الرباعي المقاطع يتمسك بالوساطة الكويتية..

واشنطن تلعب ورقة التصعيد ضد إيران لاسترضاء السعودية

تيلرسون بحاجة لمن يترجم له ما يحدث في الخليج

وكالات

ترى أوساط خليجية أن الولايات المتحدة تسعى لإذابة الجليد مع السعودية والإمارات من بوابة التصعيد مع إيران، وذلك بعد أن مرت العلاقات الثنائية بحالة من البرود بسبب تصريحات أميركية عن عقد قمة خليجية في كامب ديفيد دون حوار مع الدول المعنية وفي غياب رؤية واضحة للوساطة التي تعتزم واشنطن القيام بها بين الفرقاء.

وفي رد على مبادرة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعقد هذه القمة، أصدر الرباعي المقاطع بيانا أكد فيه أن الأزمة السياسية مع قطر صغيرة، ويجب أن تحل في إطار الجهود الكويتية. وأضاف البيان “نقدر وندعم جهود أمير الكويت (الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح) ونرى أنها القناة الأمثل لمعالجة أسباب الأزمة القطرية”.

وحث البيان مجددا قطر على “تغيير سلوكها القائم على دعم المنظمات الإرهابية والتوقف فورا عن تمويلها”.

وأعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن الرئيس دونالد ترامب بحث مع زعماء كبار بالسعودية والإمارات أنشطة إيران “المزعزعة للاستقرار” بالمنطقة، وقضايا أمنية واقتصادية أخرى. جاء ذلك في اتصالين هاتفيين منفصلين أجراهما ترامب، الثلاثاء، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي.

ووفق ما جاء في بيان للبيت الأبيض، فإن ترامب أعرب عن شكره للأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد على الجهود التي يبذلانها في إطار مجلس التعاون الخليجي، وقال البيت الأبيض إن ترامب بحث أيضا مع الجانبين سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بخصوص القضايا الأمنية والاقتصادية مع السعودية والإمارات.

ويعتقد متابعون للشأن الخليجي أن الاتصالين اللذين أجراهما ترامب يهدفان إلى محاولة جسر الهوة مع حلفائه الخليجيين خاصة بعد تسريبات أطلقها مسؤولون في البيت الأبيض عن أن إدارة ترامب ستستضيف قمة خليجية في منتجع كامب ديفيد دون أن تتواصل مع الدول المعنية بالأزمة، أو تقدم رؤية واضحة للوساطة التي تعتزم القيام بها بين قطر والرباعي المقاطع.

وكان مسؤولون أميركيون سربوا لوكالة رويترز الجمعة أن قادة السعودية والإمارات وقطر سيلتقون بالرئيس الأميركي في الشهرين المقبلين وسط جهود واشنطن لحل خلاف بين الجيران في الخليج.

وكشف مسؤول أميركي كبير أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يعتزمون جميعا القيام بزيارة ترامب في مارس وأبريل القادمين.

وأضاف المسؤول أن جدول الأعمال سيشمل قمة لدول مجلس التعاون الخليجي تتطلع واشنطن لعقدها بحلول فصل الصيف.

وتعتقد مراجع خليجية أن الدول المقاطعة لقطر لن تقفل الباب أمام جهود أميركية جديدة، كما أنها لن تمانع اللقاء بمسؤولين أميركيين في واشنطن أو في أي مكان آخر، لكنها ستظل متمسكة بمقاربتها لحل الأزمة، وبأن تكف واشنطن عن إطلاق تصريحات مجاملة حسب هوية المحاور بدل امتلاك مقاربة واضحة.

وأشارت المراجع إلى أنه لم يطرأ شيء جديد تجاه الورقة الإيرانية حتى تعود إدارة ترامب إلى توظيفه، خاصة أنها دأبت على إطلاق التصريحات القوية ضد طهران دون أن تقطع خطوات عملية في ذات الطريق، بما في ذلك تلويحها بوقف العمل بالاتفاق النووي مع ترك إيران تستمر في استثمار مزايا رفع العقوبات.

حسن روحاني: مستعدون لمحاورة جيراننا الخليجيين دون الحاجة لأي وجود أجنبي

ويلفت متابعون للشأن الخليجي إلى أن إدارة ترامب فشلت إلى حد الآن في تجاوز مخلفات الأزمة التي تركتها استراتيجية سلفه باراك أوباما تجاه دول الخليج وخاصة ضد إيران، وأن استراتيجية الرئيس الحالي تقوم على التصريحات ولا ترتقي إلى اعتبارها استراتيجية جديدة متفهمة لمآخذ السعودية، لافتين إلى أن ترامب يكرس صورة نمطية قديمة عن الرياض كونها حليفا دائما يكفي أن تطلق تصريحات مجاملة حتى ترضيه.

