تحقيق استقصائي..

ابن أحد أكبر أثرياء العرب يعيش في صنعاء هرباً من جريمته

كريستين فيك والدة مارتين

شبكة إريج (عمان)

“أناشد والدة المتهم بشدة كي تبذل مزيدا من الجهد للتأثير على ابنها (فاروق) حتى يسلّم نفسه ويمتثل للعدالة. يجب أن يكون مسؤولا عن أفعاله بغض النظر عن النتيجة. والدته تحافظ على ابنها ليبقى على قيد الحياة في حين أني فقدت ابنتي مارتين ولن أتمكن من إستعادتها”، هذا ما قالته كريستين فيك والدة مارتين.

بعد مرور 3650 يوما على مقتل الطالبة الشابة مارتين فيك ماجنوسين في لندن، لا تزال والدتها تعيش حالة حداد عليها في العاصمة النرويجية أوسلو.

والدة فاروق عبدالحق، رويدا ميخائيل بشر (62 عاما)- تعيش في القاهرة- تدرك تماما بأن ابنها مطلوب عالميا بسبب الجريمة المتهم بارتكابها.

صادف يوم الأربعاء الرابع عشر من آذار/ مارس الذكرى العاشرة لمقتل مارتين، الطالبة النرويجية التي كانت قد غادرت نادي مادوكس الليلي في العاصمة البريطانية لندن بسيارة أجرة برفقة زميلها الطالب فاروق، نجل الملياردير عبد الحق. وبينما قضت الفتاة نحبها قبل ربيعها الثالث والعشرين في شقّة عبدالحق، كان هو في طريقه إلى بلده الأصلي اليمن.

فاروق عبد الحق مطلوب للاشتباه به بقتل مارتين فيك ماجنوسين ولم تنشر له صور جديدة خلال السنوات العشر الماضية. وما يفاقم معاناة كريستين فيك وعائلتها عدم محاكمة “المجرم” حتى الآن ما حال دون الوصول إلى نهاية عادلة للجريمة.

فاروق مطلوب للشرطة البريطانية لكونه المتهم الوحيد في قضية مقتل مارتين.

على مدى عشر سنوات، بعث أفراد عائلة مارتين رسائل إعلامية إلى المتهم للإدلاء بإفادته أمام الشرطة، لكن دون جدوى. والد الضحية أودد بيتر ماجنوسين – 66 عاما- لعب الدور الأبرز في هذا الشأن، وسط لوعة الأم على فراق ابنتها.

“يقول البعض إن الوقت يداوي كل الجراح. لكن هذه المقولة لا تنطبق على حالتي. الألم أحيانا قد يكون شيئاً مسكّناً، وتأقلمت على التعايش مع هذا القدر المحزن،” تقول الأم . وتضيف”الفراغ الذي سبّبه رحيل مارتين سيكون مصدراً دائماً للألم لنا. وما يؤلم أكثر أن تجد عائلة الجاني تعمل ضدنا بعرقلة تسليم ابنها للشرطة البريطانية”.

” وجدنا جثة هامدة”

يوم السبت الموافق الخامس عشر من آذار/ مارس عام 2008، بينما كانت كريستين فيك تتابع بعض الحاجيات في ساندفيكا مول  في مقاطعة آكرشوس النرويجية قبيل عطلة عيد الفصح، كانت تتوقع وصول ابنتها الكبرى مارتين من لندن في اليوم التالي. فجأة رن جرس هاتف كريستين فيك وإذا بصديق مارتين المفضّل على الخط يقول لها: “مرحباً كريستين، يجب علي إخبارك شيء ما: مارتين اختفت”.

قادت كريستين فيك سيارتها على عجل إلى نيسويا خارج العاصمة أوسلو، حيث المنزل الذي ترعرعت فيه مارتين وشقيقتاها ماتيلدا وماجنوس. كانت السيدة فيك تعيش في ذلك المكان حتى طلاقها من أودد بيتر ماجنوسين قبل ثماني سنوات.

