الضغط على قطر لوقف دعمها للإرهاب..

وحدة الخليج محور قمة مرتقبة بين محمد بن زايد وترامب

قمة الوضوح

وكالات (لندن)

 ترى أوساط دبلوماسية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحرك الآن في وضع أفضل لبحث الأزمة بين قطر والرباعي المقاطع، وأنه قد تحرّر من الضغوط والعراقيل التي كانت في وزارة الخارجية في الأشهر الأخيرة، ما يجعله يجري سلسلة من اللقاءات والاتصالات لتنفيذ رؤيته للأزمة كان آخرها اتصاله، الجمعة، بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، والاتفاق على لقاء قمة بينهما في البيت الأبيض.

وتعتبر هذه الأوساط أن إدارة ترامب عملت ما كان عليها أن تفعله من البداية، وهو تحرير وزارة الخارجية من استراتيجية سلفه باراك أوباما والتي كان يمثلها ريكس تيلرسون، وهي استراتيجية مرتبكة وساهمت في تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط من خلال مجاراة إيران وإرباك علاقة واشنطن بحلفائها الخليجيين.

وكان واضحا من البداية أن ترامب يراهن على إعادة الدفء إلى العلاقات الأميركية الخليجية من خلال سلسلة من التصريحات والمواقف واللقاءات التي كان أبرزها حضوره قمة الرياض في مايو 2017، والتي هدفت إلى بناء تحالف إسلامي أميركي بمواجهة إيران.

ودعا ترامب في خطاب له بالقمة الدول الإسلامية إلى التحرك بحزم للتصدي للتطرف الديني والنفوذ الإيراني في المنطقة.

وأعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الرئيس الأميركي والشيخ محمد بن زايد اتفقا على السعي من أجل الوحدة بين دول الخليج، وذلك خلال اتصال هاتفي لترتيب قمة مرتقبة بينهما في واشنطن دون تحديد موعد محدد لها.

وقال البيت الأبيض في بيان “يتطلع الرئيس وولي عهد أبوظبي إلى الاجتماع في البيت الأبيض لمواصلة النقاش حول سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة”.

وأشار البيان إلى أن ترامب تحادث هاتفيا مع الشيخ محمد بن زايد “لمناقشة التطورات الإقليمية وفرص تعزيز التعاون في عدد من القضايا الأمنية والاقتصادية”.

وأضاف “اتفق الزعيمان على أن كل دول مجلس التعاون الخليجي يمكنها ويجب أن تفعل المزيد لزيادة التنسيق مع بعضها البعض ومع الولايات المتحدة، لضمان السلام والازدهار لشعوب المنطقة”، وأنهما “اتفقا على أهمية وجود مجلس تعاون خليجي موحّد”.

ويعتقد متابعون للشأن الخليجي أن اهتمام الرئيس الأميركي بما صار يعرف بالأزمة القطرية مهمّ، وأن الرباعي المقاطع لا يعارض أي جهود أميركية في السياق، وإنْ كان يميل إلى اعتبار الوساطة الكويتية هي البوابة الأسلم لحل الخلاف الخليجي-الخليجي.

ويلفت المتابعون إلى أن البيت الأبيض وبعد ترتيب صفوفه يحتاج إلى أن يقارب الأزمة مقاربة في مداها الحقيقي، أي من مدخل الحرب على الإرهاب، وأن الفرصة مواتية أمام ترامب لكي يحسم الأمر من خلال اللقاء المرتقب، الثلاثاء، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في واشنطن.

البيت الأبيض ليس بوسعه تبديد المزيد من الوقت بانتظار تغيير الدوحة لمواقفها من الجماعات المتشددة، وإعادة اندماجها في المنظومة الخليجية

ويقول هؤلاء إن تصريحات المسؤولين في الدول الأربع كفّت عن إثارة قضية قطر بشكل شبه كامل، وذلك لأن الحل بيد الدوحة وحدها، إما بتنفيذ التزاماتها السابقة بشكل واضح وقاطع، وإما بالاستمرار على حالة المقاطعة، معتبرين أن قطر تعرف أن السعودية ليس في الوارد مراجعة موقفها من الجماعات المتطرفة، بل على العكس فهي ماضية بشكل حاسم في مواجهة تلك الكيانات بأوجهها المختلفة مثل الإخوان والقاعدة وداعش، والأمر نفسه ينطبق على الإمارات، ولا يبقى أمام الدوحة سوى تبني القرار الذي تريده وتتحمّل تبعاته خليجيا ودوليا، بما في ذلك بقاؤها في مجلس التعاون وحضورها القمة العربية من عدمه.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات التجارية وروابط السفر مع قطر في يونيو الماضي متهمة الدوحة بدعم الإرهاب وإقامة علاقات مع إيران وتركيا دون مراعاة الموقف الرسمي لمجلس التعاون الخليجي ومصالح بلدانه.

وتعارض الدول الأربع عقد قمة خليجية في منتجع كامب ديفيد أو في غيره من الأماكن، ما لم تتضح المواقف القطرية بشكل قاطع، فلا قيمة لاجتماع لأجل الاجتماع أو الأخذ بخاطر هذا الرئيس أو ذاك، وهي الرسالة التي فهمتها إدارة ترامب من خلال تأجيل فكرة استضافة لقاء خليجي على الأراضي الأميركية إلى سبتمبر المقبل وإن كان المسوغ لذلك ازدحام مواعيد الرئيس الأميركي.

ويعتقد محللون سياسيون أن البيت الأبيض ليس بوسعه تبديد المزيد من الوقت بانتظار تغيير الدوحة لمواقفها من الجماعات المتشددة، وإعادة اندماجها في المنظومة الخليجية، مشددين على أن مصالح واشنطن في المنطقة ستفرض عليها الضغط على قطر لتصحيح وضعها الخليجي والاندماج في الحرب على الإرهاب بالفعل وليس فقط بالتصريحات والوعود.

وتراهن إدارة ترامب بانضمام مايك بومبيو على رأس وزارة الخارجية، وجون بولتون كمستشار للأمن القومي، على بناء جبهة إقليمية حليفة في مواجهة الدور الإيراني بالإقليم، فضلا عن الاستمرار في الحرب على الإرهاب بأكثر فاعلية.

ويشعر البيت الأبيض بالقلق من أن يساهم الانقسام بين حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين في إطلاق يد إيران في الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط.

وقال مسؤولون أميركيون إن إدارة ترامب ستؤجل حتى سبتمبر القادم قمة مع زعماء دول الخليج كان من المزمع عقدها هذا الربيع، وإن التأجيل يعكس جدولا دبلوماسيا مزدحما. بيد أن مصادر أخرى عزت التأجيل إلى حقيقة أن واشنطن لم تحرز تقدما يذكر حتى الآن في إنهاء الخلاف.

واستقبل ترامب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض في 21 مارس الماضي. ومن المقرر أن يجتمع مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني هذا الثلاثاء كما سيجتمع بعد ذلك مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.