ولاحظ هؤلاء المتابعون أن السعودية الجديدة تواصل التغيير بشكل متسارع ليس فقط في ملفات حيوية داخلية، ولكن أيضا على مستوى الاستراتيجية التي تتبناها قبل وصول ترامب وإلى الآن، وهي استراتيجية الاعتماد على الذات في حماية الأمن القومي للمملكة ولدول مجلس التعاون الخليجي، وأبرز عناوينها تنويع الحلفاء الاستراتيجيين عسكريا واقتصاديا، فضلا عن تعميق التحالفات الإقليمية عربيا وإسلاميا.

وربما يجد الأميركيون خلال استقبالهم، بعد أسبوعين، ولي العهد السعودي، الشاب والمتحمس للإصلاحات في بلاده، أن إطلاق تصريحات داعمة لخياراته لا يكفي لكسبه إلى صفهم، كون الرياض لم تعد تتعامل مع واشنطن كحليف وحيد، بل صارت تدفع نحو تنويع الحلفاء وإن اختلفت تحالفاتهم ومصالحهم، إذ تقيم علاقات متطورة مع روسيا والصين والهند وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.

وقال مصدر سعودي الأربعاء إنه من المتوقع أن يسافر الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة في زيارة قصيرة، من 19 إلى 22 من مارس، وإنه من المتوقع أن يزور واشنطن ونيويورك وبوسطن، مضيفا أن تفاصيل الجولة لم تحدد بالكامل بعد.

ويحوز توجه السعودية لتنويع الشركاء على تنافس دولي كبير بفعل الأرقام الكبيرة التي توفرها المملكة للإنفاق العسكري والاقتصادي، ما يضغط على واشنطن لمغادرة أسلوبها القديم في اعتبار الرياض حليفا ثابتا وسوقا حكرا على الشركات الأميركية.

ولعل أوضح مفاجآت المملكة ما كشف عنه السفير السعودي في روسيا رائد قريملي من أن مفاوضات بلاده حول توريد صواريخ إس 400 الروسية بلغت مراحلها الأخيرة، ما يمثل اختراقا بالغا للطمأنينة الأميركية بأن السعودية ستظل وفية للمنظومات الدفاعية القادمة من واشطن، وهي التي لا تفعل شيئا لمنع تطوير إيران للصواريخ الباليستية بما يهدد أمن الخليج والشرق الأوسط ككل.

وتنظر بريطانيا بدورها إلى زيارة الأمير محمد بن سلمان الأربعاء القادم كبوابة مهمة لعقد صفقات واتفاقيات تساعدها على تأمين خروج آمن الاتحاد الأوروبي.

ويرافق ولي العهد السعودي خلال الزيارة عدد من المسؤولين السعوديين بينهم وزراء الخارجية والطاقة والمال وآخرون.

وأعلن متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء أن ولي العهد السعودي سيبحث مع ماي عددا من المسائل الملحة ومن بينها مكافحة الإرهاب والتطرف والإصلاح الاجتماعي والتعاون بين بريطانيا والسعودية في مواجهة التحديات الأمنية العالمية.

وتعتقد مراجع خليجية أن محور الزيارة سيكون الموقف من إيران ودورها في اليمن، خاصة أن بريطانيا تقود تحركا لوقف التدخل الإيراني في الملف اليمني، وتسعى لتقديم مبادرة جديدة للدفع نحو حل سياسي للأزمة.

وفي مقابل التحركات التي يقوم بها ولي العهد السعودي لتطويق نفوذ طهران، سعى الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء إلى التهدئة وعرض فتح قنوات التواصل مع دول الخليج في محاولة للانحناء أمام تأثيرات الدور السعودي ونجاحه في خلق رأي عام إقليمي ودولي ضاغط على إيران.

وقال روحاني إن بلاده مستعدة لمحاورة جيرانها الخليجيين في مسائل متصلة بالأمن الإقليمي دون الحاجة لأي وجود أجنبي.

وأدلى روحاني بهذه التصريحات في مدينة بندر عباس الإيرانية الكبرى على مدخل الخليج الذي يشهد توترا إقليميا بصورة متكررة.

وقال الرئيس الإيراني “لا حاجة لدينا إطلاقا إلى الأجانب لضمان أمن منطقتنا. لكن في ما يتعلق بالتدابير المتصلة بالأمن الإقليمي، فنحن مستعدون للتحدث مع جيراننا وأصدقائنا (…) من دون أي حضور أجنبي”.