العملة ورقة ابتزاز حكومية..

كيف أصبحت معركة صنعاء الاختبار الأخير لحكومة هادي؟

الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يستمع باهتمام الى مسؤول خليجي

قسم الرصد (عدن)

لم تدرك القاضية والقيادية المؤتمرية وداد حميد الدين أن مصيرها سيكون نفس مصير الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيون مطلع ديسمبر من العام المنصرم، وبرصاص تلك المليشيات التي قتلت الرئيس صالح.

مسلحون من المليشيات الموالية لإيران تقتحم منزل القاضية وداد وتطلق عليها وابلا من الرصاص أسفر عن مقتلها على الفور وفق مصادر عديدة، في واقعة يقول  يمنيون إنها جريمة جديدة تضاف الى السجل الطويل للجرائم التي يرتكبها الحوثيون منذ نحو شهر في صنعاء العاصمة.

وامام هذه الجرائم، شددت منظمات حقوقية وناشطون في اليمن على ضرورة تحرير صنعاء ودفع المليشيات الحوثية خارجها، ترافق هذه الدعوات جهود عسكرية  من التحالف العربي لدعم الشرعية لاستعادة صنعاء، فيما أعلنت الحكومة اليمنية التي يرأسها أحمد عبيد بن دغر  إلى استقبال القيادات المؤتمرية في عدن وتقديم لها كل الدعم اللازم وتأمين لها أماكن للإقامة فيها.

وشدد بن دغر في تصريحات عقب قتل الحوثيين الرئيس صالح في صنعاء، وتوقف الانتفاضة التي تبناها حزب المؤتمر الشعبي العام ضد الحوثيين.

وأعلنت الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا تجهيز سبعة ألوية عسكرية معززة بترسانة أسلحة ضخمة وغطاء جوي لاقتحام صنعاء وتحريرها، وطلبت  الإخوان على ما يبدو الجلوس مع قيادة التحالف في  السعودية للحديث عن مستقبلهم بعد تحرير صنعاء، وهو ما رحبت به دول التحالف العربي، إلا ان جماعة الإخوان لم تف بالوعود التي قطعتها على نفسها، اما قادة التحالف العربي وهو ما دفع التحالف العربي للبحث عن استراتيجية جديدة لتحرير صنعاء، خاصة بعد ان رفضت قوات الإخوان في مأرب التقدم في حرب حقيقية ضد الحوثيين في صنعاء ولا تزال رابضة في جبال نهم منذ ثلاث سنوات.

ويبدو ان الاستراتيجية للتحالف العربي قد رست على ضرورة دعم معركة الانتقام من الحوثيين الذين انقلبوا على حليفهم الرئيس صالح وقتلوه، وهي على ما يبدو معركة ثأرية بالنسبة لحزب المؤتمر الشعبي العام للتخلص من الحوثيين.

ربما قرر التحالف العربي دعم قائد الحرس الخاص للرئيس صالح  الذي تمكن من الافلات من قبضة الحوثيين الموالين لإيران واستطاع الخروج رغم اصابته بجراح بليغة في محيط منزل الرئيس صالح، وهي الاصابة التي اعلن الحوثيون ان قد اودت بحياته قبل ان يعلنون البحث عنه، قبل ان يظهر في محافظة شبوة الجنوبية التي ذهب إليها لتعزية عارف الزوكا القيادي المؤتمري البارز الذي قتل مع صالح في صنعاء.

ظهور طارق صالح في شبوة اثار غضب الشرعية، حيث أكد على وصايا عمه الرئيس صالح، دون ان يعلن اعترافه بالحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.

وعلى الرغم من ترحيب بن دغر بقيادات المؤتمر الموالية لصالح، وتقديم لها الدعم المالي الى انه رفض قبول طارق صالح ووصف بالمتمرد على الحكومة الشرعية.

وفسر تحليل نشرته ورقية اليوم الثامن "أن ظهور طارق في شبوة كان رسالة من التحالف العربي بقيادة السعودية، للحكومة الشرعية بأنها تمتلك البديل، خاصة في اعقاب الرفض العسكري للإخوان من التحرك صوب صنعاء، لتحريرها".

 كانت الحكومة الشرعية تبحث في بدائل للضغط على التحالف العربي للتراجع عن دعم طارق صالح عسكريا لتحرير صنعاء، ودعم توجه حزب المؤتمر الشعبي العام في كسر الحوثيين والانتقام للرئيس السابق وزعيم المؤتمر علي عبدالله صالح.

