امتنعت عن تسمية أي من شركائها التجاريين متلاعبين..

الولايات المتحدة تبقي حرب العملات تحت السيطرة

ارشيفية

وكالات (لندن)
امتنعت الولايات المتحدة الأميركية، فتح جبهة حرب جديدة مع شركائها التجاريين، من خلال عدم تسميتها أيا من شركائها التجاريين الرئيسيين متلاعبين بالعملة، بينما تواصل مفاوضات لمحاولة خفض عجز تجاري ضخم مع الصين.

وفي تقريرها نصف السنوي بشأن العملة، قالت وزارة الخزانة الأميركية، مساء يوم الجمعة، إنها أضافت الهند إلى قائمة للمراقبة لمزيد من التدقيق بينما أبقت على الصين واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وسويسرا في القائمة التي بدأت في 2016.

وقالت الخزانة إن الهند زادت مشترياتها من النقد الأجنبي على مدى الأشهر التسعة الأولى من 2017، مع وصول المشتريات للعام بكامله إلى مستوى قياسي بلغ 56 مليار دولار، أو 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وسجلت الهند فائضا بلغ 23 مليار دولار في تجارة السلع مع الولايات المتحدة في 2017 وهو ما يقل كثيرا عن الفائض الذي سجلته الصين والبالغ 375 مليار دولار.

ولم يشر تقرير الخزانة إلى تهديد الرئيس دونالد ترمب مؤخرا لفرض رسوم جمركية بمليارات الدولارات على منتجات صينية بسبب ممارسات بكين للملكية الفكرية.

وقال إن اليوان الصيني في 2017 ظل مستقرا بوجه عام مقابل الدولار الأميركي.
وأضاف التقرير أن الخزانة «تولي أهمية كبيرة» لتقيد الصين بالتزاماتها في إطار مجموعة العشرين للإحجام عن تخفيض قيمة اليوان لأغراض المنافسة.
وتكهن خبراء بأن بكين قد تستخدم تخفيض قيمة اليوان كسلاح في حرب تجارية أوسع مع الولايات المتحدة.

وارتفع الفائض التجاري بين الصين والولايات المتحدة بنسبة الخمس خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي فيما دعت بكين واشنطن الجمعة إلى الصبر وسط تفاقم التوتر بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

وتسري مخاوف بشأن اندلاع حرب تجارية منذ الشهر الماضي عندما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض سلسلة من الرسوم الجمركية بمئات مليارات الدولارات على البضائع الصينية، ما دفع بكين إلى توجيه تحذيرات مشابهة ردا على واشنطن.
ويأتي الخلاف نتيجة انزعاج إدارة ترمب من انعدام التوازن التجاري الكبير وما تعتبرها ممارسات غير عادلة من قبل الصين التي يرى ترمب أنها تؤثر على الوظائف الأميركية.
وقد خفف تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الأسبوع خفض الرسوم في بعض القطاعات ورد ترمب الهادئ من القلق، لكن لا تزال هناك مسافة بعيدة بين تطلعات البلدين.
وأظهرت البيانات الأخيرة أن الصين لا تزال تستفيد من التجارة بين البلدين؛ حيث أفاد المتحدث باسم مكتب الجمارك هوانغ سونغبنغ أن الفائض التجاري مع الولايات المتحدة سجل زيادة نسبتها 19.4 في المائة بالمعدل السنوي فبلغ 58 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي.
وقال هوانغ للصحافيين في بكين إن الصادرات إلى الولايات المتحدة ارتفعت 14.8 في المائة بالمعدل السنوي فيما زادت الواردات 8.9 في المائة.
لكن الأرقام الأخيرة أشارت إلى تراجع الفائض في مارس (آذار) إلى 15.4 مليار دولار مقارنة بـ21 مليار دولار في فبراير (شباط) و17.7 مليار دولار قبل 12 شهرا.
وسجلت الصين عجزا نادرا من نوعه بقيمة 4.98 مليار دولار مع باقي العالم الشهر الماضي يعزى إلى عوامل موسمية كعطلة رأس السنة القمرية.
أما الصادرات الصينية لدول العالم فانخفضت بنسبة 2.7 في المائة الشهر الماضي، وهو ما يرى محللون أنه أمر طبيعي نظرا لفترة العطلة الطويلة، فيما زادت الواردات بنسبة 14.4 في المائة.
وعلى خلفية التوتر الأخير، كرر هوانغ الخطاب الرسمي الصيني بأن بلاده لا تسعى إلى ميزان تجاري لصالحها.
وقال: «نحن لا نسعى إلى ميزان تجاري يميل لصالح (الصين). السوق هي التي تحدد الوضع الحالي للشؤون التجارية نأمل أن تتحلى الولايات المتحدة بالصبر وتستمع لصوت العقل والمنطق حول مسائل الميزان التجاري».

