في ولايته الرابعة..

خمسة تحديات اقتصادية كبرى تواجه بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وكالات

مع استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبدء ولاية رابعة، يتوقع ناخبوه أن يفي بوعوده التي كررها بانعاش اقتصاد روسيا الهش.
ورغم أن الاقتصاد استقر منذ الركود في 2015-2016، إلا أن توقعات النمو لا تتعدى 1-2 في المئة، أي أقل من الهدف الذي حدده الكرملين. 
فيما يلي التحديات الخمس التي تواجه بوتين في المرحلة المقبلة:
1-نقص اليد العاملة: تطرق بوتين مرارا خلال حملته الانتخابية إلى مسألة سياسة الأسرة الحساسة. فقد خسرت روسيا، التي يبلغ عدد سكانها حاليا 147 مليون نسمة، أكثر من خمسة ملايين نسمة منذ 1991، بسبب الأزمة السكانية التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي.
وبدأ اول جيل يولد في الحقبة التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي الآن في دخول سوق العمل الذي من المرجح ان يشهد نقصاً في اليد العاملة المؤهلة، وهو ما سيؤدي إلى خفض النمو الاقتصادي. غير أن هذا الجيل الجديد والأصغر عدداً بدأ يصل إلى سن الانجاب. وقال وزير المالية السابق اليكسي كودرين مؤخرا «ستقل اعداد الشباب خلال السنوات 10 إلى 15 عاماً المقبلة، ولذلك فإن أي شاب متخصص ويمتلك مهارات جديدة ومن بينها المهارات الفنية مثل برمجة الحواسيب، سيساوي وزنه ذهبا».
-2 سن التقاعد :سن التقاعد في روسيا هو 55 للنساء و60 للرجال، وهو من بين الأقل في العالم. ورغم أن العائد المالي للتقاعد الحكومي منخفض للغاية، فإنه ومع انخفاض عدد السكان، يمثل عبئا متزايداً على الميزانية الفدرالية.
وقال بوتين مرارا أنه يجب إجراء إصلاحات، ولكنه أكد دائما أن لحظة القيام بذلك لم تحن بعد.
ورغم أن ليبراليين مثل كودرين ينادون بزيادة سن التقاعد تدريجيا إلى 63 عاماً، فإن التلاعب بسن التقاعد الذي يعتبر من المزايا الاجتماعية المكتسبة خلال الحقبة السوفييتية، قد لا يلقى شعبية في البلاد التي يعاني منها المتقاعدون في أغلب الأحيان من صعوبة في سد احتياجاتهم براتب التقاعد البسيط.
وفي لفتة لهذه الفئة، التي تعاني بشكل خاص من ارتفاع الاسعار في السنوات الأخيرة، أعلن الكرملين يوم الجمعة الماضي أنه سيعمل على صياغة إجراءات لزيادة رواتب التقاعد بوتيرة أسرع من ارتفاع التضخم.
-3 استثمار جذاب :عادة ما يغازل بوتين المستثمرين الأجانب خلال المؤتمرات الاقتصادية، ويعدهم بتحسين مناخ الأعمال الذي تقوضه البيروقراطية وأحيانا القضايا القانونية غير المبررة، حسب ما خلص اليه بوتين بنفسه.
يقول كريس ويفر، مؤسس شركة «ماكرو» للاستشارات «تحتاج روسيا إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية، وتحتاج إلى خلق بيئة تنافسية مناسبة (خفض قيمة الروبل، خفض الضرائب على حوافز الصناعة والاستثمار) وتقليل البيروقراطية».
وأضاف «الحاجة إلى الاستثمارات الخارجية هي كذلك السبب في أن الكرملين لم يرد بالمثل على زيادة العقوبات الأميركية مؤخرا، فهو لا يرغب في جعل حضور المستثمرين إلى روسيا أكثر صعوبة».
ويوم الجمعة الماضي أعلن الكرملين أنه أصدر توجيهات لرئيس الوزراء ديمتري مدفيدف ومحافظة البنك المركزي ألفيرا نابيولينا لوضع «خطة عمل» بحلول 15 يوليو/تموز لزيادة دور الاستثمارات بشكل كبير في الاقتصاد الذي لا يزال معتمدا على النفط والغاز.
ورغم أن الاستثمارات زادت بنسبة 4.4% في 2017 طبقا لإحصاءات وكالة «روستا»، إلا أن الفضل في النمو يعود إلى مشاريع كبيرة تنتهي بعد فترة وجيزة، مثل بناء الجسر الذي يربط منطقة القرم، أو استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم.
4-تنويع الاقتصاد: النموذج الاقتصادي السابق الذي يقضي بزيادة النمو بشكل كبير نتيجة ارتفاع أسعار موارد الطاقة خلال أول ولايتين لبوتين من 2000 حتى 2008، أصبح من الماضي. فرغم أن روسيا غنية باحتياطياتها من الهيدروكربونات (فحم ونفط وغاز)، إلا أنها تحت رحمة تقلبات الأسعار مثلما اتضح في الأزمة في 2015-2016. وحسب مصرف «ألفا بنك» فإن «الاقتصاد لا يزال يعتمد بشكل هيكلي على قطاع السلع، وهو الأمر السلبي لتوقعات النمو».
ويقترح ويفر أنه لكي توقف روسيا هذا الاعتماد، عليها الاستثمار في ريادة الأعمال والشركات الصغيرة من خلال «جعل الأموال المخصصة للاستثمار والاستهلاك الإنتاجي أكثر وأسهل توفرا». كما قال ان على روسيا تشجيع الاستثمار في قطاع «الروبوتات والتكنولوجيات الذكية، والذكاء الاصطناعي».
وكمثال على ما يمكن تحقيقه يشير ليف جاكوبسون، نائب عميد كلية الاقتصاد العليا في موسكو، إلى «النمو المذهل في انتاجية قطاع الزراعة» الذي فاق المعدلات القياسية للمحاصيل والصادرات خلال السنوات الأخيرة.
-5 زيادة الانتاجية :يقول ويفر أن «الاقتصاد يفتقر بشدة إلى الفاعلية والكفاءة. ومن بين أسباب ذلك إرث النظام السوفييتي وكذلك النمو السهل الناتج عن الثروة النفطية في الأعوام ما بين 2000 و2013». ويضيف «هناك العديد من نقاط انعدام الكفاءة في النظام. ولكن إذا تم إصلاحها فيمكن ان تؤدي إلى نمو وقوي».
ويدرج ويفر مثالا على ذلك قطاع النفط. فرغم أنه خاضع للعقوبات بسبب الأزمة الأوكرانية والتي فرضت في أغسطس/آب 2014 ورغم انخفاض الأسعار، إلا أنه زاد انتاجه بنحو 740 ألف برميل يوميا، ويقول «أجبر هذا القطاع على أن يصبح أكثر كفاءة وابتكارا».
ولتحديث الشركات الكبيرة، أطلقت الحكومة العديد من خطط الخصخصة، ولكن حصة الحكومة في الاقتصاد تعززت في الحقيقة خلال السنوات الخيرة بسبب رأسمالية الدولة التي أسفرت عن نمو شركة النفط «روزنفت» بشكل كبير.