الموقف من "طارق صالح" يفضح اساليب التنظيم..

هل نجح "الإخوان" في تجييش الرأي الجنوبي لمصلحته؟

العميد طارق محمد عبدالله صالح

صبري هاشم (عدن)

ما كان لتنظيم الإخوان ومن خلفه الحكومة اليمنية، أن يقفا ضد العميد طارق محمد عبدالله صالح في حال واعلن وقوف الأخير الى جانب الشرعية، لكن الذي يثير الاستغراب هو محاولة تجييش الرأي العام الجنوبي لمصلحة الإخوان في خطوة تؤكد غياب الاستراتيجية والرؤية السياسية في التعامل مع الاحداث.

عرف عن الإخوان حالة العداء ضد كل ما هو جنوبي لكن الذي يثير الاستغراب هو حالة التجييش التي نجح الإخوان ومن خلفهم حكومة بن دغر في السير خلف خطاب رفض تواجد طارق في الجنوب، بدعوى انه يريد احتلال الجنوب، في الوقت الذي تخطط فيه الشرعية للسيطرة على الجنوب واحتلاله عسكريا من خلال قوات الحماية الرئاسية الموالية للجنرال علي محسن الأحمر.

الشرعية ترى ان طارق صالح يهدد مستقبل تجار الحرب الذين امتلكوا المليارات من اموال الشعب طوال السنوات الثلاث من الحرب، فوجود قائد عسكري مثل طارق يستعد لمعركة ثارية مع الحوثية الذين قتلوا عمه الرئيس سابق، يسحب البساط من تحت اقدام الشرعية، التي فشلت في احراز اي تقدم ضد الحوثيين في جبهات الشمال.

 

في تقرير لها مؤخرًا، تقول مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية إن جمود جبهات القتال في اليمن ربما يكون سببه أن العديد من أمراء الحرب في البلاد مستفيدون من هذا الوضع، خصوصًا في المناطق الشمالية المعروفة بأنها معاقل "حزب الإصلاح"، اليمني، وحيث ينتشر بيع المساعدات الإنسانية والأسلحة المقدمة من التحالف، وفقًا للمجلة.

ما ذكرته المجلة البريطانية كانت ألمحت إليه قبل ذلك صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي أشارت إلى أن مأرب تبدو المحافظة الوحيدة المستفيدة من الوضع في اليمن.

وبحسب صحيفة الايام فقد وصفت مجلة "ذا إيكونوميست" هذا الوضع بالمقولة الشهيرة: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، غير أن محللين ومصادر يمنية ترى أن هذه الحالة هي نتاج نهج متعمد من حزب الإصلاح اليمني منذ بدء الحرب مع الحوثيين، في إطار خطط وأجندات حزبية في المقام الأول، بعيدًا عن السعي لدحر الميليشيات المتحالفة مع إيران.

ووصف المحلل الكويتي فهد الشليمي، في تغريدة على حسابه بتويتر مؤخرًا، حزب الإصلاح بأنه "متكسب ومتوزع بين قطر والشرعية والحوثي سرًا، ولا يمكن الوثوق به، ومتقلب والرهان عليه خاسر".

وبرز توجه حزب الإصلاح في إجهاض الجهود التي يقوم بها التحالف للملمة الفرقاء اليمنيين، لتوجيه البوصلة نحو الهدف الأول، وهو تحرير اليمن من الميليشيات الانقلابية، في حملة إعلامية موجهة ضد العميد طارق صالح ابن شقيق الرئيس اليمني الراحل؛ لقطع الطريق أمام محاولته إضافة زخم جديد للحرب على الحوثيين.

ويقول أحد نشطاء الحزب: "كوننا حزبًا سياسيًا له ثقله في الساحة اليمنية، نحتج وندين احتواء المؤتمريين الهاربين من صنعاء وقواتهم؛ لأن ولاءهم حوثي، ومن جهة أخرى قدمنا الشهداء في ثورة الشباب؛ من أجل التخلص من هيمنة المؤتمريين، واليوم تتم إعادتهم إلى الواجهة على حساب حزبنا".

وتفسر المصادر اليمنية الحملة ضد العميد طارق بأن هدفها الانقضاض على أي شريك للتحالف قد يؤثر على حضور حزب الإصلاح، كطرف في المعادلة السياسية، حتى لو كانت مصلحة التقدم في المعركة ضد الحوثيين المعزولين في صنعاء تقتضي ذلك.

واشتد أوار الحملة الإعلامية ليمتد إلى دق إسفين الخلاف بين العميد طارق والسياسيين في جنوب اليمن؛ من أجل قطع الطريق على أي تحالف يوحد كلمة اليمنيين، في أنانية حزبية ضيقة تغلب مصلحة الإصلاح الحزبية على حساب مصلحة البلاد بكاملها، بحسب نشطاء يمنيين.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي السعودي فهد ديباجي في تغريدة بتويتر: "تؤكد الأخبار أن بعض قيادات حزب الإصلاح، والتي كانت الداعم الأول للقاعدة في اليمن والتي تدعمها قطر، ما زالت تعمل بكل الوسائل للتخلص من حزب المؤتمر حزب صالح، والهدف هو التخلص من الحزب المسيطر على المشهد السياسي في اليمن لمدة طويلة”.

 ويضيف: “الهدف الثاني: الانتقام من الحزب الذي فتح المجال للطائرات بدون طيار للقضاء على بعض المنتمين لهم، والهدف الثالث: حتى يكون الميدان خاليًا للحوثي ذي الانتماء الإيراني، وللحزب الإخواني المدعوم من قطر، ليبقى اليمن تحت السيطرة الخاصة بهم".

وبعيدًا عن الحملات الإعلامية، تتركز جهود أعضاء الحزب في استغلال مواقعهم داخل الحكومة الشرعية؛ لتمرير الأجندات الخاصة بالجماعة، عبر السيطرة على قرارات وتوجهات الرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، بدعم خفي من نائب الرئيس علي محسن الأحمر المقرب من الحزب.

 

وتشير المصادر اليمنية تعليقًا على ذلك إلى ما صدر مؤخرًا عن مسؤولين يمنيين من بيانات موجهة بشكل مبطن للعميد طارق دون مبرر يذكر، خاصة أن نفس الأصوات كانت قبل أيام ترحب بأنصار صالح وتعتبرهم جهدًا مرحبًا به في إطار الحرب على الحوثيين.

ويفسر رئيس مركز عدن للبحوث الاستراتيجية، حسين حنشي، مثل هذا التحول الذي يعكس نفوذ حزب الإصلاح بالقول: إن “نائب الرئيس ينتمي للإصلاح وإدارة مكتب هادي عبدالله العليمي، هو شاب مؤدلج إخوانيًا، وينتمي إلى حزب الإصلاح، والحزب كفرع لجماعة الإخوان المسلمين يدير معاركه انطلاقًا من مصالح الجماعة، وليس الدولة".