثيين يديرون المكتب ويسيطرون عليه ولا يبدي مسؤولي الاصلاح أي اعتراض على ذلك، مما يؤكد ان مأرب تتعرض لمؤامرة من الاصلاح الذي يتحالف سريا مع الحوثيين .

وقال ناشطون بمأرب إن جوازات مأرب وكر للفساد ونهب الايرادات وفيها يعمل عدد من عناصر الحوثيين ومدير جوازات مأرب المكلف عبدالسلام البشير يدير عصابة بما تعنيه الكلمة وقام بنهب اكثر من 140 مليون ريال يمني قيمة اكثر من 18الف جواز تم قطعه من مأرب ولم يورد ريال واحد للبنك المركزي".

وأكدوا في منشورات بمواقع التواصل الاجتماعي ان البشير  لم يورد ريال لأي جهة حكومية ويتم تقسيم ايرادات الجوازات بينه وبين عصابات معروفة، على رأسها  محافظ مأرب ورئيس مصلحة الهجرة والجوازات، الذين يتحملون المسئولية الكاملة  عما يحصل في جوازات مأرب وفي كل مكاتب المحافظة من فساد مستشري وتردي وتحويل تلك المكاتب الى عصابات .

متظاهرون مأربيون يتعرضون لإعمال قمع وحشة أمام مقر الشرطة المحلية في مأرب، على خلفية رفضهم قرار تعيين مديرا للشرطة من الطائفة الزيدية، ومقرب من جماعة الحوثيين، ما ادى إلى سقوط قتلى وجرحى.

خبر تناولته وسائل إعلام يمنية وعربية، الأمر الذي يتطلب بحث خلفية الصراع في شمال اليمن والذي تحول إلى صراع طائفي، فالمأربيون (الشوافع) يقولون إن الطائفية الزيدية باتت تتحكم في مأرب واقصت أبناء المحافظة الغنية بالثروات النفطية.

محافظة مأرب

مأرب هي إحدى محافظات الجمهورية اليمنية، تقع إلى الشمال الشرقي من العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بحدود (173) كيلو متراً، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته (1.2%) من إجمالي سكان الجمهورية، وعدد مديرياتها (14) مديرية، ومدينة مأرب هي مركز المحافظة.

 و تتصل المحافظة بمحافظة الجوف من الشمال ومحافظات شبوة والبيضاء وحضرموت من الجنوب والشرق، ومحافظة صنعاء من الغرب.

 وتبلغ مساحة مأرب حوالي (17405)كم2 تتوزع في (14)مديرية وتعتبر مدينة مأرب العاصمة أكبر مساحة.

بلغ إجمالي عدد السكان المقيمين في المحافظة(238.522) حسب تعداد 2004م ومعدل النمو2.72.

 وبحسب توقعات 2009 فقد بلغ عدد السكان حوالي (271,855) نسمة.

يوجد في محافظة مأرب أكبر محطة غازية لتوليد الطاقة الكهربائية في اليمن وهي محطة مأرب الغازية.

كما يوجد في مأرب بعض المعادن من أهمها الجرانيت، الاسكوريا، الملح الصخري، الجبس، الرخام والتلك.

 وتعد محافظة مأرب أولى المحافظات اليمنية التي اكتشف فيها النفط، وبدأ إنتاجه في عام 1986، وكذلك تم اكتشاف الغاز المسال.

ومن أهم معالمها السياحية سد مأرب القديم ومعبد الشمس ومحرم بلقيس، وأهم مدنها صرواح وحريب.

 و لقد أثبتت الدراسات والأبحاث الأثرية أن الإنسان قد أستوطن أراضي مأرب منذ عصور غابرة، فهناك بقايا مواقع العصور الحجرية في شرق مدينة مأرب في صحراء رملة السبعتين ، وهناك المقابر البرجية في منطقة الرويك والثنية والتي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ، أما بالنسبة للمواقع التاريخية والتي يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من مطلع الألف الأول قبل الميلاد وحتى فجر الإسلام فهناك الكثير منها يأتي في مقدمتها موقع مدينة مأرب القديمة والسد.

وقد شهدت هذه الأراضي قيام واحدة من أعظم الدول اليمنية القديمة هي مملكة سبأ التي بـدأت في الظهور في مطلع الألف الأول قبل الميلاد، وقد شهدت في القرون الممتدة من القرن التاسع إلى القرن السـابع قبل الميلاد نشاطاً معمارياً واسعاً، شيدت خلالها المدن والمعابد، وأعظم منشآتها سد مأرب العظيم الذي وفر للدولة ومنحها صفة الاستقرار.