حاولت العائلة بالوسائل كافة حجز مقعد في رحلة مباشرة إلى لندن، لكن دون جدوى. وفي صباح اليوم التالي السادس عشر من مارس/ آذار  ٢٠٠٨ استقلت العائلة أخيرا طائرة تابعة لشركة ساس من أوسلو. وبعد عدة ساعات وصلوا إلى مركز شرطة بيلغريفيا، في لندن. كان في استقبالهم ثلاثة أشخاص يرتدون زي الشرطة.

“عثرنا على جثّة هامدة في قبو المبنى الذي يسكنه فاروق عبدالحق ولدينا سبب ما لنعتقد أن الجثّة تعود لمارتين”، أبلغ أحد الشرطة العائلة الملهوفة.

مارتين فيك ماجنوسين أعلن عن اختفائها في ١٥ مارس ٢٠٠٨

مكالمة مؤلمة

بعد عشر سنوات على تلك الواقعة رتّب لقاء بين فريق من صحيفة أفتنبوستن مع كريستين فيك في نيسويا. ورغم كونها محور المقابلة، فإنها فضّلت حضور والد مارتين أيضاً.

تقول كريستين فيك: “شعرت بالارتياح لوجودنا سويةً نحن الأربعة في لندن. عندما تلقينا خبر العثور على مارتين، نجوت من عبئ إبلاغهم بهذا الخبر البشع”. وتخلص إلى التأكيد: “ساعدني هذا الأمر على المضي قدماً في حياتي. خبر موتها صعقنا جميعاً في آن واحد وبنفس الوحشية. لم يكن هناك أي مجال لأي تفسيرات او تصورات شخصية أو عاطفية غير موضوعية”.

كان عليها إجراء مكالمة هاتفية

“اتصلت بوالدي في سترين (غرب النرويج) لأبلغه بهذه المأساة التي حصلت. من أصعب التحديات التي واجهتها في حياتي كان إبلاغ أحد بفقدان حفيدته المرحة للأبد. لم يكن هناك أي وسيلة لبقة للقيام بهذه المهمة. لا تزال تلك المكالمة التي أجريتها تلتهب في داخلي”. تقول والدة مارتين.

الهروب

لا أحد يمكنه أن يخمّن ماذا حصل بين مارتين فيك ماجنوسين وفاروق عبدالحق داخل شقته في شارع 222 جريت بورتلاند بعد أن غادرا نادي مادوكس الليلي. وكان واضحا على الجثّة العديد من الكدمات والرضوض في منطقة الرقبة، كما أظهرت نتائج التشريح أن مارتين تعرضت للإغتصاب والخنق، لوجود إشارات تدلّ على محاولتها المقاومة للنجاة بحياتها.

عثر على جثّة مارتين فيك ماجنوسين في قبو إحدى التجمعات السكنية في شارع 222 جريت بورتلاند في لندن. وكشف الطب الشرعي أن الوفاة نجمت عن ضغط حول منطقة الرقبة.

وبينما كانت الجثّة ملقاة ومخبأة تحت مواد بناء في قبو المبنى، كان فاروق عبد الحق منهمكا في مغادرة لندن، إذ حجز مقعد رجل أعمال على متن رحلة متجهة إلى القاهرة. هبطت الطائرة في وقت متأخر من ليلة الرابع عشر من آذار/ مارس ٢٠٠٨ في مطار القاهرة، ومن هناك توجّه إلى اليمن، بوسيلة نقل لم تكشف حتى الآن.

“الخيال أكثر شناعة من الواقع”

كانت كريستين فيك في ذهول وصدمة جعلتها غير مدركة لكل ما جرى. عزاؤها الوحيد، كان تكاتف أفراد أسرتها والعون الثمين الذي قدّمه لهم قسّيس كنيسة البحارة النرويجيين تروبيورن هولت.

