نزعة جهوية وطائفية..

موقع عربي يستعرض جزءاً من سيرة الحوثيين الإجرامية

ملابس مدنيين قضوا في البحر إثر استهدافهم بقذيفة حوثية في عدن

24 (أبوظبي)

لسنوات طويلة ظل الحوثيون يرفعون شعارات تزعم تعرضهم للظلم والقتل والتنكيل على يد قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ولم يدرك اليمنيون أن هذه الجماعة التي تمردت على الحكومة في اليمن في 2004، ستصبح تمارس الإجرام في أبشع صوره.

وغزا الحوثيون مدن جنوبي اليمن، وكانوا يرفعون شعارات "الوحدة أو الموت"، وسقط من اليمنيين آلاف الضحايا والجرحى والنازحين، حصيلة الإجرام الحوثي، قبل أن يعودوا إلى شمال اليمن لممارسة الجرائم الأبشع.

وفي مطلع مايو (أيار) 2015، قتل الحوثيون العشرات من النساء والأطفال، خلال محاولتهم النزوح من حي التواهي الذي أمطره الحوثيون بقذائفهم، والذي يتبع محافظة عدن.

من هم الحوثيون وكيف بدأوا؟
لم يعرف اليمنيون كثيراً عن حركة الشباب المؤمن التي تشكلت في بلدة ريفية بصعدة في شمال اليمن، والتي أصبحت بعد ذلك، حركة تجتاح البلاد وتحتلها وتمارس القتل البشع بحق المدنيين.

وكانت اندلعت أولى الحروب بين القوات اليمنية (الجيش) والمتمردين الحوثيين في 2004، ومنذ ذلك العام، لازمتهم تسمية "المتمردون الحوثيون"، وتكررت الحرب ست مرات.

واعتقد اليمنيون أن التمرد المدعوم من إيران سيزول وينتهي ليبدؤوا حياة جديدة ينعمون فيها بالأمن والاستقرار، لكن الحوثيين دشنوا مرحلة جديدة من القتل والتنكيل والإجرام بحق كل من يعارض أو ينتقد الجماعة، فالمشانق جاهزة لمن ينتقد "أنصار الله"، ولو كان ذلك بصورة في هاتف خلوي، فإن مصيره الموت ولا شيء دون ذلك.

وكان الحوثيون يرفعون شعار أنهم مظلومون وأنهم محاربون بفعل الشعائر الدينية التي كانوا يمارسونها.

وفي الـ9 من مارس (آذار) بثت قناة BBC العربية فليماً يوثق حركة الحوثيين وتمددهم من الجبل إلى السلطة في صنعاء ومحاولة السيطرة على كل المدن اليمنية والجنوب.

وتقول معدة التقرير الصحافية صفاء الأحمد: "أنه من المعروف أن الحركة الحوثية المسلحة انبثقت من مخاض الصراع المسلح مع القوات الحكومية، لكن جذورها العقائدية تعود إلى كونها جزءاً من المذهب الزيدي، أحد امتدادات الإسلام الشيعي، لكنه يعتبر أقرب، من الناحية الفقهية، إلى الإسلام السني، ويتسم المذهب الزيدي تاريخياً بطابع التمرد على الظلم، الذي تعود جذوره إلى ثورة الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، في الكوفة، ضد الدولة الأموية في القرن الثامن الميلادي، ومقتله على يد والي الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك".

ولعبت عوامل كثيرة ومتداخلة في تبلور الظاهرة الحوثية، منها العقائدي والسياسي والتاريخي والجغرافي، ومنها ما هو مطلبي يتعلق بحقوق السكان في المناطق ذات الغالبية الزيدية.

وبدأت تلك الظاهرة في أطوارها الأولى في بداية التسعينيات مع تشكيل أول حركة باسم "الشباب المؤمن"، بدافع التهميش الذي تعاني منه مناطق الزيديين، واتخذت في بادئ الأمر طابعاً دينياً للبحث والتدريس ضمن إطار المذهب الزيدي.

وبعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وما تلاه من أحداث كغزو العراق، طور زعيمهم، حسين الحوثي، نهجاً جديداً جمع بين "إحياء العقيدة" و"معاداة الإمبريالية"، متأثراً بالأفكار العامة للثورة الإسلامية في إيران.

وتبلورت الظاهرة كحركة مسلحة في 2004، في غمرة المواجهات مع القوات الحكومية، وهو العام الذي قتل فيه حسين الحوثي ليخلفه أخوه الأصغر عبدالملك الحوثي في القيادة، واتخذت الحركة أسماء مختلفة حتى استقرت في النهاية على اسم "أنصار الله".

وكانت الحركة الشيعية مع كل تمدد لها ترفع شعار المظلومية، وأنها تعرضت للظلم والتدمير والقتل علي يد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي تحالف مع الجماعة قبل أن تعدمه رمياً بالرصاص، عندما حاول إيقاف استفزازاتها له، في الـ19 من سبتمبر (أيلول) 2014، وتمكن الحوثيون وبتسهيل من قوات صالح والأحمر، من دخول صنعاء واحتلالها عقب مواجهة محدودة مع جنود في قوات الفرقة الأولى مدرع.

وفي الـ19 من يناير (كانون الثاني) 2015، نفذ الحوثيون انقلاباً على الرئيس هادي دفعه إلى تقديم استقالته إلى مجلس النواب الذي لم يبت فيها، ليتمكن من الهرب من صنعاء إلى عدن العاصمة المؤقتة، ليسحب استقالته ثم يعود كرئيس شرعي مدعوم من قوى إقليمية ودولية.

انقلاب عسكري في عدن
وقبل مغادرة الرئيس هادي لصنعاء والعودة إلى عدن، كان الحوثيون قد بدؤوا فعلياً للتحضير لاجتياح جنوب اليمن، الذي كان هدفهم الرئيسي حتى وإن لم يهرب إليها الرئيس هادي الذي فرضوا عليه الإقامة الجبرية.

وفي الـ21 من فبراير (شباط) 2015، وصل الرئيس هادي إلى عدن لعودة ممارسة مهامه كرئيس لليمن.

وكان وصول هادي إلى عدن لكي يعيد ترتيب الأوراق من جديد، لكن بوادر انقلاب عليه من عدن كانت قد بدأت فعلياً، وهو ما دفعه لإقالة قائد قوات الأمن الخاصة الموالي للحوثيين، لكن الأخير رفض وتمرد على القرار لأسابيع قبل أن يدشن فعلياً انقلاباً مسلحاً على الرئيس هادي، وخاضت اللجان الشعبية وقوات الجيش الوطني معارك ضد تلك الميليشيات المتمردة انتهت بهزيمة السقاف ورحيل ما تبقى من قواته.

واستقبل اليمنيون خبر إنهاء تمرد قوات السقاف بحالة من الفرح، فالرجل مارس القتل لسنوات بحق أهالي الجنوب وقتلت وجرحت قواته العشرات بينهم نساء وأطفال.

في الـ21 من مارس (آذار) من نفس العام، أعلن الحوثيون التعبئة العامة في صفوف مليشياتهم والقوات والقبائل الموالية لهم، استعداداً لاجتياح جنوب اليمن.

وفي الـ24 من مارس (آذار) 2015، دشن الحوثيون حربهم لاجتياح جنوبي اليمن، وعقب مناوشات للمقاومة، كانت قوات عسكرية ينتمي غالبيتها إلى الشمال الزيدي، قد انقلبوا على شرعية الرئيس هادي ووجهوا فوهات مدافعهم ودباباتهم صوب المدافعين عن عدن، ليتم قصف قاعدة العند التي سقطت لاحقاً بيد القوات الموالية للحوثيين.