أعلنت الحكومة وعن طريق رئيسها أحمد بن دغر ووزير الخارجية المخلافي رفضهما لظهور طارق صالح، وقال ان هناك حكومة شرعية معترف بها عليه الالتحاق بها، وهو ما يبدو ان طارق يرفضه ويصر على الذهاب بعيدا عن الشرعية لاستعادة صنعاء من الحوثيين.

استطاعت الحكومة الشرعية ان تثير الكثير من القضايا ضد دول التحالف العربي، من بينها الزعم ان دولة الإمارات العربية المتحدة قد تمكنت من احتلال جزيرة سقطرى وانتهاك السيادة اليمنية.

وبحسب مصادر إعلامية فأن السكرتير الإعلامي لرئيس الحكومة اليمنية وجه الإعلام الذي تموله الحكومة الشرعية بالعمل على الحديث عن رفض شعبي لوجود طارق صالح في الجنوب، وانه اتى لإعادة القوات الشمالية الى الجنوب.

يقول إعلاميون مقربون من الحكومة "إن بن دغر وجه بضرورة تحشيد الناس في الجنوب ضد نجل شقيق الرئيس صالح وانه يجب محاكمته على الجرائم التي ارتكبتها قوات صالح في عدن"، وهو ما يعني ان الحكومة اليمنية ترفض طارق الذي يرفض هو الاعتراف بها، ويريد الذهاب منفردا لاستعادة صنعاء.

لم تتوقف الحملة الإعلامية عند الحديث عند مزاعم ان طارق اتى بقوات شمالية لاحتلال الجنوب، بل ذهبت الحكومة الى القيام بأجراء خطير الحق اضرارا كبيرة بالمجتمع وهو رفع سعر بيع العملة الاجنبية من الدولار والريال السعودي وهو ما تسبب في انهيار العملة.

 قبل ان يطلق رئيس الحكومة اليمنية تصريحات وصفها مهتمون  بالابتزازية، حيث قال "إن كانت هناك من مصالح مشتركة بين الحلفاء ينبغي الحفاظ عليها، ترقى إلى مستوى الأهداف النبيلة لعاصفة الحزم، فإن أولها وفي أساسها إنقاذ الريال اليمني من الانهيار التام، الآن وليس غداً، إنقاذ الريال يعني إنقاذ اليمنيين من جوع محتم".

ويبدو ان موقف الحكومة اليمنية هذه المرة قد توافق الى حد كبير مع خطاب صقور تنظيم إخوان اليمن في قطر وتركيا، حيث عبر القيادي الإخواني خالد الأنسي عن رفضه عن ما اسماه بدعم التحالف العربي لتيارات وقوى خارج اطار الحكومة الشرعية.

وأتهم الأنسي التحالف العربي بالعمل على اضعاف الحكومة الشرعية".

وتحدث الآنسي بخطاب الحراك الجنوبي الذي دأب خلال السنوات الماضية على مهاجمته ووصف قادته بالانفصاليين، قائلا "ان التحالف فتحت الجنوب لقوات صالح للحرس الجمهوري".

 وقال بن دغر في تصريحات حادة للتحالف العربي وخيره بين دعم الحكومة اليمنية مالية، او ان حكومته سوف تذهب إلى وقف اطلاق النار والدخول في تسوية سياسية مع الحوثيين، قائلا " الأصوات الخافتة التي تطالب اليوم بوقف إطلاق النار، والاعتراف بالأمر الواقع سوف تعلو غداً، وسيسمعها العالم وستشكل ضغوطاً قوية على موقف الشرعية، وعلى التحالف، وسيتغير الموقف الدولي من الأزمة في اليمن وعلينا أن نتحمّل ما سيحدث بعدها".

وعلى اثر هذه التصريحات، قررت المملكة السعودية الأربعاء إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني، بعد يوم من مطالبة رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها بمساعدات مالية عاجلة إلى هذا البلد الغارق في نزاع مسلح.

وقال بيان رسمي إن وديعة الملياري دولار الجديدة ستضاف إلى وديعة سابقة بقيمة مليار دولار، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي بهدف "تعزيز الوضع المالي والاقتصادي لاسيما سعر صرف الريال اليمني".

من جهته، أجرى هادي اتصالا هاتفيا بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" المتحدثة باسم الحكومة المعترف بها.

وقالت الوكالة إن هادي عرض أمام الأمير الشاب الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع في المملكة "التحديات الاقتصادية الراهنة التي يواجها اليمن".

