الشريحة المنسية..

تقرير: المعاقون في لحج.. ضحايا الإهمال والتقصير

اطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة

أمجاد باشادي (الحوطة)

ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة عالم مختلف تماما عن عالم البشر أنه ذلك العالم الصامت الذي يحركه الإحساس وإشارات الايادي وتمتمات الشفاه.

فئة من المجتمع أحب الله سبحانه وتعالى أن يبتليهم ليرى مكانة الصبر في قلوبهم وفي عقولهم, حالة خاصة من الإحساس المرهف والإرادة القوية ربما الكثيرين منا نحسدهم عليها.

المعاقون.. ترى لماذا هل احساسنا بأنهم أقل منا, أم العكس هو الصحيح؟!

حين ننظر في وجوه البعض منهم ندرك مكانتنا الحقيقة تماما ونخجل حين نرى إبداعاتهم!!

وجدوا ليصنعوا المستحيل!!

قلوبهم بيضاء كالسماء الصافية!

لا يعرف اليأس طريقا إلى قلوبهم ,بينما نحن البشر الطبيعيين ممن نتمتع بالصحة والقدرة غالبا ما ننكسر عند أي موقف يحدث لنا.

نفقد الأمل ونتدمر ونتمنى حينها الموت .. فماذا نقول عن هؤلاء الذين فقدوا شيء ليثبتوا اشياء !!

فبالرغم من معاناتهم وآلامهم التي تحلق في عالمنا القاسي لتبحث عن روح إنسانية تحتضنها وتحفف عنها استطاعوا بإرادتهم أن يصنعوا من العجز قوة ومن اليأس أمل.

فمعا نبحث في سطور الكلمات عن هؤلاء من خلال رحلتنا الصحفية والتي ستحلق إلى محافظة لحج إلى أطفال مدرسة التربية الشاملة لذوي الاحتياجات الخاص .

اطفال الزهور منهم من تعرض للإعاقة الجسدية ومنهم من رحل بحواسه إلى عالم آخر ,معاناتهم تزاحمها الكلمات ومع ذلك لم يفقدوا شيئا اسمه الابتسامة .

في هذا الخصوص كان لنا هذه الجولة الصحفية مع مديرة المدرسة والطاقم التدريسي لمعرفة أبرز هموم هؤلاء المعاقين  ومطالبهم بل ومناشدتهم للجهات المعنية, من عرضها اليكم مفصلة في سياق هذا التقرير:-

استاذه نسرين الحبيشي مديرة المدرسة كانت أول من التقينا بها حدثتنا أكثر عن هذا المدرسة :

س_ أستاذه نسرين مدرستكم التربية الشاملة والتي تهتم بشريحة المعاقين كيف كانت بدايتها وما الذي دفعكم إلى إنشاء مثل هذه المدرسة الهامة؟

#حقيقة بنيت هذه المدرسة من ينابيع  الخير من الهيئة الكويتية على اساس أنها مدرسة تضم ذوي  الاحتياجات الخاصة لمحافظة  لحج وقراها  ,ومن حيث بناءها الهندسي ففي الوقت الحالي هي عبارة عن دور ارضي والذي نتواجد فيه نحن والطلاب وتتكون من سبعة فصول منها : فصل الداون والتوحد والصم والبكم وساحة ومكتب للإدارة وسوف تستكمل بناءها كدور ثاني في الأعوام القادمة بأذن الله تعالى

والذي دفع الهيئة الكويتية لبناء مثل هذه المدرسة بجانب مدرسة خديجة للبنات وذلك من أجل دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع الطلاب السويين ومن ثم يتسنى له الاندماج في المجتمع الخارجي .

س_ ماهي العراقيل والصعوبات التي واجهتموها أثناء مسيرتكم العملية منذ إنشاء المدرسة وحتى الآن ؟

في البداية لم تواجهنا أي عراقيل. لأن كانت هناك اتفاقية بين الهيئة الكويتية والتربية والتعليم على بناء هذه  المدرسة ولهذا بنيت المدرسة.

ولكن في الوقت الحالي وخاصة عند استلامنا المدرسة واستقبالنا الطلاب في المدرسة اهم صعوبة تواجهنا هي وصول الطالب من منزله إلى المدرسة وخاصة أنهم من القرى وذوي إعاقات.

كما واجهتنا أيضا مرحلة تأسيس المدرسة بحيث لم نتحصل على الالعاب الكافية للطلاب المعاقين. لكسب المهارات من هذه الألعاب كالدراهين وغيرها من العاب التسلية بالإضافة إلى عدم وجود الأثاث الهامة مثل شاشة التلفزيون والطابعة _آلة تصوير لتسيير أعمال المدرسة الإدارية.