كريستين فيك برفقة توربيورن هولت قسيس الكنيسة النرويجية بالخارج في سيومانسكيركين بعد جلسة الإستماع الأولى في قضية مارتين في لندن في تشرين الثاني 2010. الصورة: نينا إيرين رانجاي

“لم يحاول التخفيف أو التقليل من هول المأساة، بل قال إن الأمور ستزداد سوءاً بعد الصدمة الأولى حتى نعود ببطء إلى حياتنا اليومية المعتادة. ورغم أنني كنت قد اتخذت قرارا بكامل إرادتي بالحضور إلى محكمة ويستمينيستر كورنر للتعرف على جثّة مارتين، فإن القسّيس هولت نصحني بفعل ذلك”، حسبما تستذكر والدة مارتين.

كانت الفتاة ذات الشعر الأشقر الطويل والعينين الزرقاوين مستلقية على نقّالة في مصلى صغير، حيث قام موظفو الطب الشرعي بوضع غطاء فوق جثّتها.

“أتذكر قول السيد هولت: “في بعض الأحيان يكون الخيال أكثر شناعة من الواقع. لكن ما شاهدته بأم عينيك لن يترك مجالا للخيال لتكوين صور مغلوطة أكثر وحشية”، تقول كريستين فيك، بينما يسرح نظرها في شريط الأحداث. وهي تؤكد أن “تعاملي الصريح مع الكارثة ساعدني على تجاوز هذه المأساة بحزم وإصرار”. وتبدو الآن “مقتنعة تماماً بأن ما فعلته كان عين الصواب باتباع نصيحة القس هولت”. كما “أنني لن أنسى الدعم الذي قدمته جيسيكا وادسورث كبيرة المحقّقين في شرطة سكوتلاند التي حضرت جنازة مارتين”.

أظهرت كبيرة المحقّقين وجهاً إنسانياً لا يمكن إنكاره في ذلك الوقت الذي كانت تدير فيه التحقيقات المعقدة للشرطة”، وفقا لكريستين التي تشكو غياب السلطات النرويجية عن الصورة.

الشرطة البريطانية ترفض الإجابة على أي سؤال فيما يخص قضية مارتين

السلطات البريطانية لن تصرح فيما إذا كانت مستمرة في التفاوض مع شاهر عبد الحق أو إذا كانت ستقبل اقتراحاً بأن يقضّي فاروق عبد الحق المتهم في القضية فترة سجنه في بلد آخر بعد صدور الحكم المحتمل بحقه في بريطانيا.

وكانت الشرطة البريطانية أصدرت مذكّرة اعتقال بحق فاروق عبد الحق بتهمة اغتصاب مارتين فيك ماجنوسين وقتلها. فاروق أصبح مطلوبا عالمياً على لوائح الإنتربول الدولي منذ عام 2008، وتصفه الشرطة البريطانية بإنه المتهم الوحيد في هذه القضية.

“لا أريد أن أكون متذمرة ولكن موظفي السفارة النرويجية كانوا يتصرفون بفتور ورسميات. كانوا مهتمين جداً بالأمور الرسمية والإجراءات مثل كلفة نقل النعش إلى النرويج”.

وزارة الخارجية النرويجية: نتابع القضية

المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية النرويجية جوري سولبرج، تؤكد أن حكومة بلادها ستواصل متابعة قضية مارتين بالتعاون مع السلطات البريطانية. وهذا يشمل مقابلة ممثلين عن السلطات اليمنية أو أي دولة أخرى من الممكن أن تساعد في القبض على المتهم وإحضاره إلى المحكمة في بريطانيا.

“لكن الحرب في اليمن تزيد من تعقيد القضية”

ما الذي ستقومون به بشكل ملموس؟ تجيب: “نحن لسنا مخولين بالإفصاح عن أي تفاصيل فيما يخص الشؤون القنصلية التي تخضع للسرية التامة”.

وتقول السيدة جوري سولبرج إن وزارة الخارجية تدرك تماماً مقدار الخيبة التي تسبّبها بقاء القضية معلقة دون حل لعائلة مارتين فيك ماجنوسين.