وبقوة اقتربت تلك القوات من مدينة الحوطة بلحج، في حين أن خلايا نائمة في عدن تمكنت من الخروج وخوض مواجهات مع المقاومة الجنوبية التي هبت للدفاع عن عدن، لتنتصر لاحقا وتجبر الحوثيين على الفرار من عدن صوب شمال اليمن.

ولم يجد الحوثيون أي تبرير لاجتياح مدن الجنوب، الذي كانوا يقرون بأن له قضية منفصلة عن قضية اليمن الشمالية، لكنهم أعلنوا تحالفهم مع من كانوا يطلقون عليه "تحالف 7 يوليو" (حزيران)، والذي احتل الجنوب في منتصف تسعينات القرن الماضي.

وفي الـ31 من مارس (آذار) 2014، كان محمد البخيتي وهو قيادي حوثي، يقر بأن هناك حقائق تاريخية قال إنها تعطي بعداً أخلاقياً  لمطالبة الجنوبيين "بفك ارتباط" جمهوريتي "اليمن" و"اليمن الديمقراطي" التي توحدتا في 1990.. معتبراً تلك الحقائق تعطي الجنوبيين الحق للكفر بالوحدة.

لكنه لم يتحدث لاحقاً عن الحق الذي جعل الحوثيين يمارسون القتل والتنكيل بحقهم.

الحوثيون يقتلون المدنيين في عدن
في الـ30 من مارس (آذار) 2015، وحين كان المساء حل على مدينة عدن، بدأت القوات الحوثية بقصف مساكن المدنيين، ونحو 13 شهيداً أغلبهم من النساء والأطفال كانوا ضحية القصف الحوثي على حافلة ومنازل في مدينة خور مكسر.

وقاتل اليمنيون في عدن، دفاعاً عن بلادهم ضد الغزو الحوثي، خصوصاً وأن محافظات شمالية لم تعلن حينها أي موقف لها من الحرب على الجنوب باستثناء البيضاء التي أعلنت القبائل فيها مقاومة الوجود الحوثي ولا تزال إلى اليوم.

ويقول يمنيون "ليس بمقدور الحوثيين السيطرة على عدن وحكمها بالحديد والنار، فعلى الرغم من أن علي عبدالله صالح الذي اجتاح الجنوب المشتت بفعل الحرب الأهلية التي حصلت في عدن، إلا أن اليمنيين استطاعوا الخروج لرفض الاحتلال الحوثي لبلادهم، وهزيمته عسكرياً بدعم التحالف العربي".

وارتكب الحوثيون مجازر بشعة بحق المدنيين في عدن وأبين والضالع، وسقط عشرات آلاف المدنيين الذين قتلوا وجرحوا برصاص الحوثيين.

يقول ناشطون حقوقيون تحدثوا لـ24: "إن ضحايا الحرب الحوثية على جنوب اليمن بالآلاف، أغلبهم نساء وأطفال"، متهمين المنظمات اليمنية والدولية بعدم البحث بشكل جدي عن إحصائيات الضحايا الذين قتلوا بنيران الحوثي في عدن وأبين وبقية المحافظات الجنوبية.

وفقد الكثير من المدنيين أطرافهم وعيونهم جراء الحرب التي كان الحوثيون يقصفون فيها عدن بشكل عشوائي، ولم يسمحوا حتى للنازحين بالفرار، حيث لاحقتهم قذائف الحوثي إلى عرض البحر.

وكان اليمنيون يعتقدون أن الجرائم الحوثية فقط في الشمال، نظراً للنزعة الانفصالية التي تمارسها المليشيات الطائفية، إلا أن ما حدث مؤخراً في صنعاء بات يؤكد النزعة الطائفية لهذه الجماعة التي يصفها يمنيون بالسلالية.

وتفيد مصادر عديدة في شمال اليمن لـ24: "أن نحو 1700 شخص من الموالين للرئيس صالح، أعدموا منذ الإثنين الماضي حتى اليوم، أغلبهم في صنعاء العاصمة ومحافظة حجة".