تعيد ترميم ميناء سواكن السوداني احياء لمجد مفقود..

محاولات تركية للتمدد أمنيا واقتصاديا وعسكريا في افريقيا

مساع لأردوغان لإيجاد موطئ قدم في الساحل الغربي للبحر الأحمر والتوسع عسكريا وتجاريا في افريقيا من بوا

وكالات (الخرطوم)

قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور الثلاثاء إن تركيا ستعيد بناء ميناء متهدم يرجع إلى أيام الإمبراطورية العثمانية على الساحل السوداني على البحر الأحمر وستقوم ببناء حوض بحري لصيانة السفن المدنية والعسكرية.

ويأتي هذا التطور في وقت تعمل فيه أنقرة على توسيع روابطها العسكرية والاقتصادية في أفريقيا.

وقال غندور إنه تم الاتفاق على تجديد ميناء سواكن خلال زيارة للميناء القديم قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال أردوغان في أول زيارة يقوم بها رئيس تركي للسودان إن تركيا حصلت بصفة مؤقتة على حق استغلال جزء من ميناء سواكن حتى يمكنها إعادة بناء المنطقة كموقع سياحي ونقطة ترانزيت للحجاج المسافرين إلى مكة عن طريق البحر الأحمر.

وأضاف أن صفقة سواكن واحدة من عدة صفقات تم الاتفاق عليها مع السودان تبلغ قيمتها الإجمالية 650 مليون دولار.

وكانت الولايات المتحدة قد رفعت في أكتوبر/تشرين الأول عقوبات كانت تفرضها على السودان الذي يسعى الآن لجذب الاستثمارات الدولية.

وصرح غندور للصحفيين بأن البلدين اتفقا أيضا على بناء حوض لصيانة السفن المدنية والعسكرية، مضيفا أنهما وقعا اتفاقا قد يؤدي إلى أي شكل من أشكال التعاون العسكري.

وتأتي هذه الاتفاقات بعد ثلاثة أشهر من فتح تركيا رسميا قاعدة تدريب عسكرية في الصومال بلغت كلفتها 50 مليون دولار في إطار سعيها لزيادة نفوذها في المنطقة.

وكان ميناء سواكن مرفأ رئيسيا في السودان أثناء خضوعه للحكم العثماني، لكنه تعرض خلال القرن الأخير للإهمال بعد إقامة ميناء بور سودان الواقع على مسافة 60 كيلومترا إلى الشمال منه.

وتحاول تركيا بإعادة ترميم ميناء سواكن ايجاد موطئ قدم في الساحل الغربي للبحر الأحمر ضمن جهود توسيع نفوذها أمنيا وتجاريا في افريقيا من بوابة السودان.

كما يبدو أن هذه الخطوة تأتي ضمن مساعي الرئيس التركي لإحياء أمجاد الامبراطورية العثمانية في المنطقة حيث أنه لميناء سواكن رمزية تاريخية كون المنطقة في حد ذاتها كانت تابعة مباشرة للخليفة العثماني في الاستانة وليس للحاكم في السودان أو مصر.

وبظهور الأتراك العثمانيين كقوة دولية كبرى وتمكنهم من بسط سيطرتهم على مناطق في آسيا وأفريقيا وأوروبا ومن بينها الشريط الساحلي للبحر الأحمر، غزا السلطان العثماني سليم الأول مدينة سواكن في سنة 1517 بعد احتلال قصير من قبل الفونغ.

وأصبحت المدينة مقرا لحاكم مديرية الحبشة العثمانية والتي شملت مدن حرقيقو ومصوع في إريتريا الحالية.

وفي عهد السلطان سليم العثماني ضمت سواكن لولاية الحجاز العثمانية، فيما استمر تجار سواكن في تعاملهم مع السلطنة الزرقاء حيث كان الفونغ يقومون بتجميع السلع والمنتجات من أواسط السودان ويوجهون القوافل التجارية إلى سواكن عبر سنار وكسلا ليتم تسويقها والتبادل عليها هناك مع التجار الأجانب ومن ثم شحنها تحت إشراف العثمانيين، إلا أن المدينة تدهورت تدهورا كبيرا في ظل الحكم العثماني بسبب سياسة التضييق التي مارسها العثمانيون في ما بعد على التجار الأوروبيين للحد من نشاطهم التجاري عبر طريق البحر الأحمر في محاولة لمحاربة الأطماع الأوربية في المنطقة.

وفي سنة 1540 حدث خلاف بين قائد الأسطول البرتغالي استيفانو دا غاما وحاكم سواكن وكانت السفن البرتغالية في طريقها من جيب جوا البرتغالي بالهند إلى خليج السويس بغرض مهاجمته والاستيلاء عليه وعندما وصلت إلى سواكن أحدثت دمارا على بنايات المدينة الأمر الذي أثار غضب العثمانيين فاصطدموا مع البرتغاليين.

وفي عام 1629 أصبحت سواكن قاعدة عسكرية للحملة العثمانية على اليمن.

ومن الواضح أن التوجه التركي الأخير للعمق السوداني مدروس ويكتسي أهمية أمنية وتجارية في الوقت الذي تواجه فيه تركيا تدن في علاقاتها مع دول حلف الناتو بما في ذلك علاقاتها مع الولايات المتحدة على خلفية الدعم الأميركي لأكراد سوريا الذين تعتبرهم أنقرة خطرا على أمنها القومي وتصنفهم ضمن الجماعات الإرهابية.

وقال أردوغان في الخرطوم الاثنين إن مدينة سواكن بعد تجديدها ستجذب الحجاج المتجهين إلى مكة الذين سيرغبون في التعرف على تاريخ الجزيرة مما يساهم في دعم قطاع السياحة السوداني.

وتابع "تصوروا أن الناس في تركيا الراغبين في أداء الحج سيأتون لزيارة المناطق التاريخية على جزيرة سواكن. ومن هناك سيعبرون إلى جدة بالسفن".

ومن الاتفاقات الأخرى التي تم توقيعها خلال زيارة أردوغان استثمارات تركية لبناء مطار جديد مزمع إقامته في الخرطوم واستثمارات للقطاع الخاص في إنتاج القطن وتوليد الكهرباء وبناء صوامع الحبوب والمجازر.

ونقل مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي عن أردوغان والرئيس السوداني عمر حسن البشير قولهما إنهما يهدفان إلى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى عشرة مليارات دولار.

وفي أكتوبر/تشرين الأول رفعت الولايات المتحدة حظرا تجاريا وعقوبات أخرى كانت سببا في عزل السودان عن جانب كبير من النظام المالي العالمي.

وكان وزير الدولة السوداني للاستثمار قال إنه يستهدف جذب استثمارات تبلغ عشرة مليارات دولار سنويا بالمقارنة مع مليار دولار فقط في 2016 وفق تقديرات الأمم المتحدة.