آثار وقلاع ونقوش قديمة..

مواقع أثرية.. تاريخ تحت رمال الصحراء

الأبراج الشاهقة التي تكشف عن نمو معماري حديث ينطلق سريعاً في قطر

أحمد يوسف(الدوحة)

 رغم الأبراج الشاهقة، التي تكشف عن نمو معماري حديث ينطلق سريعاً في قطر، إلا أن الحصون والقصور التاريخية؛ إضافة إلى القلاع والنقوش القديمة، ما زالت معلماً بارزاً يجسد تاريخ قطر والخليج.

وتنتشر القلاع القديمة وبقاياها في غالب أنحاء المناطق الشمالية لقطر، والتي كانت تستخدم أبراجها في مراقبة مداخل المدن؛ إضافة إلى حماية السواحل من اللصوص والغزاة.

كما اكتشفت مؤخراً مواقع أثرية تحوي نقوشاً ومجسمات قديمة تعكس الحياة وأدواتها القديمة في تلك المناطق، بعد أن غمرتها رمال الصحراء.

وتملك البلاد، من خلال “متاحف قطر” (حكومية)، رؤية لترميم تلك الحصون وحمايتها، محافظةً بذلك على ماضيها لأجل الأجيال القادمة، بحسب فيصل عبدالله النعيمي، مدير إدارة الآثار في “متاحف قطر”.

ويقول النعيمي، لمراسل الأناضول بالدوحة، إن فريق الآثار يقوم بالتنقيب على البنى التراثية في جميع أنحاء البلاد بما فيها المناطق الساحلية في الشمال، والمناطق الصحراوية النائية في الجنوب.

** القلاع والحصون

ومن أشهر قلاع قطر وأحدثها “قلعة الزبارة”؛ إلى جانب القلاع الأخرى بالساحل الشمالي الغربي في فريحة، الرويضة، اليوسفية، بئر الحسين، الثغب وزكريت، والتي كانت تراقب مدخل شبه جزيرة رأس بروق.

وعلى الساحل الشرقي، تقع قلاع الحويلة، الزرقاء والعذبة، وفي مناطق حول الدوحة في الكوت، وأم صلال والوجبة التي تعد أقدم قلعة في قطر.

ويشير النعيمي أن تلك القلاع والحصون يختلف قِدمها بحسب كل حقبة كانت فيها؛ فمنها ما يعود لمئات الأعوام ومنها ما هو حديث.

وتمثل “قلعة أركيات” نموذجاً للقلاع الصحراوية في قطر حيث تحوي ثلاثة أبراج مستطيلة وبرجاً مستديراً؛ وهي واحدة من عديد القلاع الصحراوية التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، وأحد القلائل منها التي رُممت في ثمانينيات القرن الماضي.

وتضم القلعة بئراً للمياه العذبة، كما توجد بقايا متناثرة من قرية قريبة من القلعة، ويعني اسم أركيات “بئر” باللغة العربية، ما يرجح أن القلعة بنيت لحماية مصادر المياه الأساسية في المنطقة.

** الأبراج والمدن القديمة

وتحتضن قطر عشرات الأبراج القديمة، التي بُنِيَت بغرض حماية الأودية التي كانت تجمع مياه الأمطار الثمينة، ولمراقبة قدوم السفن، كما قد تكون أُستخدمت كذلك كمركز لتحديد التقويم القمري.

وكانت معظم المستوطنات المبكرة تحتضن برجاً واحداً أو أكثر، واختلفت أشكالها من أسطوانية إلى مستطيلة بُنِيَت عادة من الحجارة.

ومن أشهرها “أبراج برزان”، و”أبراج الخور”.

وتنتشر المستوطنات القديمة، التي سكنها أهل تلك المناطق في كثير من أنحاء قطر، واكتشف أغلب تلك المستوطنات العام 1950؛ وغالباً ما تحوى بقايا لمدن قديمة كالآبار والمجازن والمدابس.

وأخْلِيت منذ زمن بعيد تلك قرى والمستوطنات، التي كانت منتشرة على طول الخط الساحلي لدولة قطر والمناطق الداخلية منها.

من أهم تلك المستوطنات موقع الرويضة الأثري؛ موقع فريحة؛ ومدينة “مروب”، التي ترجع للعصور الوسطى.

وتقع مدينة مروب الأثرية فى المنطقة الشمالية من شبه جزيرة قطر ويعود تاريخها الى نهاية العصر الأموى وبداية العصر العباسي.

وعلى إثر التنقيب، الذي جرى فيها، تم الكشف عن مجموعة من المنازل الأثرية التى لا تزال أطلالها قائمة إلى الآن.

وتتكون من 255 منزلاً وزعَت فى ثلاث مجموعات بنائية أكبرها 170 منزلاً، ومجموعتان صغيرتان بالجهتين الغربية والجنوبية على مسافات متباعدة من قصر مروب المحصن الذي يتوسط المدينة.

** النقوش الصخرية

ومن ضمن الأثريات البارزة في قطر، والتي يكثر الاهتمام بها، هي “النقوش الصخرية”، ويمكن العثور على هذه النقوش على طول ساحل قطر.

ومن اهم تلك المناطق التي وجدت بها تلك النقوش في قطر البدع، الجساسية، الفريحة، بلاع، الغارية، جبل فويرط، جبيلات عين محمد، وغيرها.

كما تقع مرتفعات الجساسية قرب الشاطىء على الساحل الشمالي الشرقي لشبة جزيرة قطر، وأهم مايميز هذا الموقع هي تلك النقوش الصخرية التي تزين تلك المرتفعات.

ويبلغ عدد تلك النقوش ما يقارب تسعمائة نقش مركب ومفرد حيث تحتوي على مجموعه من العلامات التي تشبة الأكواب مكتلمة الشكل.

كما تحوي رسوماً على هئية سفن بالمجاديف، ويعتقد أن المنحوتات من هذه القوارب تبدو مثل القوارب التي كانت تستخدم في تجارة اللؤلؤ والمعروف باسم (باتيل والبقارة).

كما يحتوي موقع الجساسية على رسومات حيوانية تصور النعامة والسلحفاة والأسماك.

ومن خلال الفحص الدقيق لأبعاد المنحوتات الصخرية، ذكر بعض الباحثين أن تاريخها يعود إلى النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد والبعض الآخر يذكر بأنها تعود إلى 250 سنة.

** الآبار

ولعبت الآباردوراً هاماً كونها المصدر الرئيسي للمياه الطبيعية، في ظل عدم وجود أنهار دائمة، غير أن أغلبها جفت وتقهقرت، وتقع في مناطق غير مأهولة بالسكان.

ووثق حتى الآن من الآبار والعيون ما مجموعه 107، كما سُجّل موقعها الدقيق، والتقنية المستخدمة في بنائها، وتاريخها والتقاليد المرتبطة بها استناداً إلى مقابلات تم إجراؤها مع السكان المحليين.

وأشهر تلك الآبار “عين حليتان” بمدينة الخور شمال شرق الدوحة.

وتقع العين على الساحل الغربي للخور، وهي أسطوانية الشكل، مبنية من الحصى والطين والجص، وكانت سببًا رئيسيًا لاستقرار قبيلة المهاندة بالمدينة.