ساندت بقوة عمليات «الحزام» في حضرموت وشبوة وأبين..

جريدة الاتحاد: الإمارات تقود مهمة القضاء على القاعدة وداعش

حملة عسكرية ضد تنظيم القاعدة في ابين نفذتها قوات الحزام الأمني

 بسام عبدالسلام، صالح أبو عوذل (عدن)

مثل تنظيما «القاعدة» و«داعش» الإرهابيان، خطراً كبيراً لا يقل عن خطورة ميليشيات الحوثي الانقلابية الإيرانية، ما دفع بالتحالف العربي إلى تبني استراتيجية إضافية إلى جانب دعم الشرعية اليمنية وإنهاء الانقلاب، شملت وضع خطط لمواجهة هذا الخطر الذي يمثل تهديداً رئيساً لعملية تعزيز الاستقرار في المحافظات المحررة.

على مدى ثلاث سنوات منذ بداية «عاصفة الحزم»، ليل 25 - 26 مارس 2015، تلقى الإرهابيون ضربات موجعة في معاقلهم الرئيسة جنوب وشرق اليمن، بعدما كانت شبه محمية خلال سيطرة ميليشيات الحوثي التي لعبت أدواراً متبادلة معهم في ضرب المناطق المحررة ومحاولة زعزعة استقرارها.

وتصنف الولايات المتحدة منذ نحو ربع قرن تقريباً تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، بأنه الأشد تطرفا على مستوى العالم، وتشن باستمرار غارات بطائرات من دون طيار صادت إحداها ابرز قادة التنظيم من بينهم ناصر الوحيشي عام 2015 لكن من دون أن تتخلص من تهديدات التنظيم.
وساعد انقلاب الحوثيين في انتشار «القاعدة»، وسقوط مدينة المكلا العاصمة الإقليمية لحضرموت في قبضتهم في أبريل 2015، ما دفع الولايات المتحدة التي التعبير عن مخاوفها من أن يصبح اليمن مركزاً رئيساً للتنظيم. ووجدت حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في صعوبة كبيرة خاصة عقب انضمام وحدات عسكرية إلى صف الانقلابيين، وسعي «القاعدة» لإقامة إمارة في المكلا.

وإذ تنفس أهالي عدن والمدن المجاورة الصعداء بتحرير بلادهم من قبضة ميليشيات الحوثي في منتصف يوليو 2015، إلا أنه لم تمض إلا أسابيع قليلة حتى شهدت المحافظة المحررة أعنف هجوم إرهابي استهدف مقر إقامة حكومة خالد بحاح آنذاك ومعسكرات التحالف ما خلف عشرات القتلى والجرحى، لتدخل عدن في أتون فوضى ومسلسل اغتيالات طالت قيادات أمنية وعسكرية.

تجهيز قوات لمكافحة الإرهاب

وأعلن التحالف العربي أن الحرب على التنظيمات الإرهابية جزء مهم من استراتيجيته العسكرية، وبدأت قيادته في مارس 2016، بتنفيذ أولى عملياتها العسكرية في عدن، عبر قوات الحزام الأمني التي أنشأت لهذه المهمة، وتلقى مقاتلوها تدريبات خاصة بمشاركة فاعلة من القوات المسلحة الإماراتية. كما سعت قوات التحالف إلى تشكيل قوات مماثلة في حضرموت وشبوة ولعبت القوات الإماراتية دوراً في إسناد الجهود اليمنية لتشكيل قوات مدربة لمحاربة التنظيمات الإرهابية وتأمين المحافظتين التي تمتلكان شريطا ساحلية وموانئ نفطية مهمة على بحر العرب.

وقال العميد منير محمود اليافعي، قائد اللواء الأول دعم وإسناد أحد ألوية الحزام الأمني في هذا الصدد: «إن القوات تمكنت من تحقيق انتصارات متتالية على العناصر الإرهابية في عدن ولحج وأبين، واستطاعت توجيه ضربات موجعة لعناصر القاعدة وداعش، رغم أن هذه القوات مدربة حديثاً بمساعدة الأشقاء في التحالف خصوصا الإمارات».
وأشار إلى أن الإنجازات التي تحققت في محاربة تنظيمات الإرهاب خلال السنوات الثلاث الماضية كانت كبيرة لتطهير عدن وأبين ولحج، بموازاة تطهير حضرموت وشبوة من الخلايا الإرهابية الخطيرة وقتل واعتقال عشرات العناصر والقيادات الميدانية. وأكد خبراء عسكريون أن الإستراتيجية العسكرية للتحالف وخصوصا الإمارات نجحت في شل قدرات «القاعدة» الذي أصبح عاجزا حتى عن المواجهة، وأضافوا أن قوات الشرطة والحزام الأمني استطاعت خلال فترة وجيزة تفكيك خلايا كانت تعد لتنفيذ عمليات إرهابية كبيرة.