وتؤكد سولبرج أن السلطات البريطانية هي المسؤولة عن الملاحقة القانونية في هذه القضية، لافتة إلى أن النرويج عقدت اجتماعات أخيرا مع شرطة العاصمة والخارجية البريطانية في لندن. لكنّها لم تصرح عن الوقت المحدد لهذه الإجتماعات ولا من اشترك فيها.

الجنازة في كنيسة أسكر خارج أوسلو في 30 إبريل/ نيسان عام 2008.

العيش برفاهية

في شارع الإسكندر الأكبر الواقع في حي السفارات بالقرب من طريق سريع مزدحم في القاهرة، تقع فيلا ذات طراز حديث محمية بجدران عالية وحرّاس مسلحين وسياج أخضر. في هذه الفيلا نشأ فاروق وترعرع. يعيش فيها الآن والده شاهر عبدالحق الذي يبلغ من العمر 80 عاما مع زوجته رويدا البالغة من العمر 62 عاما.

رجال أمن عند مدخل قصر عائلة عبد الحق في القاهرة (أريج)

تفيد معلومات أفتنبوستن بإن شقيق فاروق، خالد (33 عاما) وشقيقته سلوى (28 عاما) تركا منزل العائلة، على أن أفرادها يجتمعون عادة في مساكن مختلفة في لندن، باريس أو تكساس.

يظهر مدخل مقر إقامة عائلة شاهر عبد الحق في القاهرة على يسار الشارع في هذه الصورة التي التقطها أحد صحفيي شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية، لمصلحة أفتنبوستن، قبل أن يطارده الحرّاس المسلحون مباشرة.

يدير اليمني شاهر عبد الحق امبراطوريته التجارية من مكاتب ماك إنفيسمينت في القاهرة. وعندما استفسرت أفتنبوستن عنه، أجاب سكرتيره: “مسافر في الخارج، كما يفعل في الغالب”.

وبحسب تصنيفات مجلة فوربس، جاء ترتيب شاهر عبدالحق في المرتبة الرابعة في قائمة رجال الأعمال الناجحين في الشرق الأوسط بثروة تقدّر بالمليارات.

أما زوجته رويدا بشر، فهي أمريكية من أصول سورية عائلتها تعيش في تكساس/ الولايات المتحدة. قابلت شاهر في ثمانينيات القرن الماضي وأنجبت فاروق في أحد مشافي فرنسا، عندما كانت تبلغ 31 من العمر. تحمل رويدا شهادة في القانون ولكن في الواقع لا تعمل في أي مجال قانوني.

أرسلت أفتنبوستن رسالة إلى مقر إقامة رويدا ميخائيل بشر في القاهرة طلباً لإجراء مقابلة معها. سلّمت الرسالة التي احتوت على مجموعة من الأسئلة إليها باليد في تمام الساعة 11:19 صباح الرابع والعشرين من فبراير/ شباط 2018، ووقّع أحد موظفيها وصلا بالإستلام. لكنها لم ترد على الرسالة. وعندما اتصلت أفتنبوستن بها في منزلها أجابت الهاتف امرأة رفضت التعريف عن نفسها. كانت المرأة تتحدث الإنجليزية بطلاقة، وأصرّت على موقفها بأنها لا تعرف أحداً يحمل اسم رويدا بشر أو شاهر عبدالحق. ثم أظهرت بعض الغضب وقالت إننا بالتأكيد نحاول الإتصال بالرقم الخطأ، وبعدها أغلقت الهاتف.

كذلك حاولنا مراراً التواصل مع والد فاروق وشقيقه خالد وشقيقته سلوى وأقرباء رويدا في أمريكا، لكن دون جدوى.

لم يكن أي منهم مستعداً للحديث معنا أو الإجابة على اسئلتنا. العديد من الصور المنشورة على حساب إنستجرام سلوى الخاص تظهر عائلة عبدالحق مجتمعة بالكامل ما عدا فاروق. ويعيش أفراد الأسرة كالمعتاد بكامل رفاهيتهم في أمريكا، القاهرة أو باريس، كما تقضّي العطلات في منتجعات مثل ميكونوس في اليونان (هذه الصور لم تنشر سابقا).

