سوء ادارة لحكومة بن دغر..

تحليل: التحالف يقرر انتشال اليمن بعد تعاظم فشل الحكومة

الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يتوسط رئيس الحكومة ونائبه

خاص (عدن)

البيان الختامي لوزراء خارجية دول التحالف العربي، بخصوص الأعمال الانسانية في اليمن، يعيد الى الواجهة مستوى الفشل الحكومي في ادارة الاعمال الانسانية في اليمن، رغم الضخ الانساني الكبير الذي تقدمه دول التحالف العربي، بالذات منها السعودية والامارات، ويفتح أفقاً جديداً لتعزيز هذا الجانب وتجنيب اليمنيين من كوارث انسانية تحدق بهم.

ولا يبدو اليوم أن ثمة أهمية بالقدر المطلوب للدور المحدود لحكومة اليمن الشرعية، يجعل التحالف العربي يمدد عقد ثقته بها، بعد أن تمدد الفشل وتوسع على رقعة المحافظات المحررة، وساءت ادارة الدعم السخي الذي يقدمه التحالف العربي مراراً للنهوض باليمن من الوضع الكارثي الذي تعيشه جراء الحرب القائمة في البلاد منذ أربع سنوات.

خطة ضخمة يعلنها تحالف دعم الشرعية لانتشال اليمن من البوتقة التي يعيشها اليوم، جراء استمرار الممارسات الحوثية بحق اليمنيين، وتكرر الأخطاء الناتجة اختلالات بمنظومة حكومة الشرعية في ادارة أحول اليمنيين بمناطق البلاد المحررة.

في التقرير الصادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة مؤخراً، بدا أن المجتمع الدولي شعر بالامتعاض جراء دور الحكومة اليمنية، وبدأ يفقد ثقته بها، ولا يستبعد أن يبدأ التحالف العربي إشرافاً مباشراً على كل الأعمال في اليمن، بما يضمن تحسين الوضع المعيشي لليمنيين على الأقل.

في جزئية محددة من التقرير المطول لفريق الخبراء المهتمين بالتحقيق في اليمن، بدا أن سوء ادارة الحكومة الشرعية فيما يتعلق بجني الضرائب وإصلاح الاقتصاد المتهرئ، فاق في وضعه السلبي مستوى الفشل في دائرة المليشيات الانقلابية التي تحكم مناطق سيطرتها بالحديد والنار، وبشكل يخالف القانون، بالرغم من تلقي الحكومة كامل الدعم، سواء من التحالف العربي، أو من المجتمع الدولي..

الزيارة المكوكية للسفير السعودي الى الرياض، والتي سبقت هذا الاعلان ‘‘الضخم‘‘ بأيام، لتلبية احتياجات اليمن الانسانية، كانت مقدمة لتغيير شامل في الادارة الرسمية للمناطق المحررة، فالانقسام الساسي والعداء المتصاعد أفرز المزيد من التعقيدات أمام التحالف العربي، ولم تكن الحكومة يوماً من الأيام باسطة ذراعيها لتهدئة الأمور وتقليص مستوى الاحتقان، وهذا معلومٌ أنه جزء من الفشل في منظومة الشرعية كاملةً.

تستغل المنظمات الحقوقية عادةً، الجوانب الانسانية لإدانة أي طرف في نزاع ما، وعلى هذا الوتر عزفت الكثير من المنظمات الحقوقية فيما يتعلق بالوضع الانساني في اليمن، لمحاولة استلاب التحالف العربي، ونتيجة ايضاً لوجود منظمات مشبوهة تعمل في خدمة المليشيات الحوثية، لا يستبعد أن تكون بينها منظومات معينة محسوبة على منظمات تتبع الأمم المتحدة تنفذ أهدافاً تخدم اجندات خارجية تقف ضد اليمن وشعبه والتحالف العربي.

في سياق البيان الختامي لدول التحالف العربي، يؤكد وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير، أنه من ضمن الخطة الانسانية الشاملة في اليمن سيضمن التحالف العربي " زيادة القدرة الاستيعابية لاستقبال المساعدات جواً وبراً وبحراً بشكل سريع وفعّال". ويلفت الى رفع الطاقة الاستيعابية لموانئ اليمن، وزيادة قدرة اليمن على استقبال الواردات بمعدل 1.4 مليون طن متري شهرياً سواء من المساعدات، أو البضائع التجارية بما في ذلك المشتقات النفطية، بعد أن كان حجم الواردات اليمني 1.1 مليون طن شهرياً في عام 2017".

ينظر التحالف العربي، وبالذات الامارات والسعودية اللتان تقودان التحالف في اليمن، الى الأهمية الاستراتيجية في اعادة تفعيل العمل بموانئ اليمن، والخطة المعلنة اليوم ضمن الخطة الانسانية، هي في الاساس على ما يبدو أنها معدة عبر الامارات والسعودية، خاصة وأن أبو ظبي قدمت دعماً سخياً في الفترة الماضية لتأهيل موانئ مثل المخا وعدن والمكلا، تمهيداً لهذا الاعلان ربما.

بالعودة الى مضمون البيان الختامي لتحالف دول العرب يشير الجبير الى " تجهيز 17 ممراً برياً آمناً من 6 مواقع حدودية لضمان وصول المساعدات إلى المنظمات غير الحكومية التي تعمل في الداخل اليمني". ويعلن في الوقت ذاته اسهام التحالف العربي في العمليات الانسانية بمليار ونصف المليار دولار، بالإضافة الى " ايداع 30 - 40 مليون دولار لتوسيع قدرة الموانئ اليمنية على استقبال الشحنات الإضافية، وتقديم 20 - 30 مليون دولار لتخفيض كلفة النقل البري".

لقد استشعر التحالف العربي في اليمن، الفترة الماضية للحرب، وجرد حساباته لتجريد الواقع عن كل الازمات التي خلقت وضعاً غير مقبولاً لدى التحالف العربي، وهو اليوم يسعى بكل جدية لإنقاذ اليمن وقياس نبض الأداء الحكومي على الأرض لكشف مكامن الخلل وتعويضها.

تشير تنبؤات غير معلنة الى وضع جديد، ودعم كبير يدشنه التحالف العربي لتعزيز قدرة اليمن على مواجهة مشاكله الداخلية بذاته، وثمة دعم يصل الى كل المستويات، ابرزها قطاع النفط والكهرباء بالمحافظة المحررة، وإنعاش الاقتصاد، وإعادة تفعيل المؤسسات الايرادية والخدمية في البلاد.

سيعمل التحالف العربي حالياً على حل المشاكل في المناطق المحررة، وهذا ايضاً سيترافق مع ضمانات تقدمها الشرعية بلا شك، ما سيجعل واقع التغيير في الحكومة وارداً لا محالة لتحسين مستوى الدور الحكومي للشرعية في اليمن، وحينها سيكون التحالف العربي بات متفرغاً لمواجهة المليشيات الحوثية، بدرجة أكثر صلابة من ذي قبل، ستسهم بشكل ايجابي في قلب المعادلة العسكرية لصالحه وكذلك الشرعية.