س_ما هي الأنشطة التي تهتم بها المدرسة  و التي تقدم باهتمام وعناية إلى شريحة المعاقين؟

تتمثل الأنشطة في التعليم من الحروف الأبجدية ومسك القلم من البداية واكتساب مهارات عن طريق اللعب لتساعدهم على تخطي اعاقتهم ومواكبة اقرانهم العاديين.

س_ بخصوص الدعم المالي هل تلقيتم أي دعم من الجهات المعنية ومكتب التربية ,وهل كان لهذا المكتب دور تجاه هذه الشريحة؟

بخصوص الدعم فقد تم دعمنا من قبل المدير العام من خلال مكتب التربية د/الزوعري لتأهيل طاقم المدرسة في دورة التدخل المبكر وفعلا أخذنا الدورة التي استمرت لستة أيام في مركز التوحد في خور مكسر والشكر للمهندسة عبير اليوسفي ,حيث تقبلتنا في جمعيتها وقامت بتدريبنا في الجمعية.

س_ ماهي خططكم المستقبلية تجاه شريحة المعاقين؟

تكمن خططنا المستقبلية في الدمج ثم الدمج بشكل اساسي ومهم للطفل المعاق مع الطفل السليم ثم تلقي التعليم المناسب لهذا الطفل فأملنا كبير بأن يتخرج من هذه المدرسة ولو طفلين أو ثلاثة قادرين على العمل والاندماج في مجالات الحياة المختلفة.

#دور مكتب التربية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة:

كما كان لنا هذا الحوار مع الأستاذ الهاروني مدير مكتب  التربية الشاملة في محافظة لحج قائلا":_

س/ بخصوص شريحة المعاقين انتم كما تعلمون أهمية هذه الفئة في المجتمع ومع ذلك تكاد أن تكون منسية ما تعليقكم حول ذلك؟

بالفعل هذه الشريحة من المجتمع نالها ما نالها من الإقصاء والتهميش ومورست ضدها اللامبالاة من الجهات المسؤولة وخصوصا في محافظة لحج من حيث الإنشاء والتأهيل والتوظيف أو أي مجال آخر واقتصر الدعم والاهتمام على الفئات الذي تجود به بعض المنظمات من سلال غذائية في فترات متباعدة واغفلوا أهم الجوانب التي يحتاجها اطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة وهي حقهم في التعليم والتأهيل في بيئته كل حسب فئته وقدرته .

س/ انتم كجهة معنية هل سبق وأن قمتم بزيارة إلى مدرسة التربية الشاملة لذوي الاحتياجات الخاصة وماهي انطباعاتكم عنها؟

في إطار سعي إدارة التربية الشاملة لتفعيل العمل فيها واهتماما منا بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بجميع فئاتها تلك الشريحة التي نالها الإهمال والتقصير من جميع النواحي ,فهم أما يدرسون في مباني مستأجرة مكلفة أو مباني حكومية آيلة للسقوط بالإضافة إلى انعدام المستلزمات والتجهيزات التي يحتاجها ذوي الاحتياجات الخاصة وكذا ضعف الكادر التعليمي التي تعمل مع هذه الشريحة بدون أجر كل ذلك دفعنا إلى التفكير في بناء مثل هذه المدرسة.

س/هل لديكم أي خطط في دعم هذه المدرسة وتوفير كل المستلزمات الخاصة بها؟

طبعا نحن مهتمين بهذه المدرسة بشكل خاص كونها الأولى على مستوى محافظة لحج وكذا المحافظات المجاورة التي تهتم بتعليم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بإشراف مباشر من إدارة التربية الشاملة التابع لمكتب التربية والتعليم في محافظة لحج وعليه التزاما منا نحو هذه المدرسة كوننا أصحاب الفكرة والمشرفين على التنفيذ نحرص على الوصول بها لتكون مدرسة نموذجية وبيئة جادبه تستقطب الأطفال من هذه الشرائح وبيئة جادبه تستقطب الأطفال من هذه الشرائح وعليه فقد قمنا بأعداد الخطط والتصورات ورفع الاحتياجات للجهات المانحة لغرض استكمال باقي الأثاث والتجهيزات وتأهيل المعلمات ونحن على تواصل مستمر مع كل من له صلة أو ممكن أن يقدم شيء لهذه المدرسة.

