تخيير الأسماء العصرية والغربية..

لغة الضاد غريبة في شوارع القاهرة

ثقافة جديدة في الشارع المصري

ناهد خزام (القاهرة)

تقدم جولة سريعة على أسماء المحال التجارية في وسط العاصمة المصرية القاهرة، صورة مختصرة عن الحال الذي وصل إليه الاستخدام العام للغة العربية في هذه المدينة.

ولا يقتصر الأمر على وسط القاهرة وحدها، بل يمتد أيضا إلى ضواحيها وأحيائها البعيدة، ففي حي المهندسين غرب القاهرة، وهو أحد الأحياء الراقية نادرا ما تصادف اسما عربيا لأحد المحال التجارية.

وقال صاحب مقهى كوستا، وهو أحد المقاهي الشهيرة في هذا الحي إنه لجأ إلى تسمية المقهى بهذا الاسم لا لشيء إلا لأنه اسم مميز يعود إلى عصر انتشار الخواجات في القاهرة قادمين من بلدان أوروبية.

أما صاحب مقهى أفتر إيت في وسط القاهرة، فيرى أن الاسم الغربي له وقع خاص على الأذن، مضيفا أن “معظم زبائني هنا من بين المثقفين والطبقة المتعلمة، وهم يتفهمون مغزى الاسم جيدا، ولم أواجه أي اعتراض من قبل على ذلك الاسم”. وتنتشر على بعد أمتار قليلة من مقهى أفتر إيت العشرات من المحال التجارية التي تبيع الملابس والأحذية وأدوات الزينة، ومعظمها يحمل اسما غربيا بالأساس.

ولا يمثل الأمر قاعدة بالطبع، ففي شارع شامبليون، وقريبا من المتحف المصري في ميدان التحرير توجد قاعة مشربية للفنون، غير أن المفارقة هنا أن صاحبة القاعة ستيفانيا أنجرانو هي سيدة إيطالية تقيم في القاهرة منذ منتصف التسعينات تقريبا.

وأفادت أنجرانو أنها حين استقرت في القاهرة وبدأت التفكير في فتح قاعة للفن فكرت في البداية في اسم إيطالي، لكنها تراجعت عن الفكرة وقررت تسمية القاعة باسم مشربية، وهو اسم له علاقة بالتراث العربي ويحمل وقعا جيدا على الأذن. وترى أن الأسماء العربية لها سحرها الخاص عند الزائر الغربي.

وتحرص على كتابة اسم القاعة واضحا باللغة العربية على الواجهة وعلى المطبوعات الخاصة بالقاعة، وهو أمر يبدو غريبا إذا ما قورن بالقاعات أو المحال الأخرى القريبة. فحتى هذه المحال التي تحمل أسماء عربية يفضل أصحابها كتابة أسماء محالهم بالحروف اللاتينية الواضحة، بينما يكتب الاسم العربي بحجم أصغر إلى جواره على نحو لا يكاد يرى.

وهناك من يرى أن سبب تزايد الاعتماد على الحروف اللاتينية في الشارع المصري، هو المواقع الاجتماعية، إذ يحبذ الكثيرون استخدام اللغة الإنكليزية في التواصل على هذه المواقع، حتى أن هناك ظاهرة جديدة بدأت مع انتشار هذه المواقع، وهي ظاهرة الـ”فرانكو آراب” وهي لغة هجينة تتم فيها كتابة الكلمات العربية بحروف لاتينية، وكلها عوامل مؤثرة بالطبع في الثقافة العامة للشارع المصري.

وقال محمد الرشيدي، أستاذ تربية، إن أول قانون لحماية اللغة العربية في مصر صدر عام 1942، وكان يتضمن عقوبات وغرامات على أصحاب المحال التجارية الذين يستخدمون الحروف اللاتينية لكتابة أسماء محالهم، وقد أعقبت هذا القانون عدة قوانين أخرى، لكنها لم تفعّل.

ويظهر بعيدا عن القوانين بين الحين والآخر عدد من المبادرات الهادفة لحماية اللغة العربية وتوجيه المواطنين لكتابة لغتهم بشكل صحيح.

ومن بين أبرز هذه المبادرات على سبيل المثال مبادرة “أكتب صح” التي أنشأها حسام مصطفى، وهي مبادرة بدأت على موقع فيسبوك قبل سنوات بغرض المساعدة على الكتابة السليمة للغة العربية ورصد الأخطاء الشائعة في الكتابة على الشبكات الاجتماعية وفي الشارع المصري أيضا.