وتأتي الوديعة السعودية في وقت تواجه المملكة نفسها مصاعب اقتصادية مع تراجع أسعار النفط منذ 2014. وسجل الاقتصاد السعودي في 2017 انكماشا للمرة الأولى في ثماني سنوات بسبب تدابير التقشف الصارمة.

ويبدو أن السعودية قد تركت فرصة أخيرة للحكومة الشرعية للتحرك عسكريا على الأرض بشكل جدي، خاصة وان الحرب في اليمن قد استنزفت خزينتها كثيرا وتريد السعودية القضاء على المتمردين الحوثيين الموالين لإيران.

 وتمتلك قوات عسكرية موالية للإخوان ترسانة عسكرية ضخمة في مأرب، حصلت عليها من دول التحالف، الا ان الأزمة الأخيرة التي نشبت في الخليج اثر التمرد القطري، دفعت هذه القوات الى اتخاذ موقف من عدم التحرك صوب صنعاء، خاصة في اعقاب التأكيد عن صفقة حوثية إخوانية رعتها قطر وإيران.

وبات من الواضع ان التحالف العربي يريد انهاء الحرب في اليمن والقضاء على حلفاء إيران، وتأمين الحدود السعودية، لكن يبدو ان الحكومة الشرعية التي يقول مسؤولون إنها باتت مخترقة من الإخوان، لا تريد انتهاء الحرب التي تدر عليهم اموالا كبيرة.

باتت الحكومة الشرعية تخشى من ان يلجأ التحالف العربي الى الدفع ببديل للحكومة الشرعية، وهو ما دفعها الى الحديث على ان التحالف العربي يريد اعادة قوات عسكرية إلى الجنوب.

لكن وامام هذا الخطاب الاعلامي للحكومة الشرعية والحديث عن ان قوات شمالية يتم ادخالها الى عدن هدفها السيطرة على الجنوب، في حين تقدم اداء مغايرا لتوجهاتها السياسية.

فبحسب مصادر إعلامية فأن الحكومة الشرعية تستعد لعملية عسكرية لازاحة قوات الحزام الأمني المحسوبة على المجلس الانتقالي، وهي مفارقات يقول سياسيون إنها عجيبة وتثير حالة استفهام.

أكدت مصادر موثوقة ان هناك ترتيبات عسكرية ولوجستية تهيئة لعمل عسكري في عدن بدعم واسناد من قائد الحرس الرئاسي انتقاماً من قوات التحالف العربي ممثلة بالإمارات والحراك الجنوبي.

ودعا مسؤولون وسياسيون في عدن إلى سرعة قيام قوات التحالف بنقل الألوية العسكرية من عدن الى المحافظات التي تشكل خط التماس وقتال مع مليشيات الحوثي لإنقاذ عدن من صدام عسكري محتمل بل ووشيك.

وأوضحوا ان هناك وحدات عسكرية موالية لتيارات سياسية معادية للجنوب تسعى إلى المواجهة ، وأنها مصممة على خوض حرب داخلية حتى الرمق الأخير، ولا تأبه لأي ضغوط إقليمية».

وتشير مصادر جنوبية إلى أن الوضع في عدن «أصبح أكثر خطورة، بعد أن قضى حزب الاصلاح بقيادة علي محسن الاحمر ونجل الرئيس هادي ، ناصر عبدربه ، على أي بصيص أمل لاستقرار عدن او التوصل إلى تسوية تنهي الصدام العسكري"

أوضحت المصادر  أن "تعيينات هادي الجديدة هي ضمن استعدادات الحسم وانه ستتم إعادة تجميع الوحدات العسكرية التابعة لها في عدن وتفعيلها لتؤدي دورها المطلوب في مواجهة الانقلابيين الجدد، وذلك تحت مظلة العميد ناصر عبدربه قائد الحرس الرئاسي الخاص".

وأكد مصادر  أن التحالف العربي أقر بشكل نهائي سحب الوحدات العسكرية المرابطة في العاصمة عدن، تمهيداً لإعادة تموضعها ولتهيئة الأجواء المواتية للسلطة المحلية في عدن لإدارة شئونها من قبل شخصيات مدنية ، وهو شرط تقدم به العديد من القوى السياسية في عدن لضمان معالجة الاوضاع الخدماتية والعملة التي ستسبب بثورة الجياع .

وأشارت إلى أن قائد الحرس الرئاسي رفض نقل الالوية الرئاسية حسب الاتفاق مع دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية.