هل وقع رئيس الوزراء العراقي في فخ؟

فصائل الحشد الشعبي تتخلّى عن العبادي

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي

وكالات

لم يتمكن "ائتلاف النصر" الذي جمع رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي وفصائل الحشد الشعبي من الاستمرار أكثر من 48 ساعة، فتحالف "المنتصرين" على داعش تفكك، ما وضع رئيسه (العبادي) في موقف حَرج.

والآن، يحاول العبادي الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامية البحث عن حلفاء جدد من البيت الشيعي بعد انسحاب القوى الشيعية الأبرز (فصائل الحشد).

حلفاء العبادي من السنّة لا يشكلون قاعدة جماهيرية في مناطقهم المحررة يمكنها أن تساعده في الحصول على أصوات انتخابية كافية لدعم ائتلافه. فأبرز الشخصيات السنية التي انضمت إليه هي رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم ووزير الدفاع السابق خالد العبيدي.

العبادي بعيداً عن حزب الدعوة

اختلفت المواقف من التحالفات والائتلافات بين الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي ومجلس الشورى في الحزب. اعترض المجلس على تسجيل اسم الحزب في مفوضية الانتخابات باسم المالكي، وأبلغه أن منصبه "تشريفي"، لذا قرر الحزب في 13 يناير سحب مشاركته في الانتخابات، على أن تُترك لأعضائه حرية الترشيح في الائتلافات التي يرغبون في الانضمام إليها.

في اليوم نفسه الذي قرر الحزب سحب مشاركته في الانتخابات، أعلن العبادي تشكيل "ائتلاف النصر"، وقال حينذاك إنه "سيمضي بهذا الائتلاف قدماً في الحفاظ على النصر ومحاربة الفساد والمحاصصة"، رغم أن الائتلاف ضم ما يرى البعض أنه شخصيات متهمة ب"ملفات فساد" وعُرفت بدورها "المحاصصاتي" في العملية السياسية العراقية.

إعلان العبادي ائتلافه جاء بعد يومين من غلق مفوضية الانتخابات الأبواب أمام تقديم الكتل السياسية تحالفاتها، ولأنه لم يرضَ أن يكون في ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أعلن تشكيل ائتلاف خاص به، وبرئاسته.

ورغم أن مفوضية الانتخابات لم تعلن أي تمديد جديد بشأن التحالفات بعد الـ11 من يناير الجاري، فإن العبادي وبقية الكتل السياسية ما زالوا يمضون في البحث عن التحالفات، وهذا ما يشير إلى احتمال وجود تمديد للمهل غير معلن من مفوضية الانتخابات، خاصة أن الحديث عن تعرضها للضغوط من أجل التمديد مستمر.

لكن لا يوجد أي نص قانوني أو دستوري يحدد موعد التحالفات قبل الانتخابات التي ستجري في 15 مايو المقبل، لذا يبدو أن مفوضية الانتخابات ستقبل التحالفات الجديدة التي ستعلنها الكتل السياسية خلال الساعات أو الأيام القريبة.

تحالف الساعات

على عكس المتوقع، دخلت فصائل الحشد الشعبي الكبيرة في تحالف مع العبادي وانضوت تحت ائتلاف "النصر".

وهذه الفصائل هي بدر بزعامة هادي العامري وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وكتائب الإمام علي بزعامة شبل الزيدي، وكذلك حركة عطاء التي يترأسها مستشار الأمن الوطني العراقي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.

تجمعت في ائتلاف "النصر" كتل ورؤوس كبيرة، وهذا كان مؤشراً إلى أنه لن يستمر طويلاً وسيعود فريق المنتصرين عسكرياً إلى ائتلافهم الأساسي (الفتح) الذي يترأسه هادي العامري ويضم فصائل الحشد الشعبي.

وقال عامر الفايز وهو نائب في البرلمان العراقي ورئيس تجمع العدالة والوحدة الذي انسحب من ائتلاف العبادي إن "الانسحاب من ائتلاف النصر الذي ترأسه العبادي جاء بعد أن ضمن 68 حزباً سياسياً، وهذا ما وضعنا أمام زحمة الترشيح التي ستقلل من مشاركة الأحزاب".

وأضاف : "من أسباب الانسحاب الأخرى، وجود بعض الأشخاص الذين عليهم شبهة فساد بالإضافة إلى ذلك، فإن الائتلاف ضم الوجوه نفسها التي يجب أن تتغيّر".

وقال رئيس كتلة منتصرون فالح الخزعلي الاثنين في بيان إن "انضمام بعض المتورطين بالفساد دفعنا للانسحاب من ائتلاف النصر الذي يترأسه حيدر العبادي".

سليماني يشرف على بعض التحالفات

يبدو أن انسحاب فصائل الحشد الشعبي من ائتلاف العبادي قد وضع الأخير في زاوية ضيقة يحاول الآن أن يخرج منها، لكن هناك من يعتقد أنها لعبة خطط لها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

الجنرال الإيراني وصل إلى العاصمة العراقية بغداد، مثلما وصلها في السابق: لا زمان ولا مكان ولا أسباب الزيارة. تقول المعلومات إن "سليماني أشرف على تحالفات الكتل السياسية الشيعية، خاصة تلك المقربة من إيران".

بعد انضمام قوى الحشد إلى ائتلاف النصر بزعامة العبادي، حط سليماني رحاله في بغداد. كالعادة كانت زيارة سرية. وتقول مصادر إن "سليماني خطط لانسحاب الفصائل المقربة من إيران في خطوة لإسقاط العبادي".

يبحث العبادي الآن عن تحالف مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لكن وفد الأول الذي وصل الاثنين  إلى مدينة الحنانة في محافظة النجف حيث بيت الصدر، لم يتمكن من اللقاء به. وراجت معلومات عن رفضه اللقاء بأعضائه.

جاء رفض الصدر لقاء وفد العبادي بعد يوم من موقفه من انضمام قوى الحشد الشعبي إلى ائتلاف النصر، إذ أبدى تعجبه من تحالف العبادي مع ائتلاف "الفتح" الذي يترأسه زعيم منظمة بدر هادي العامري، ووصف الاتفاق بـ"البغيض والطائفي" وقال إنه يمهد لعودة "الفاسدين".

يعلق رئيس المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية واثق الهاشمي على موضوع تشكيل التحالفات وتفككها خلال الأيام الماضي بالقول: "التحالف السريع والتفكك الأسرع، يؤكدان عدم وجود إستراتيجية للأحزاب العراقية في ما يخص التحالفات".

ويضيف الهاشمي  أن "الارتباك السياسي الذي حصل في الأيام الأخيرة يؤكد عدم وجود استقرار في العملية السياسية العراقية".

هل وُرّطَ العبادي؟

ما إن أعلن العبادي انضمام فصائل من الحشد الشعبي لائتلافه، حتى غصت مواقع التواصل الاجتماعي بالكتابة ضده. حتى أولئك الذين ساندوه في خطواته السابقة، أثناء حديثه عن "الإصلاح"، انتقدوه، واعتبروه مثل سلفه نوري المالكي.

ووُجهت الانتقادات للعبادي خاصة من فئة المدنيين الذين تظاهروا سابقاً ضد الفساد والنخب الثقافية والإعلامية، وذلك نتيجة وجود شخصيات في ائتلافه عليها شبهات "فساد"، في وقت يجري الحديث عن وعود رئيس الحكومة في محاربة "الفاسدين".

ويبدو أن خطوات العبادي الأخيرة شكلت صدمة لأولئك الذين توقعوا أنهم سيتخلصون من سياسات "المحاصصة" التي نخرت في نظام الدولة العراقية.

ويقول المحلل السياسي مناف الموسوي لرصيف22 إن "تفكك التحالفات الأخيرة أثبت أن الإيرانيين لا يريديون العبادي، لأنهم لا يرونه قريباً منهم ولا بعيداً عن الولايات المتحدة الأمريكية".