طموحات لاستثمار الشمس المشرقة..

الرياض تراهن على الطاقة الشمسية للابتعاد عن النفط

مظلة لتأمين مستقبل الطاقة

وكالات (لندن)

يجري مهندسون سعوديون محاكاة هبوب عاصفة رملية لاختبار متانة ألواح شمسية في مختبر للأبحاث، في مسعى جديد من الحكومة لتنويع مصادر الطاقة بدلا من الاعتماد الحصري على النفط، والتحول إلى إنتاج الطاقة المتجددة، وحتى تصديرها.

وقد يبدو مسعى أكبر مصدّر للخام لأن يصبح مُصدرا للطاقة النظيفة صعب التصديق، ولكن في قرية العيينة قرب الرياض، يتواصل العمل لتحقيق هذه الرؤية.

وتعود هذه الجهود إلى الواجهة بعد توقيع الرياض الأسبوع الماضي عقداً ضخماً مع صندوق رؤية سوفتبنك لتطوير مشروع لاستغلال الطاقة الشمسية بهدف إنتاج 200 غيغاواط من الكهرباء بحلول 2030.

وتم توقيع العقد على هامش زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة في إطار الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأها منذ أشهر.

وتشير تقديرات وكالة بلومبيرغ نيوز إلى أنه في حال بناء حقل للطاقة الشمسية لتحقيق ذلك الهدف في موقع واحد، فإنه سيغطي ضعف مساحة هونغ كونغ.

فاقت خطط السعودية لإنتاج الطاقة الشمسية جميع توقعات الخبراء العالميين. وتشير الآراء إلى أن السعودية تملك المقومات الطبيعية لكن طموح إنتاج 200 غيغاواط بحلول 2030 يمكن أن يواجه تحديات كبيرة في دروب التنفيذ

وبينما أثارت ضخامة الخطة تشكيك البعض، لقيت ترحيبا كبيرا داخل السعودية. ويؤكد مدير مختبر الطاقة الشمسية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عادل شهيوين قائلا “نستطيع أن نفعل ذلك”.

وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية خلال جولة في القرية الشمسية في العيينة أن “الأمر قد يستغرق بعض الوقت، ولكن لدينا كل المواد الخام: أشعة الشمس والأرض والأهم من ذلك الإرادة”.

وينكب المهندسون على اختبار الألواح الشمسية في ظروف قاسية في الموقع، الذي يضم أصلا حقلا للطاقة الشمسية أقيم قبل 30 عاما ويزود القرى المجاورة بالتيار الكهربائي.

وبدأت فكرة الطاقة المتجددة تكتسب زخما مؤخرا، مع توجه السعودية ودول خليجية أخرى لدراسة سبل خفض فاتورة الكهرباء وتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن النفط. ووضعت الرياض هدفا لإنتاج 9.5 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2023.

وتعتمد السعودية حاليا على النفط والغاز لإنتاج الكهرباء. وتستهلك البلاد نحو 3.4 مليون برميل نفط يوميا. ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك إلى 8.3 ملايين برميل خلال 10 سنوات، بحسب مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة.

وتقول الباحثة في معهد الجزيرة العربية في واشنطن إلين والد إن تلك الرؤية “بحاجة إلى منشآت للطاقة الشمسية على نطاق كبير جدا. وما فهمته هو أن المشروع سيتم تنفيذه على أجزاء وليس كمحطة ضخمة واحدة”.

لكن ضخامة المشروع الذي تم الإعلان عنه وأهدافه التي تتطلع إلى تحقيق إنتاج أعلى بكثير من احتياجات السعودية المقدرة بنحو 120 غيغاواط بحلول عام 2032، تثير شكوكا.

ويقول بارت لوكاريلي مدير قسم الطاقة في شركة أي.دبليو.آر لويد الاستشارية إنه “رغم وفرة الأراضي الصحراوية غير الصالحة للزراعة، فإن السعودية في الواقع لا تحتاج إلى هذا القدر من الطاقة الشمسية”.

ويشير إلى “شكوك في إمكانية بناء هذا القدر من الطاقة الشمسية الجديدة خلال وقت قصير في دولة واحدة. وجهة النظر المتفق عليها هي أن 200 غيغاواط كمية هائلة”. لكنه يؤكد أن الرياض “بحاجة إلى تحقيق التوازن” بين مصادر الطاقة المتجددة والوقود.

إلين والد: المشروع الضخم سوف يتم تنفيذه على أجزاء وليس كمحطة ضخمة واحدة

وتحتاج الرياض لاستثمارات للتعامل مع الكميات الهائلة من الطاقة في إطار مشروع بهذا الحجم، خاصة تحديث شبكة الكهرباء وامتلاك منشآت تخزين هائلة بالبطاريات.

ويرى جيمس دورسي، خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية أس.راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، أن “مشكلة السعودية هي أن منافستيها إيران وقطر تمتلكان احتياطات الغاز على عكسها”.

ويضيف أن ذلك “أحد الأسباب التي جعلت الطاقة المتجددة في موقع بارز في برنامج إصلاحات ولي العهد السعودي. ليس فقط بهدف تحضير السعودية اقتصاديا لمستقبل ما بعد النفط بل أيضا للحفاظ على مكانتها الجيوسياسية”.

ولدى السعودية كذلك طموحات نووية وهي تخطط لبناء 16 مفاعلا في العشرين سنة القادمة بقيمة 80 مليار دولار، رغم مخاوف الانتشار النووي في الشرق الأوسط.

ولكن الطاقة الشمسية أفضل من ناحية الجدوى الاقتصادية، إذ تكلف الكهرباء المنتجة من مصادر شمسية أقل من نصف ما تكلفه تلك المنتجة من الطاقة النووية.

وسوف يستثمر في المشروع صندوق رؤية سوفتبنك، الذي يبلغ رأسماله 100 مليار دولار وأنشئ في 2016 بإسهام من صندوق الثروة السيادي السعودي وجهات أخرى.

وأبهرت الرياض المستثمرين مؤخرا بسلسلة من مشاريع التكنولوجيا العملاقة، لكن البعض يشكك في جدواها. وتريد الرياض إقامة منطقة اقتصادية ضخمة أطلق عليها اسم “نيوم” ووصفت بأنها ستكون “سيليكون فالي” على المستوى الإقليمي.

وترجح إلين والد أن تكون “النتيجة النهائية للمشاريع مختلفة بشكل ملحوظ عن الرؤية التي يجري الحديث عنها اليوم. لا أقول إنها ستكون أسوأ وإنما مختلفة”.