س/ كلمة أخيرة تود إرسالها عبر صحيفتنا إلى الأهالي وكل من يعنيه الأمر؟

أوجه ومن هذا المنبر رسالة لكل من تربطه صلة بذوي الاحتياجات الخاصة سواء الأسرة أو المجتمع المحلي أو السلطات المحلية أن يهتموا بهذه الشرائح من مجتمعنا وأن يتعاملوا معهم من منطلق أنهم بشر مثلنا ولديهم احتياجات قد تميزهم عنا جميعا لذا أناشد جميع المنظمات الدولية والعربية والمحلية والجهات المانحه الالتفات الإنساني لشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير كل احتياجاتهم ليتم تدريبهم وتأهيلهم واندماجهم مع اقرانهم.

كما اتمنى أن يتوفر وسائل النقل(الباصات) لنقل الطلاب من منازلهم إلى المدرسة والعكس.

الإعاقة عند الأخصائيين الاجتماعيين:-

لنتعرف أكثر عن الإعاقة من وجهة نظر الأخصائيين كان لنا هذا الحوار مع الأستاذة عديلة اليماني أخصائية اجتماعية حدثتنا عن كيفية التعامل مع هذه الفئة قائلة:

س/انت كمشرفه اجتماعية على حالات الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة لحج ياحبذا لو تحدثينا عن دوركم في التعامل مع المعاقين وماهي الصعوبات التي تواجهكم؟

في الحقيقة نحن نتعامل مع هذه الشريحة بشكل خاص جدا ونتقبل منهم أي موقف لأنهم عفويين فكثيرا من المواقف الصعبة التي تواجهنا ولكن نحن نحاول بقدر الإمكان استيعابهم وتخطي المواقف السلبية منهم والتصرفات اللاراديه فنحن بكل بساطة نتعامل معهم بمراحل خالية من التوبيخ والملامة.

س/هناك فرق بين العصبية والعدوانية فهناك الأشخاص الطبيعيون لديهم عوامل سيكولوجية تؤذي إلى العصبية والتوتر لظروف معينة أو موقف معين وهذا أمر طبيعي ولكن العدوانية عند إطفال ذوي الإعاقة شئ مختلف تماما كيف تفسرين ذلك؟

نعم فأطفال الإعاقات يختلفون تماما بشكل كلي عن الشخص السوي فالعدوانية لهم تكون لعدم تحقيق رغبات مكبوتة فيهم فلا يستطعون توصيلها للعالم من حولهم ونحن بدورنا يجب علينا أن نعمل دراسات عدة كمعرفه فسيولوجية الطفل المعاق حتى يتم تجاوز مثل هذه المرحلة الصعبة.

س/رسالتك إلى أهالي المعاقين؟

رسالتي إلى أهالي المعاقين بأنه يجب الوقوف إلى جانبنا والتعامل مع الطفل المعاق بصدر رحب وتفادي الضيق والضجر حتى يكتمل مرحلة البناء لهذا الطفل المعاق فهم الاساس ونحن التكملة.

#أطفال التوحد:

يعد قسم التوحد من أهم الأقسام في مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة بل ومن اصعبها, فما يميز هذا القسم أنهم يرحلون بإدراكهم إلى عالم آخر فيحيط هذه الفئة الكثير من الاسرار والصعوبات لإرجاعهم إلى عالمنا الحي .

في هذا الخصوص التقينا مع الأستاذة أم نوارة مشرفة قسم التوحد في المدرسة قائلا:-

س/ استاذه أم نوارة انتم كمشرفين على قسم التوحد ياحبذا لو تعطينا صورة مبسطة عن هذا القسم ؟

في بدء حواري معكم أشكركم سعيكم وتعاونكم معنا لإيصال ما نعانيه من معوقات فيما يخص مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة كما اخص بالشكر لإخواننا الأشقاء في دولة الكويت التي تكلفت ببناء هذا الصرح والذي كان بالنسبة لي ولنا جميعا حلم وأصبح حقيقة على أرض الواقع

أما بالنسبة فيما ورد عن سؤالكم عن قسم التوحد فجميعنا نعلم بأن مرض التوحد هو مرض اضطراب نفسي يعالج بتأهيل الطفل واكتسابه المهارات التي تساعده على إدراك ما حوله ومساعدته على الاعتماد الذاتي ودمجه في المجتمع والبيئة المحيطة من حوله.