تحرير المكلا.. ضربة كبرى

في 25 أبريل 2016، أعلنت قيادة قوات التحالف، انطلاق عملية عسكرية مشتركة ضد «القاعدة»، بمشاركة الجيش اليمني وعناصر من القوات الخاصة السعودية والإماراتية. وأسفرت العملية عن قتل ما يزيد على 800 من عناصر التنظيم، وعدد من قياداتهم، وفرار البقية.

وعملت قوات التحالف على تشكيل نواة لقوات يمنية حديثة أطلق عليها «قوات النخبة الحضرمية» لتحرير ساحل حضرموت وإنهاء تواجد القاعدة الذي سيطر على ميناء المكلا وميناء الضبة النفطي.

وأشار قائد معركة تحرير المكلا، قائد المنطقة العسكرية اللواء فرج سالمين البحسني إلى أن معركة تحرير ساحل حضرموت فريدة وستخلد في سجل التاريخ، مضيفا أن الدعم العربي ممثلاً بالتحالف كان له الدور الحاسم في تحقيق هذا الانتصار وتطهير المدن من فلول الإرهاب. ولفت إلى أن قوات النخبة الحضرمية أصبحت رقما صعبا لجهة التدريب والتأهيل والمستوى العالي من القدرات.

خطط استراتيجية

وأطلقت قوات الجيش بإسناد من التحالف، وبمشاركة فاعلة من القوات الإماراتية عمليات نوعية ضد عناصر القاعدة وداعش في معاقلها الرئيسية في محافظات حضرموت وشبوة وأبين أسفرت عن تدمير مقرات ومعسكرات تدريبية للتنظيمين ظلت لسنوات عصية على القوات الحكومية السابقة. وعقب تأمين ساحل حضرموت في 24 أبريل 2016، توسعت العمليات العسكرية تباعا لضرب مزيد من المناطق والمواقع التي ظلت لسنوات رئيسية لتنظيم القاعدة. وفي سبتمبر 2016، تمكنت قوات النخبة الشبوانية المدربة بإشراف من التحالف من تأمين ميناء بلحاف الاستراتيجي بمحاذاة الساحل الشرقي.

وأكد العقيد خالد العظمي قائد قوات النخبة الشبوانية في بلحاف أن تشكيل القوات جاء في إطار التنسيق المشترك مع قوات التحالف والقيادات العسكرية في المنطقة الثانية في المكلا لحماية سواحل بلحاف ورضوم خصوصا منشأة بلحاف الإستراتيجية التي تمثل محطة رئيسية لتصدير الغاز الطبيعي.

وأضاف، أن قوات النخبة الشبوانية تعمل على تأمين سواحل المحافظة وكذلك منشآتها الحيوية، موضحاً: الأشقاء في الإمارات لعبوا دوراً محورياً وبارزاً في تأهيل القوات وتدريبها للتصدي لأي هجمات إرهابية.

وفي 3 أغسطس 2017 تمكنت قوات النخبة الشبوانية من فرض سيطرتها على مدينة عزان، التي أعلنها تنظيم القاعدة في أوقات سابقة «إمارة»، وأسفرت العملية عن مقتل وإصابة العشرات من العناصر الإرهابية بينهم أمير التنظيم في عزان، باسل المرواح الذي أصيب في عمليات التعقب. كما تمكنت القوات من ذات الشهر من فرض سيطرتها على مديريات ميفعة وحبان الحوطة وصولاً إلى مناطق الصعيد ووادي يشبم.

وفي 14 سبتمبر 2017 تمكنت قوات الحزام الأمني والدعم الإسناد من إطلاق عملية عسكرية واسعة لتعقب فلول الإرهاب في مديريات وسط أبين، وأسفرت العمليات عن مقتل قيادات في القاعدة أبرزهم، القيادي «عقيل امطلي» وكذلك محمد صالح العولقي القيادي في مدينة مودية، في حين لقي قيادي التنظيم بمديرية لودر «محمد العوسجي» والقيادي «الخضر باصريع» في مديرية الوضيع.

عمليات قاصمة

في 15 فبراير 2018، أعلنت قوات النخبة الحضرمية بدعم من قوات التحالف وبمشاركة فاعلة من القوات الإماراتية عملية «الفيصل» لتطهير المسيني غرب المكلا، حيث تمكنت خلال 3 أيام من تطهير الوادي الذي يعد من أهم معاقل «القاعدة» على مدى سنوات ومقتل 35 عنصرا من التنظيم في المواجهات وفرار العشرات. وفي شبوة أطلقت قوات النخبة الشبوانية عملية متزامنة في 29 فبراير 2018 تحت اسم «السيف الحاسم» لتطهير مديرية الصعيد ووادي يشبم الذي يعد أحد أهم المعاقل التي تتحصن فيها قيادات بارزة في القاعدة وداعش. وتمكنت العملية من اعتقال قيادات بارزة بينهم فهد عاطف.

وأكد العميد محمد سالم البوحر قائد قوات النخبة الشبوانية، أن أغلب مديريات شبوة أصبحت مؤمنة بدءاً من محور بلحاف وعزان والعلم وعتق وصولا إلى مديرية الصعيد التي شهدت عمليات نوعية لأوكار العناصر الإرهابية. وأضاف أن القوات مستمرة بإسناد الأشقاء في التحالف بتنفيذ حملات عسكرية لتعقب وملاحقة الجيوب والخلايا الإرهابية، مضيفاً أن العناصر الإرهابية تشكل خطراً للأمن والاستقرار على مديريات شبوة والمحافظات المجاورة لها.