لوعة أم

تقول كريستين فيك: “بغض النظر عن مكان تواجدها، لكن حقيقة أن والدة فاروق لم تفعل أي شيء لإقناع ابنها بتسليم نفسه ورفضها حتى الرد على الأسئلة يبرهن على نقص الحس بالمسؤولية القانونية لديها، وأنانية لا يمكن لأي إنسان أن يملكها”.

أين فاروق عبد الحق؟

هذا الصورة التي التقطت في الخامس عشر من كانون الثاني عام 2013، تظهر عائلة عبد الحق من اليسار الأخ خالد ومن ثم الأخت سلوى ووالدهم شاهر وأمهم رويدا.

تفيد معلومات غير مؤكدة بأن فاروق عبد الحق تزوج وأنجب طفلا. ووفقاً لمعلومات حصلت عليها أفتنبوستن من مصادرها في اليمن، أن فاروق ربما عاش خلال السنوات الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء وبالقرب من مدينة تعز. وتفيد مصادر في اليمن إنه ربما غادر اليمن بهوية جديدة ومظهر جديد.

تواصلت أفتنبوستن بأحد الأشخاص في صنعاء، الذي تمكّن من زيارة  شارع يقع فيه مقرّ إقامة عائلة عبد الحق. وبدا المنزل مهجورا منذ زمن، ولكنه تماماً مثل فيلتهم الذي في القاهرة محمي ببوابات وجدران عالية.

طوال هذه الفترة منذ فراره من لندن، لا يزال فاروق يتمتع بحماية سلطة والده وأمواله، وكذلك شبكة علاقاته ونفوذه العابر للحدود. فشاهر عبد الحق كان صديقاً مقربا للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي اغتيل في ديسمبر/ كانون الأول 2017، وسط تفجّر الأوضاع في اليمن.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2009، قدّم رجل أعمال نرويجي بلاغا للشرطة النرويجية يتهم فيه شاهر عبد الحق بمساعدة ابنه على الهرب وتجنّب الملاحقة القضائية. لكنّ الشرطة رفضت التعامل مع هذه الدعوة، تحت مبرر أن إخفاء أحد الأقرباء المباشرين أو التكتم عليه لا يعد جريمة في هذا البلد، حتى لو كان ارتكب جريمة بالفعل.

مصادر أفتنبوستن في اليمن تفيد بأن هذا المنزل في العاصمة اليمنية صنعاء كان مقر إقامة المتهم بجريمة القتل فاروق عبد الحق لفترات طويلة خلال السنوات الماضية. وحافظ فاروق أيضا على امتلاك مقر إقامة آخر بالقرب من مدينة تعز. بينما تقول مصادر أخرى إن فاروق عبد الحق غادر اليمن.

منزل شاهر عبدالحق في صنعاء- الصورة: خالد عبدالله \ رويترز

لا أفكر في الثأر

بما أنه لا توجد بين بريطانيا واليمن معاهدة لتسليم المطلوبين، بالتالي يجب على فاروق عبد الحق أن يأتي بمفرده متطوعاً للمثول أمام المحكمة للاستجواب والخضوع للمحاكمة. وفي حال أجبر على الحضور، حينها يمكن لمحامي الدفاع الموكل عنه الطعن في القضية.

لذلك فإن الأمل الوحيد لكريستين فيك هو قيام رويدا ميخائيل بشر والدة فاروق أو والده بالتأثير على ابنهما وإقناعه بالمثول أمام المحكمة.

“هو المتهم الوحيد في هذه القضية، ولا يزال ينعم بكامل حريته. أنا لا أكرهه ولا أفكّر بالثأر منه. مهما قلت أو فعلت فهذا لن يعيد لي مارتين التي ذهبت للأبد”.

