من المطالبة بالاستقلال إلى فدرالية الوحدة..

تقرير: هادي رئيس من الجنوب.. لماذا يواجه الجنوبيين؟

الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مع المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ

خاص (عدن)

لم يتحقق اي شيء يذكر منذ تحرير الجنوب منتصف يوليو (تموز) من العام 2015م، فكل شيء لا يزال خرابا واثار الحرب لا تزال بادية، هناك من عرقلة اعادة الاعمار لاعتبارات سياسية من بينها تحديد مستقبل البلاد ومبدأ قبول الجنوب بنظام الفدرالية بالأقاليم الستة.

على الطريق حي القاهرة وسط عدن حتى الرباط في الطريق الى لحج، تبدو اثار الحرب بادية، فلا شيء تغير غير ان هناك من يدفع عدن نحو الفوضى والخراب، وذلك لمنع الجنوب من العودة الى دولته السابقة التي يطالب بها غالبية الشعب، تقول حكومة بن دغر "انهم يعرقلون نهوض عدن حتى لا يذهب الجنوب نحو الاستقلال".

في الـ22 من فبراير (شباط) 2015م، ذهب احد قادة اللجان الشعبية المناهضة لتنظيم القاعدة إلى قصر معاشيق لمقابلة الرئيس هادي، دخل عليه فوجده متكئا على اريكته ويبتسم في وجوه زواره، وعلى غير المتوقع قال له "فخامة الرئيس لا نريد اقاليم ولا وحدة نريد الجنوب"،

ابتسم هادي ابتسامة عرضه والكل يترقب رده فقال "لا نريد شيء سوى وحدة الجنوب"، ابتسم الحضور، فيما انطلق القائد يخبر المقاتلين بأن الرئيس هادي "معنا ومع الجنوب ولا يمكن نقبل بالوحدة مرة  ثانية".

عانى الجنوبيون الامرين من الوحدة اليمنية التي لم تكن سوى وحدة ضم والحاق الجنوب بالشمال، فالرئيس البيض الذي وقع الوحدة مع صنعاء لم يكن يدرك ان مصيره سيكون مشردا في دول العالم باحثا عن اللجوء السياسي بعد ان فقد كل شيء واضاع دولة مستقلة ذات سيادة في مغامرة خاسرة.

اعتقد الجنوبيون ان الحرب العدوانية التي شنها  الحوثيون على بلادهم هي الفرصة الأخيرة للخلاص من القوات الشمالية التي ظلت جاثمة على الصدور لأكثر من ربع قرن، غير ان تلك الاحلام التي أوشكت ان تحقق عقب تحرير عدن والمحافظات الجنوبية عقب اربعة اشهر من القتال الشرس، سرعان ما تبددت، فهادي الذي تعهد اثناء وصوله عدن، عاد للقول انه لا يزال يتمسك بمشروع الاقاليم الستة التي رفضها الجنوبيون في تظاهرات مليونية، وانسحب الفريق المشارك في مؤتمر الحوار الذي اشرف عليه هادي ذاته.

ثمة اخطاء كبيرة ارتكبها هادي بحق الجنوب، فالجنوبيون الذين هبوا للدفاع عن بلادهم كان هدفهم الخلاص من الوجود العسكري الشمالي، على امل ان تكون اليمن فدالية من اقليمية يعقبها حق الاستفتاء على تقرير المصير للجنوب، لكن ذلك بات مرفوضا من قبل القوى الشمالية التي تريد اعادة الكرة مرة أخرى بحرب جديدة يتم التحضير لها في مأرب.

المجلس الانتقالي الجنوبي الذي حقق نقلة نوعية في مسيرة الحراك الجنوبي يعمل هادي بقوة لعرقلته، وربما مواجهته عسكرياً، فالمجلس الذي يطالب بان يكون الجنوب وحدة جغرافية واحدة، تعرض قادته في شبوة لكمين نصبته قوات عسكرية شمالية في بيحان بشبوة خلال ذهاب تلك القيادات لإقامة فعالية سياسية رافضة لقرار ضم بيحان على مأرب، كما اصدر بذلك الرئيس هادي.

إن ما تقوم به الشرعية تجاه الجنوب، هي محاولة تحضير لحرب ثالثة على الجنوب، الهدف منها السيطرة على منابع النفط والثروات والموانئ ولا شيء أخر.

لم تعد الوحدة اليمنية تهم اليمنيين بعد الحروب التي شنها الشماليون على الجنوبيين، فالجراح لم تعد تقبل المهدئات.

فشل هادي الرئيس اليمني القادم من الجنوب في ايجاد حل لقضية الجنوب على الرغم من تعهده في مؤتمر الحوار بإنهاء  مشاكل الجنوب من بينها الاراضي التي استولى عليها الشماليون عقب الحرب على عدن.