نشـأت الدولة السبئية نتيجة لاتحـادات قبليـة كانـت تقطن أراضي صـرواح ومأرب ووادي رغوان … وبعض أجزاء من الهضبة، وقد تزعمت وهيمنت قبيلة سبأ الكبيرة على بقية القبائل الصغيرة بالمقارنة معها، وضمتها تحت جناحها، فأعطت للدولة اسمها (سبأ) "موسوعة. 

مأرب اليوم

كانت مأرب السبئية هي أحد أبرز مطامع الانقلابيين في صنعاء "الحوثيون"، لكنهما اجلا  اجتياحها ، إلى بعد احتلال الجنوب، حيث ان الانقلابيين في صنعاء، كانوا يعتقدون أن مأرب ليست بعيدة ولا صعبة في احتلالها، فالمهمة في الجنوب أكبر من مأرب التي يمتلك فيها زعيم الحوثيين الكثير من الولاءات، القبلية والعسكرية التي تجعلها خاضعة له دون قتال، حيث تعتبر قبائل السادة الهاشميين في مأرب من ابرز المناصرين للحوثيين.

أتت عاصفة الحزم التي أطلقها التحالف العربي بقيادة السعودية، لتربك ما كان يخطط له الانقلابيون في صنعاء، بالجنوب الذي شهد انتفاضة شعبية لمواجهة الغزاة الجدد قبل ان تأتي الغارات الجوية لترسم النهاية للانقلابيين في الجنوب، لكن الانقلابيين ظلوا يتحكمون اجزاء واسعة من مأرب من بينها بلدة صرواح التي لا تزال الى اليوم تحت قبضتهم، حيث يمتلكون في هذه البلدة أقوى التحالفات القبلية والعسكرية.

اتخذت الحكومة الشرعية في شمال اليمن مدينة مأرب العاصمة مقراً لها، وهو ما ساهم في تزايد عدد النازحين والفارين من نيران الحوثيين صوب العاصمة السبئية التي احتضنت اليمنيين الشماليين الفارين من الحرب او الباحثين عن التجارة التي ازدهرت في مأرب دون غيرها من المدن اليمنية، حيث وفرت الحكومة الشرعية الكهرباء ومقومات الحياة ناهيك ان الاطراف التي حكمت مأرب جعلتها أكثر استقرارا دون غيرها حتى لا يصبحها معقلها الوحيد وأهم مهددا من أي طرف.

عجزت القوات الحكومية على الرغم من الدعم السخي الذي قدمه تحالف دعم الشرعية، وظلت بلدة صرواح في مأرب محتلة من قبل الحوثيين، فيما ذهبت الحكومة الشرعية للحديث عن تحرير صنعاء طوال السنوات الثلاث الماضية في حين ان تحالفات الحوثيين في مأرب تجعل اجتياز فرضة نهم أصعب بكثير من تحرير تلال بلدة صرواح.

شعرت السعودية في وقت مبكر أن حلفاء التحالف في مأرب غير جادين في الحرب ضد الانقلابيين في صنعاء، وهو ما دفعها إلى الدفع بالجنرال العسكري علي محسن الأحمر الذي صوره مستشارو الرياض أنه الرجل القادر على تفكيك الحزام القبلي لمأرب، إلا ان الأحمر لم يحقق للرياض ما كانت تأمله، فصرواح ظلت عصية على الشرعية كما ان فرضة نهم تحولت إلى معسكر لقوات أسسها الإخوان على اساس طائفي، والكثير من قادتها يتهمون بتهريب الأسلحة للحوثيين التي تأتي من عمان أو التي تبيعها القوات لهم.

 وأتهمت قوات جنوبية كانت تقاتل في بلدة البقع بصعدة قوات الجنرال المقال محمد المقدشي ببيع اسلحة التحالف للحوثيين عقب اكتشافها لتلك الأسلحة بحوزة الانقلابيين الذين قتلوا برصاص القوات الجنوبية.