“هل تعتقدين بأن المتهم سيقول حقيقة ما جرى بينه وبين مارتين”؟

“أشك في ذلك. حتى لو حضر فاروق ليدلي بشهادته في القضية، لا استطيع معرفة فيما إذا كان سيقول الحقيقة أم لا، أو فيما إذا سينكر دوره في الجريمة. ولكن يجب عليه أن يفعل ذلك ويقضي ربما فترة في السجن حتى تغلق القضية نوعاً ما ويمنحني السلام والطمأنينة”. تقول كريستين فيك

قبل مارتين وما بعدها

تقول كريستين فيك إنها تعيش حال يمكن تسميتها “قبل مارتين وما بعدها”.

“فلا شيء يمكن أن يعود كما كان ولا يمكن لشيء أن يكون على ما يرام. أنا لا أريد تنمية بذور الأسى بداخلي ولن أدخل تلك الغرفة المظلمة حيث من المؤلم أن تقبع هناك”.

“ربما قد يجتاحني الألم عند سماعي خبر ما على الراديو أو أي شيء له علاقة بمارتين. هذا الأمر يسبب لي الألم دائما”، تقول كريستين فيك، ثم تردف: “رغم تعقيد هذه القضية لا ينبغي للنرويج القبول بعدم حلّها. أن ينعم المتهمون بارتكاب أفظع الجرائم على الإطلاق بحريتهم يتعارض مع أساسيات العدالة”. وترى السيدة كريستين فيك أنه “إذا تمكّن المتهم من الإختفاء ببساطة بمجرد عبوره للحدود بدون أي عواقب لفعلته يعطينا مؤشرات خطيرة للغاية”. “لا يحق لأحد الإفلات من العقاب.. كما فعل فاروق عبد الحق”

من موقع crimestoppers-uk.org
صورة المطلوب فاروق عبد الحق على موقع منظمة Crimestoppers في بريطانيا ونصيحة الشرطة لتقديم أي معلومات عنه.

لا تأكيد ولا نفي

امتنع بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني عن الإجابة عن أسئلة أفتنبوستن بخصوص الجهود الدبلوماسية المبذولة لجلب المتهم فاروق عبد الحق ومحاكمته في بريطانيا.

وتلقي وزارة الخارجية البريطانية بالمسؤولية على عاتق وزارة الداخلية للإجابة عن تساؤلات أفتنبوستن، ولكن هي الأخرى لا ترغب بالتعليق حول القضية. كما صرح المكتب الصحفي لوزارة الداخلية أنه لن يؤكد أو ينفي فيما إذا أرسل طلب تسليم المتهم أم لا حتى يتم اعتقاله. ولن تصرّح الوزارة فيما إذا كانت على اتصال مع شاهر عبد الحق أو محاميه.

ويرفض البريطانيون كذلك التصريح فيما إذا كانوا على اتصال مع السلطات في اليمن أو بخصوص إمكانية قبول اقتراح قضاء المتهم فترة سجنه في مصر بعد محاكمته في بريطانيا، ذلك أن والده ووالدته وسائر أفراد عائلته يعيشون في القاهرة.

لم يقدّم الجانب البريطاني أي تعليق حول كيفية تعاون سلطات هذا البلد مع السلطات النرويجية، أو إلى أي حد وصل مستوى التعاون بين البلدين في هذه القضية خلال السنوات الماضية .

شاهر عبدالحق: أخلص التعازي منّا لعائلة ماجنوسين

بعد عشر سنوات على مقتل مارتين فيك ماجنوسين علّق الملياردير اليمني شاهر عبد الحق لأول مرّة على تلك الجريمة، التي لا يوجد فيها أي متهم سوى ابنه فاروق.

“نرسل أخلص التعازي القلبية لعائلة ماجنوسين”، هذا ما جاء في الأيميل الذي أرسله شاهر عبد الحق إلى أفتنبوستن عن طريق محاميه ميخائيل أوكاني. “بذلت العائلة خلال السنوات الماضية كل جهدها لحل هذه الحادثة الفظيعة، ونحن ملتزمون بهذا الأمر”. وأنهى تصريحه بالقول: “بارك الله بأسرة المتوفية”.

*تحقيق: وينش فاجلهاوج، جان غونار فرولي، أندرياس باك فوس، محمد الكوماني، وهشام علام