تحصلت صحيفة (اليوم الثامن) على وثيقة تؤكد منح نظام صنعاء أرضية واسعة في قلب الشيخ عثمان لزعيم قبلي بيعت العام الماضي بمليار ريال يمني، لتاجر جنوبي من شبوة.

بينت الوثيقة ان الارضية كبيرة جداً تقدر مساحتها بنحو 40 ألف متر، وتم منحها بالمجان للشيخ محمد حسن هادي السوادي، قال مصدر مسؤول في لجنة معالجة اراضي الجنوب التي شكلها هادي "إنه أصغر شمالي يمنح هذه المساحة".. مشيرا إلى ان البعض يمتلك اراضٍ واسعة عدن وحضرموت تفوق مساحة دولة قطر".

شكل هادي لجنة لمعالجة قضايا اراضي الجنوب عقب مؤتمر الحوار اليمني إلا ان تلك اللجنة رغم ما انجزته من حصر لأعمال البسط لم يتم البت فيها او معالجتها، فالنافذون الشماليون عجزت حكومة هادي اجبارهم على تسليم ما بسطوا عليه.

وبعيدا عن قضية الحقوق، يرفض هادي وحكومته الاستماع للصوت الجنوبي او الجلوس على طاولة مفاوضات كما تفعل الحكومة مع الحوثيين، لكن يقول جنوبيون ان الأمر ليس في يد هادي بل ان القرار الرئاسي يتحكم فيه الجنرال علي محسن الأحمر.

وأطلق الأحمر تهديدات مبطنة للجنوبيين، وتوعد بقتالهم في حالة اصروا على رفض مشروع الاقاليم الستة.

وقال الأحمر على تويتر "الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني هو انقلاب على أحلام اليمنيين في التغيير والبناء وانقلاب على المكتسبات الوطنية وثورتي سبتمبر وأكتوبر".

وتؤكد مصادر رفيعة في الرياض أن الرئيس هادي ونائبه يعملان على بلورة صناعة حراك جنوبي مناهض للمجلس الانتقالي الجنوبي ومؤيد لمشروع الاقاليم الستة.

وكشفت مصادر عليمة في الرياض لـ(اليوم الثامن) "إن فريقا في الشرعية كلف قيادات حراكية على تشكيل فصيل مناهض للمجلس الانتقالي الجنوبي، ورصدت له ميزانية مالية كبيرة".

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها فأن الفصيل الذي يتزعمه ياسين مكاوي سوف يقدم تقارير إلى المبعوث الأممي تزعم ان الحراك الجنوبي موافق على مشروع الاقاليم الستة".. مشيرة إلى ان وسائل إعلام قطرية ابدت استعدادها الوقوف الى جانبه فصيل مكاوي والزعم ان هناك أكثر من طرف في الجنوب لا يريد استعادة دولة الجنوب السابقة، وانما الموافقة على مشاريع التقسيم التي لم يقرها مؤتمر الحوار وانما أقرت لاحقا عقب مشاورات بين هادي ومدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك.

وقالت مصادر مقربة من الرئاسة اليمنية لـ(اليوم الثامن) "إن ياسين مكاوي وعلي هيثم الغريب وفؤاد راشد التقوا بالرئيس هادي مساء السبت وابدا الأخير استعداده لعقد مؤتمر جنوبي يخرج بموافقة على تطبيق مشروع الاقاليم الستة".

ولا يبدو ان نتائج مؤتمر الحوار الذي عقد  عقب تسلم هادي السلطة ي اليمن غير قابلة للتحقيق خاصة في ظل رفض الحوثيين الانصياع لمبادرات السلام الأممية، وهو ما يعني ان مسألة الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة غير قابلة للتحقيق، ومما يعزز ذلك هو محاولة قوات علي محسن الأحمر احتلال اجزاء من محافظة شبوة الجنوبية والتي تقع ضمن اقليم حضرموت، حسب ما اقره مشروع هادي، حيث سيطرت قوات تابعة للأحمر على بيحان اعقبه اصدار قرار بإرجاع بيحان الجنوبية تبع مأرب، في محاولة للسيطرة على منابع النفط.

إن الرئيس هادي مؤكد انه سيغادر المشهد السياسي قريبا خاصة في ظل الحديث عن قرب تسوية سياسية التي تعني ان هادي قد يجبر على ترك السلطة لمجلس رئاسي وحكومة وطنية، بحسب ما يتم تسريبه وهو ما يعني ان مشروع الاقاليم الستة قد تصبح من ماضي هادي، لكن يبقى السؤال الأكثر أهمية لماذا هادي يقف ضد الجنوبيين، وهو منهم.

فخلال الثلاثة الماضية لم يحقق لعدن ابسط مقوماتها كعاصمة، فالحكومة اليمنية ترفض ان يعاد تلفزيون عدن واذاعة عدن، في حين ان هناك قناتين بأسم عدن الأولى مع الحوثيين والأخرى مع الإخوان وسياستهما الإعلامية ضد الجنوب وعدن.