تركت القوات العسكرية في مأرب بلدة صرواح، وذهبت نحو استعادة صنعاء، في اجراء وصفه عسكريون بأنها خطة عسكرية سخيفة الهدف منها استنزاف التحالف العربي بحروب عبثية، فصنعاء التي قال رئيس هيئة الاركان العامة السابقة الجنرال محمد علي المقدشي انها باتت على بعد 20 كيلو متر  من صنعاء العاصمة، في حين ان بلدة صرواع في مأرب لا تزال بيد الحوثيين، وهو الأمر الذي يقول قادة عسكريون إنه يكشف حجم الخداع الذي مارسته قوات المقدشي الذي عزلته الرياض مؤخرا من منصب رئيس الأركان العامة وأوكلت المهمة إلى قائد عسكري زيدي بهدف تفكيك ما فشل في تفكيكه الأحمر "نائب الرئيس اليمني"، والمتمثل في تفكيك "الحزام القبلي الزيدي"، غير ان هذا الحزام يوجد فيه قادة موالون للحوثيين وابرزهم اللواء مبارك المشن الذي نصبه الحوثيون قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة في مأرب، نظير وقوفه إلى جانبهم والتصدي للقوات الحكومية من استعادة بلدة صرواح.

من هو مبارك المشن؟

اللواء مبارك المشن والمعروف في مأرب بأن زعيم جماعة الحوثي والرجل المقرب لعبدالملك الحوثي، فمأرب السنية أصبح فيها اللواء المشن القائد الأمين للأقلية الشيعية التي يناصرها منذ أكثر من عقد.

يحظى اللواء مبارك المشن الزايدي الجهمي،  بأهتمام إعلامي إيراني فهو الرجل الذي بفضله بقت بلدة صرواح في قبضة الموالين لطهران.

تقول صحيفة إيرانية "يُعدّ المشن من أبرز مشائخ قبيلة جهم المسيطرة على مديرية صرواح في محافظة مأرب، والأكثر نفوذاً في أوساط قبيلته. التحق بالقوات المسلحة أواخر سبعينات القرن الماضي ويحمل رتبة عميد،  كان من ضمن قيادات الجيش اليمني المرابطة في جزيرة كمران الواقعة في الساحل الغربي لليمن، إلا أنه انتقل من العمل العسكري إلى الأمني مطلع تسعينات القرن الماضي وتم تكليفه بإدارة الملف الأمني في محافظة الجوف كمدير للأمن فيها،  وإثر خلاف حصل بينه وبين قائد الأمن المركزي حينها، اللواء الراحل محمد عبد الله صالح، شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تم عزل المشن من منصبه".

اعاده الحوثيون مرة أخرة  للعمل العسكري كقائد للمنطقة العسكرية الثالثة الموالية لـ«حلفاء إيران في اليمن».

خاطف الأمريكان

عرف عن  مبارك المشن مطلع تسعينات القرن الماضي، كأول من قام بعملية إختطاف للأجانب في اليمن، حيث أقدم المشن عام 1990 على اختطاف الملحق الثقافي الأمريكي، وهي الحادثة التي يتحدث عنها المشن بفخر واعتزاز لأنها،  وبأنها  كانت «الخيار الوحيد» لإثبات براءته من التهمة التي وجهها له الرئيس صالح، وقد فصله صالح بتهمة التورط بالتجسس لدول أجنبية.

واعاده الحوثيون مرة أخرى ليرتدي الشيخ القبلي بزته العسكرية بعد عقود زمنية ليعود إلى الواجهة كقائد عسكري

تأييد «حلفاء إيران».

تقول الصحفية "في زمن كان فيه تأييد «أنصار الله» يُعدّ «جريمة جسيمة»، أعلن الشيخ المشن من مضارب قبيلة جهم تأييده الحركة، واتجه على رأس وفد قبلي كبير إلى محافظة صعدة ليلتقي زعيمها، عبد الملك الحوثي، وقيادات أخرى".

قائد جبهة صرواح

المشن الذي ينحدر من قرية الكوث، الواقعة في عمق مضارب قبيلة جهم بمديرية صرواح في محافظة مأرب، يتجاوز عمره الـ65 عاماً، ويُعدّ من المشائخ البارزين الذين انخرطوا في صفوف «الحوثيين» منذ عام 2010، قبل ان يعود إلى الواجهة كقائد عسكري تقلد مهمة قيادة جبهة مديرية صرواح التي ينتمي إليها، قبل ان يكلفه زعيم الحوثيين بقيادة المنطقة العسكرية الثالثة ويختاره عضوا في المكتب السياسي الأعلى للحوثيين.

