خوفها من المستقبل..

امرأة يمنية تروي مظاهر تدمير الحوثي للحياة

مظاهر الحياة في مناطق الميليشيات عادت عقوداً إلى الوراء | أرشيفية

وكالات

الموت أرحم من هذا الوضع».. هكذا لخصت المرأة اليمنية الستينية، نعمة، في ريف محافظة إب اليمنية الوضع في مناطق سيطرة الميليشيا الانقلابية بعد ثلاثة أعوام على الانقلاب وجلب الدمار لليمن.

منذ عقدين من الزمن أصيبت نعمة بهشاشة في العظام وتطورت الحالة حتى أصبحت لا تستطيع الوقوف على قدميها، وتقضي معظم وقتها في نافذة المنزل الريفي المتواضع الذي يمتلكه زوجها لكنها كانت تحصل على كل احتياجاتها من أدوية وغذاء وكساء إما من أبنائها الذين يعملون في وظائف حكومية أو من أقاربها.

اليوم وبعد أن نهبت ميليشيا الحوثي البنك المركزي وأوقفت صرف رواتب الموظفين وسخرت الضرائب والجمارك وتجارة المشتقات النفطية لصالح الحرب التي أشعلتها بالانقلاب والسعي لنقل التجربة الإيرانية لم يعد أمام هذه المرأة سوى اللجوء للوصفات الشعبية لمواجهة الآلام المتزايدة في ركبتيها، ولم يعد بمقدورها العيش إلا على قطعة خبز في الصباح وأخرى في الظهيرة تغمس باللبن ومع ذلك فإن هذا مهدد بالتوقف.

خوف من المستقبل

منذ ستة أشهر استنفد الابن كل مجوهرات زوجته وما يمكن بيعه لتغطية الاحتياجات اليومية بعد أن توقف صرف الرواتب منذ ما يزيد على عام، والابن الآخر لجأ للعمل في بيع الخضار في المدينة لتغطية نفقات أسرته بعد أن أوقف راتبه أيضاً.

المساعدات الغذائية التي تقدمها المنظمات الدولية والمحلية شحيحة ولا تصل بانتظام بسبب لصوصية الميليشيات، ولهذا فإن الموت يتربص بالمرأة التي قضت ستة عقود في قريتها تنعم بحياة مستقرة آمنة لا ينقصها الكثير وتحظى برعاية خاصة من أبنائها.

تقول نعمة: «كلما أنظر لأحفادي أشعر بالخوف والرعب وأتمنى الموت قبل أن يكون أبوهم عاجزاً عن توفير الخبز الذي يبقيهم على قيد الحياة»، وتضيف بنبرة حزن: انظر كيف باتت أجسادهم نحيلة مغطاة بالجلد فقط هذه المناظر كنا نشاهدها في أفريقيا ونستغرب كيف يمكن أن يصل الناس إلى حالة من العجز تجعلهم غير قادرين على مقاومة الموت جوعاً، لم نكن نتوقع أننا سنصل في يوم من الأيام لهذه الحالة.

حالة بؤس

وبنفس الألم والحسرة تصف حال الناس في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي، وتقول: «أهانوا الناس جميعاً، كانت هناك عائلات وأسر نعرفها، عزيزة كريمة، يدها ممدودة للمحتاجين. هذه الأسر والعائلات أصبحت تبحث عمن يساعدها، ولا تجد ما تأكله باستثناء الخبز الذي بات الوجبة الرئيسية على موائد الأسر كلها في هذه القرية».

وتضيف: «الطلاب تَرَكُوا المدرسة لأن المعلمين بدون رواتب، ومشروع المياه المتواضع توقف عن العمل لعدم القدرة على توفير الصيانة والوقود لتشغيل محطة الضخ، وعادت النساء والأطفال لجلب المياه من النبع إما على رؤوسهم أو على ظهور الدواب، كما كان ذلك قبل عقود من الزمن».