بعد موجة من الاحتجاجات الاجتماعية..

روحاني يلمح لتآمر مقربين من المرشد على الإصلاحيين

الارتباك سيد الموقف

وكالات

كشف الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب أمام حشد في طهران الأحد، أن التيار المحافظ في البلاد يسعى إلى إقصاء خصومه السياسيين من الترشح للانتخابات القادمة، عن طريق تحميلهم مسؤولية الهزات الاجتماعية التي عصفت بالبلاد مؤخرا.

ودعا روحاني إلى “عام من الوحدة” في خطاب في الذكرى الـ39 للإطاحة بالشاه، بعد تظاهرات هزّت البلاد الشهر الماضي موقعة أكثر من عشرين قتيلا.

وقال الرئيس الإصلاحي “أطلب أن تكون السنة الأربعون لقيام الجمهورية العام المقبل سنة وحدة، أطالب المحافظين والإصلاحيين والمعتدلين وجميع الأحزاب والناس بالوقوف معا”.

وأضاف “علينا أن نثق بالشعب، علينا السماح لجميع التيارات بالمشاركة في الانتخابات”.

ولدى مجلس صيانة الدستور الذي يهيمن المحافظون عليه، سلطة منع المرشحين من خوض الانتخابات وقد منع في الماضي المئات من الإصلاحيين من الترشح للرئاسة ولعضوية مجلس الشورى.

وأثار روحاني مطلبا مثيرا للجدل باستخدام الاستفتاءات، وهي أداة سياسية منصوص عليها في المادة 59 من الدستور الذي تم تمريره بعد ثورة 1979، لكن لم تستخدم أبدا.

وقال “إذا ما حدثت اختلافات في وجهات النظر في عدد من الأمور، نلجأ لصناديق الاقتراع وبموجب المادة 59 من الدستور، ما يقوله الناس سنعمل بموجبه”.

ولم يحدد روحاني البالغ 70 عاما أي موضوعات قد تطرح للاستفتاء، لكن تصريحاته أتت وسط جدل متزايد حول الحريات الشخصية بما فيها ارتداء الحجاب المفروض على النساء في إيران، والذي أثار احتجاجات.

وكان روحاني صرّح، في يناير الماضي، أن “جميع قادة البلاد يجب أن يسمعوا مطالب وتمنيات الشعب”، مضيفا “النظام السابق فقد كل شيء لأنه لم يسمع أصوات وانتقادات المواطنين”.

ونشر مكتب الرئيس الإيراني، الشهر الماضي، دراسة جاء فيها أن نصف سكان طهران لا يؤيدون الحجاب الإلزامي، ما يجعل تطبيقه صعبا جدا، حيث قال “يجب أن نترك الناس لحالهم ولا نتدخل في أمورهم الخاصة”.

وواجه روحاني الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في العامين 2013 و2017 بدعم من الإصلاحيين، انتقادات شديدة من المحافظين على خلفية جهوده لإعادة بناء العلاقات مع الغرب وتعزيز الحريات المدنية.

وكشفت الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي شهدتها العشرات المحافظات الإيرانية تصدع أعمدة النظام في طهران، ما دفع الرئيس الإصلاحي إلى استحضار سيناريو سقوط الشاه محمد رضا بهلوي، بعد توفر جميع مؤشرات استنساخ السيناريو مرة أخرى.

وشهدت العشرات من المحافظات الإيرانية اضطرابات في فترة رأس السنة، حيث قتلت السلطات 25 متظاهرا واعتقلت المئات، حيث رفع المتظاهرون صورا للشاه الإيراني الأخير، محذرين النظام من مصيره.

وفنّدت المعارضة الإيرانية في الداخل مزاعم النظام في طهران حول وجود أجندات غربية لزعزعة استقرار البلاد دفعت بالإيرانيين إلى التظاهر والمطالبة بإسقاط الحكومة، محمّلين المرشد علي خامنئي مسؤولية الفقر الذي يقبع فيه الإيرانيون بسبب فساد مؤسسة الحرس الثوري التابعة له.

وانتقد الزعيم الإيراني المعارض مهدي كروبي، خيارات المرشد علي خامنئي الاقتصادية والسياسية، التي دفعت بالإيرانيين إلى التظاهر والدعوة إلى إسقاط النظام، داعيا إياه إلى الكف عن إلقاء اللوم على الآخرين وتحمّل مسؤولياته تجاه البلاد.

وقال كروبي، الذي يقبع قيد الإقامة الجبرية، في رسالة نشرت الثلاثاء، إنه يجب على خامنئي تحمّل مسؤولية الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين.

وفي انتقاد علني نادر لخامنئي، اتهم كروبي المرشد الإيراني باستغلال سلطاته وحثه على تغيير أسلوب إدارته للبلاد قبل فوات الأوان، قائلا “تتولى منصب الزعيم الأعلى للبلاد منذ ثلاثة عقود، لكنك ما زلت تتحدث كمعارض”.

وأضاف كروبي، في رسالة مفتوحة لخامنئي نشرت على الموقع الرسمي لحزبه الإصلاحي “خلال آخر ثلاثة عقود قضيت على القوى الثورية الرئيسية لتنفيذ سياساتك، والآن يتعيّن عليك مواجهة نتائج ذلك”.

ويقصد كروبي بتعبير “معارض” أنه يجب ألا يتمتع خامنئي بسلطات مطلقة في الوقت الذي ينتقد فيه حكومة الرئيس المنتخب حسن روحاني وهو شخص عملي يريد تحرير الاقتصاد الذي يهيمن عليه الحرس الثوري وشركات حكومية.

وكروبي (80 عاما) رجل دين شيعي، حيث خاض مع الإصلاحي مير حسين موسوي انتخابات 2009 وأصبحا رموزا للإيرانيين الذين نظموا احتجاجات حاشدة بعد إعادة الرئيس محمود أحمدي نجاد المتشدد للسلطة في انتخابات يعتقدون أنها زُوّرت.

ووضعت السلطات كروبي وموسوي وزهرة رهنورد زوجة موسوي قيد الإقامة الجبرية منذ 2011 دون محاكمة بأمر مباشر من خامنئي.

والزعيم الأعلى هو رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية وهو الذي يعيّن رؤساء الهيئة القضائية، ويتم اختيار الوزراء الرئيسيين بعد موافقته عليهم وهو صاحب القول الفصل في شؤون السياسة الخارجية والبرنامج النووي، فيما تعتبر سلطات الرئيس محدودة. وانتقد المعارض الإيراني خامنئي كذلك لسماحه للحرس الثوري بالقيام بدور مهيمن في اقتصاد البلاد قائلا “أضر ذلك بسمعة هذا الكيان الثوري وأغرقه في فساد كبير”.

وقال كروبي إنه في ظل قيادة خامنئي تحوّلت الهيئات التي تأسست بعد ثورة عام 1979 بغرض القضاء على الفقر إلى شركات ضخمة تملك نصف ثروة إيران دون أي جهة رقابية تراجع تصرفاتها، مشيرا إلى أن أكثر من عشرة ملايين من بين 80 مليون إيراني يعيشون في فقر مدقع الآن.

وتابع “في ظل مثل هذه الظروف من الطبيعي أن تتحوّل الطبقات الدنيا التي تمثّل الظهير الشعبي للثورة الإسلامية إلى برميل بارود”.

وكثيرا ما يُلقي المرشد الإيراني باللوم على حكومة روحاني في عدم تحقيق تقدّم للحد من معدلات البطالة المرتفعة والتضخم وعدم المساواة، وألقى اللوم كذلك على أعضاء في البرلمان والرؤساء السابقين وقوى غربية.