لمن مأرب اليوم؟

وجه الرئيس اليمني المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي، القوات العسكرية الموالية للشرعية في مأرب بالتحرك ناحية صنعاء، إلا ان هذا التحرك لم يلق اي تجاوب حتى اليوم منذ اغتيال الحوثيين للرئيس صالح في صنعاء واعدام أكثر من 1700 مسؤول وقيادي أمني في صنعاء وحجة ومحافظات أخرى.

وأطلق هادي عملية "صنعاء العروبة"، وتناقلت وسائل إعلام يمنية عن ان سبعة ألوية تحركت من مأرب باتجاه صنعاء، إلا ان مصادر عسكرية أكدت لـ(اليوم الثامن) "إن جبهة نهم هدأت منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول)  الجاري،  فيما يقول الحوثيون إن الكثير من القبائل اليمنية في محيط صنعاء اعلنت الولاء للجماعة الإيرانية.

وأعربت مصادر يمنية وثيقة في الرياض عن خيبة أملها في القوات العسكرية التي يقودها حليف الرياض "الأحمر" في مأرب.. مؤكدة ان تلك القوات سوف تتمرد ولن تقبل ان تخوض قتالا حقيقيا ضد الحوثيين في صنعاء.

ضابط جنوبي في مأرب قال لـ(اليوم الثامن) "نستبعد ان تنفذ قوات مأرب توجيهات الرئيس بالتحرك صوب صنعاء، نحن هنا نلتمس حالة من الرفض او العصيان للأوامر العسكرية، حتى الأسلحة التي أصبحت بحوزة هذه القوات من الصعب سحبها، الأمر يبدو مقدمة لخيانة كبيرة قد تحدث، لا شيء مستبعد".

وقال مصدر مسؤول في الحكومة الشرعية "إن قوات الجيش الوطني في مأرب تأتمر بأمر الرئيس هادي، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي يمتلك القرار بتحريك القوات صوب صنعاء لاستعادتها من قبضة الحوثيين".

وبشأن التأخير في انطلاق عملية صنعاء العروبة قال المصدر لـ(اليوم الثامن) "الجيش يجري استعدادات مكثفة لذلك، ومنتظر الدعم المالي والعسكري الذي قد يصل من السعودية خلال اليومين القادمين لانطلاق عملية صنعاء العروبة والتي من المتوقع ان تتوقف في ضواحي صنعاء بعد ان يتم استعادتها من الحوثيين واعادتهم الى كهوف مران".

إن التحالفات التي نشأت اثر الازمة مع قطر قد ساهمت في رفض القوات الموالية للشرعية من خوض اي قتال حقيقي ضد حلفاء إيران، فالدوحة التي باتت صديقة حميمة لطهران، لا يمكن للموالين لها في اليمن ان يقاتلوا الحوثي وهم من يمتلكون نفوذا قويا في مأرب الخاضعة لسيطرة تنظيم الإخوان المسلمين.

ويبدو أن ازاحة صالح من المشهد السياسي في اليمن (بإعدامه) من قبل الحوثيين، قد أكد على التقارب بين قطر وإيران وحلفائهما في اليمن (الإخوان وإنصار الله)، فالمهمة تبدو صعبة، ولا أحد يعرف من يمتلك اليوم قرار تحريك قوات مأرب.

فالرئيس هادي الذي يتحكم الإخوان في مكتبه قد ترفض توجيهاته بتحريك القوات المأربية لتحرير صنعاء، وهو ما يدفع التحالف العربي إلى القيام بخيارات بديلة، خاصة في اعقاب اتهام مكتبه بالتواصل مع النظام القطري من داخل العاصمة السعودية.

عاصمة الإخوان قد تصبح قريبا خارج سيطرة التحالف العربي والحكومة الشرعية، ولا يستبعد ان تصبح مدينة خاضعة لنفوذ إيران، وهو ما يعني ان أسلحة التحالف العربي التي قدمت للجيش الوطنية في عاصمة سبأ بيد الحوثيين، فجبهة صنعاء هي الاختبار الأخير لجدية قوات مأرب في تحرير صنعاء، وكذا مقدرة الحكومة الشرعية على التحكم في قرار الجيش الوطني في شمال اليمن، قبل ان تصبح هذه القوات تقاتل في جبهة واحدة مع الحوثيين ضد السعودية.