ليسقط ذلك على المسيرة الحياتية ..

«حالة حرجة».. السرد يتأمل في اغتراب الإنسان

غلاف الكتاب

وكالات

تستلهم رواية «الحالة الحرجة للمدعو - ك»، للروائي السعودي عزيز محمد، الصادرة عن دار «التنوير» روح السرد لدى كافكا، التي تغوص في مفهوم الاغتراب ومصير الإنسان، ليسقط ذلك على المسيرة الحياتية لبطل الرواية «السيد- ك»، وهو اسم مستوحى من أبطال قصص كافكا، حيث تنطلق «الأنا»، معلنة وحدتها، ساردة لمشاعرها تجاه الآخرين والواقع.

بطل الرواية يعيش في تنافر تام مع المجتمع والأسرة، وحتى على مستوى الحياة العملية، حيث يرافقه الشعور ذاته، تجاه رفاقه في العمل، بل وتتشكل لديه قناعة تامة بأن هذا العمل الوظيفي الذي يقوم به مع زملائه في شركة بتروكيماويات، يخضع لروح عبودية، والناس فيه بلا إحساس ولا مشاعر، وهم أشبه بالآلات التي تؤدي عملها بطريقة رتيبة، وأمام هذا الواقع يلجأ بطل الرواية إلى الكتابة، حيث يخلق عالماً موازياً، ولكنه يبدأ في الشعور بالمرض والإعياء، الشيء الذي يدفعه لزيارة الطبيب ليكتشف أنه مصاب بالسرطان، ليبدأ في تفاصيل حياة جديدة، حيث صار يراقب تغيراته النفسية والجسدية ليدونها في يومياته وكتاباته، فيجعل من المرض، إلى جانب الكتابة، ذريعة لابتعاده عن البشر والحياة العامة، ويكتب بأسلوبية تستخدم استعارات ساخرة للنيل من تفاصيل حياته اليومية، وهي كتابة تستعيد أحداث الماضي المتعلقة بحياته وذكرياته مع العائلة، وتلك التفاصيل الصغيرة مع أبويه وإخوته، ويكتشف أن هذا المرض صار سبيله إلى الحرية، إلى الانعتاق من سلطة العلاقات الاجتماعية التي تكبله.

الكاتب اشتغل على طريقة سرد مختلفة، وتفنن في طرائق جذب القارئ الذي يجد نفسه متورطاً مع بطل الرواية، وبشكل أكبر مع تلك النظرة التي يغلب عليها التشاؤم والإحساس بالوحدة والعزلة، فالنص يفرد مساحة كبيرة للجانب التأملي، كما أن المؤلف قد اشتغل على التشويق منذ عتبة النص الأولى المتمثلة في العنوان، وهو عنوان جذاب يحرض القارئ على الاطّلاع. 

وقد وجدت الرواية حظاً كبيراً من التداول وسط القراء، في المواقع القرائية المتخصصة، وأجمع معظمهم على جودتها، وتقول إحدى القارئات: «هذا النص ورطة حقيقية وله تأثير مغناطيسي، كابوسي، الإحساس القارس بوحشة الفرد الذي يدافع بكل شراسة عن فرديته أمام نظام اجتماعي واقتصادي يحاصره»، فيما يقول آخر: «أدخلني هذا النص في براثن مصيدته وخلق لديّ حالة امتزج فيها الألم والمعاناة والعبثية.. نص صادم، وكاتب شرعت نوافذ موهبته تنتشر في فضاءات النص الذي حافظ على تماسكه بدرجة عالية من التكنيك السردي العالي. في اعتقادي أن كل من سيقرأ هذه الرواية، سوف يوافقني على أنها خلقت روائياً بارعاً، له القدرة على الوصف بطريقة تبعث على الإعجاب.. إنه نص عبثي عدمي بامتياز يجعل من أدواته صورة تستحضر الوضع الحقيقي ويحرضك بصدق على التباكي على مآلاتنا، فيه تجسيد منصف لأولئك الذين لا ينتمون إلى عوالمهم، بحيث باتت الغلبة تنصف ثقافة القطيع الهشة البائدة وتنبذ روح الثقافة ومن ينتمي إليها».

الرواية وجدت إجماعاً غير مسبوق، وتبارى القراء في مدح أسلوب المؤلف وفضاءات النص، حيث أشاروا إلى خلو الرواية من العيوب الأساسية والمتمثلة في حشد التفاصيل والتطويل في الوصف.