وقال العميد البوحر، إن قوات النخبة تنتشر في معظم مناطق شبوة في ظل تفكك عناصر القاعدة وداعش الذين أصبحت غير قادرة على المواجهة، ولكنها تلجأ إلى أسلوب العلميات المنفردة والتي سيتم التعامل معها وفق خطة أمنية محكمة. وأضاف أن سيطرة النخبة الشبوانية على صعيد شبوة تعني انحسار القاعدة والحد من تحركاته وعملياته ليس فقط في شبوة ولكن في كل المحافظات الجنوبية.

كما شهدت أبين مواصلة العمليات ضد الإرهاب حيث أطلقت قوات الحزام الأمني بدعم من التحالف عملية «السيل الجارف»، واستهدف تطهير المحفد ووادي حمارا من فلول الإرهاب، وتمكنت قوات الحزام الأمني من قتل وأسر عدد كبير من مسلحي عناصر القاعدة بينهم قادة ميدانيون وأبرزهم المدعو محسن باصبرين.

وأكد قادة عسكريون أن ما حققته العمليات العسكرية في حضرموت وشبوة وأبين يمثل انتصارا استراتيجيا في الحرب ضد الإرهاب الذي تقوده قوات التحالف وبمشاركة فاعلة للقوات الإماراتية، ووصفوا تطهير وادي المسيني ومديرية الصعيد في شبوة والمحفد في أبين بأنها ضربات موجعة أربكت التنظيم الإرهابي. وأشار قائد المنطقة العسكرية الثانية محافظ حضرموت اللواء فرج سالمين البحسني إلى أن الانتصار الذي تحقق على القاعدة في وادي المسيني جاء ضمن عملية نوعية واحترافية بإسناد من صقور الجو الإماراتيين.

وقال، إن معركة الفيصل تمكنت من تطهير المسيني الذي يقع في منطقة استراتيجية فاصلة بين مناطق الساحل والوادي وبمحاذاة محافظة شبوة، لافتا إلى أن تطهير الوادي من الجماعات الإرهابية هو تأمين لكامل مديريات حضرموت من أي عمليات إرهابية.

شريك فعال

وأكد قائد قوات التدخل السريع في أبين، عبداللطيف السيد أن المواقف الشجاعة لقيادة التحالف والمواقف الإماراتية خصوصا منذ بداية عاصفة الحزم كانت الدعم والسند في الانتصارات المحققة في مكافحة الإرهاب في أبين والمحافظات الجنوبية الأخرى. وقال إن الإمارات شريك فعال في مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد رئيس مركز عدن للبحوث الإستراتيجية والإحصاء، «إن الدعم الإماراتي والمساندة اللوجستية والمعلوماتية للقوات الجنوبية ساهمت في تحقيق نجاحات كبيرة ضد التنظيم الإرهابي، واستطاعت قوات الحزام الأمني والنخبة في حضرموت وشبوة ملاحقة التنظيم في آخر معاقله». وأضاف لـ «الاتحاد» «القوات المسلحة الإماراتية نجحت في القضاء على أخطر فرع لتنظيم القاعدة».

حرب ضد الانقلاب والإرهاب

من جهته، أكد المحلل السياسي فهد الصالح العوذلي، «أن التحالف استطاع أن يقود حربين الأولى ضد الانقلاب والأخرى ضد الإرهاب، وحقق نجاحات في كلا الجبهتين». وأضاف: «تحملت الإمارات على عاتقها محاربة الإرهاب في المناطق المحررة من مليشيات الحوثي الإيرانية وهي محافظات الجنوب عدن وأبين ولحج والضالع وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى، وفعلاً قدمت الإمارات الكثير من الدعم العسكري والمالي واللوجستي في هذا الاتجاه. كما شاركت القوات الإماراتية في المعارك ضد القاعدة وداعش في عدد من المدن المحررة إلى جانب قوات الحزام الأمني وقوات النخب الجنوبية وقوات مكافحة الإرهاب، وحققت هذه القوات انتصارات على الإرهاب وسيطرت على اغلب معاقل القاعدة وطهرتها».

وأضاف: «حققت الإمارات في حربها على الإرهاب إنجازاً أمنياً كبيراً وقطعت شوطاً في هذا المجال وصارت جميع المناطق المحررة من مليشيات الحوثي الإيرانية خالية من العناصر الإرهابية التي تنتمي لتنظيمي القاعدة وداعش وسيطرت القوات الأمنية على هذه المناطق، وبهذا تكون الإمارات قد حققت في حربها ضد الإرهاب في اليمن وبفترة وجيزة لا تتجاوز العامين ما لم تستطع تحقيقه الحكومة اليمنية في حربها ضد الإرهاب خلال عشرين عاماً».

*جريدة الاتحاد الظبيانية