وأكد أن بكين لا ترغب في الدخول في حرب تجارية مع واشنطن، قائلا: «نحن نؤمن بأن هذه الخلافات التجارية لا تخدم مصالح الصين ولا مصالح الولايات المتحدة».
وبعدما كشف ترمب عن حزمة جديدة من الرسوم التي ينوي فرضها الجمعة الماضية، لجأ شي هذا الأسبوع إلى تبني لهجة تصالحية متعهدا بخفض الرسوم على السيارات، التي اعتبرت من أبرز أسباب الغضب الأميركي، وغيرها من الواردات، إضافة إلى انفتاح اقتصادي أكبر. وأبلغ ترمب المشرعين، الخميس، أن شي «قال إنه سيجعل الصين أكثر انفتاحا (...) وسيزيل كثيرا من الحواجز التجارية وربما جميعها».

لكن المسؤولين الصينيين كرروا خلال الأيام الأخيرة أن الطرفين لا يتفاوضان حول المسألة. وقال الناطق باسم وزارة التجارة غاو فينغ الخميس إن الولايات المتحدة لم «تظهر الإخلاص الضروري للتفاوض». وأما ترمب فصور المسألة بشكل أكثر إيجابية.
وقال للمشرعين في واشنطن: «مجددا، نتعاطى مع الصين بشكل جيد جدا أعتقد أننا نجري محادثات رائعة»، في حين كرر أن الولايات المتحدة ستنتصر في أي حرب تجارية بين البلدين.

وقال: «عندما تكون أقل بـ500 مليار دولار (لجهة الفائض التجاري)، لا يمكنك أن تخسر حربا تجارية نفرض رسوما بخمسين مليار دولار ومن ثم نفرض رسوما بمائة مليار دولار وكما تعلمون، تنفد ذخيرتهم في مرحلة ما».

وخلال العام الأول لترمب في منصبه، سجل الفائض مستويات قياسية فبلغ 357 مليار دولار، وفقا للأرقام الأميركية أو 276 مليار دولار بناء على البيانات الصينية وحتى الآن، لم يتم تطبيق التهديدات الكبرى التي أطلقتها واشنطن وبكين.

ولم يتم فرض رسوم إلا على سلع بقيمة ثلاثة مليارات دولار في إطار السجال الذي يشهد تصعيدا حيث استهدفت الولايات المتحدة الحديد الصلب والألمنيوم، بينما استهدفت الصين لحم الخنزير والخمر بين عدد كبير من المنتجات الأميركية الأخرى.

وبقيت التجارة قوية بين البلدين خلال الربع الأول من العام مع ارتفاع التبادلات الثنائية بنسبة 13 في المائة إلى 142 مليار دولار.
لكن الرسوم التي تم التهديد بها قد تؤثر على النمو الاقتصادي في جانبي المحيط الهادي، وفق ما أفاد محللون.
وقال خبراء اقتصاديون في وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني إن «تداعيات حرب رسوم كهذه واسعة النطاق ستكون كبيرة»، مضيفين أن الرسوم قد تؤدي إلى خفض إجمالي الناتج الداخلي بنقطتين مئويتين على مدى عامين.