س/ماهي المعاناة التي تواجهونها في التعامل مع أطفال هذا القسم؟

معوقات كثيرة نواجهها في هذا القسم منها عدم توفر الألعاب التي تساعدنا على تهدئة اضطرابهم النفسي فأطفال التوحد يتصفون بكثرة الاضطرابات والحركة كذلك الألعاب في الساحة تساعدنا كثيرا في ذلك إلى جانب الوسائل التعليمية التأهيلية الملموسة والمرئية لمساعدتنا على شد انتباه الطفل وتركيزه.

س/كلمة أخيرة تودين أن توجهينها إلى أهالي الأطفال في هذا القسم؟

أحب أن اوصل امتناني وتقديري لطاقم الإدارة والمعلمات على رأسهم مديرتنا أ/نسرين والمعلمات اللاتي يبدلن جهود جبارة لسير العمل وإعطاء أطفال هذه الفئة كل حقوقهم في التأهيل والدمج المجتمعي رغم شحة الإمكانيات كما اطلب من الأهالي مساعدتنا في استقطاب الأطفال ووضع اياديهم بأيدينا لكي نزرع البسمة والأمل في حياة هؤلاء الأطفال الأبرياء.

#معاناة أم:

أم محمد والدة لطفل معاق يدعى محمد وهذا ما شكل معاناة لها فصارت تشكر الله على هذه الهبة وتدعوه أن يوهبها القوة لتحمل هذا العبء الثقيل وهذا مادعانا أن نجري معها حوارنا الصحفي:

س/أم محمد علمنا انك تكوني أم لطفل معاق اسمه محمد ياحبذا لو تحدثينا عن معاناتك التي تواجهينها في التعامل مع طفلك محمد؟

في الحقيقة وجود طفل ذوي الاحتياجات الخاصة يشكل معاناة نفسية وجسدية ومادية للأهل ومعاناتي مع ابني كانت ومازالت في نظرة المجتمع عبئ ثقيل وهذا ما يؤلمني ويحز في نفسي. أما معاناتي مع ابني بشكل خاص وتعليمه بعض المهارات للاعتماد على النفس ,وقد ساعدني في ذلك مركز التدخل المبكر في المنصورة وهذه المدرسة جزاهم الله خير.

س/منذ دخول محمد المدرسة هل وجدتي أي تحسن في تصرفاته معك ومع أهله والمحيط من حوله؟

نعم بعد ادخاله للمركز وعمره ثلاث سنوات تغلبت على كثير من المعوقات وتحسن ابني كثيرا ولله الحمد وبسبب الحرب توقف ابني عن الذهاب للمركز ولأنه أيضا قد وصل لسن الاندماج في المدارس اضطررت لإخراجه من المركز وللأسف وجدت الجمعيات في الحوطة مهتمين بالعائد المادي من المنظمات وعندما افتتحت مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة من قبل إدارة التربية والتعليم كان هذا أعظم إنجاز تبنته التربية وأعظم هدية لنا نحن أولياء الأمور فقررت الحاقة بها لاستكمال علاجه و الحمدلله وجدت تحسن كبير لابني فصار متعلق بهذه المدرسة تعلقا كبيرا ورغبته في الذهاب للمدرسة وللمعلمات والتقائه بالأطفال فلو عمل أي شيء غلط صرت اهدده بأني سأحرمه من الذهاب للمدرسة فيلتزم حينها السلوك الصحيح.

س/بماذا تنصحين أمهات الأطفال ذوي الإعاقات؟

كأم عانت وتعاني اتمنى من جميع الأمهات الا يتركوا أبنائهم تحت رعاية من لا يجيدون رعايتهم ولايهتمون لأولادهم ألا للكسب المادي بل يسعون الإلحاق بهذه المدرسة والمدارس الحقيقة التي تساعد في علاجهم واندماجهم بالمعنى الحقيقي والرعاية الكافية بكل حب لهؤلاء الأطفال والذي لمسته من قبل طاقم المدرسة ومعليمها.

بهذا الحوار ختمنا جولتنا الصحفية والتي كرسناها عن معاناة معاق ولكن يظل الصبر والأمل أمران أساسيان تقف عندها الأشياء فحينها لا يسمى المستحيل مستحيلا فيحلق الأمل في سماء هؤلاء المعاقين الذي يكاد المجتمع أن يحرمهم من الحياة كغيرهم من الاناس الطبيعيين .

ولكن يظل هناك من يشعر بهم ويمد يد العون لهم ليأخذهم من قوقعة الخوف إلى عالمنا المليء بالقدرات فربما يصيرون شيئا في المستقبل فتكون حينها لنا بصمه في ذلك فقسما اني اراهم نجوما تتلألأ في السماء.