وتيرة الإصلاحات..

السعودية تبدأ ببناء صندوقها السيادي العملاق

بانتظار ولادة أحد أكبر المراكز المالية في المنطقة

وكالات (الرياض)

 كشفت مصادر سعودية مطلعة أن الحكومة وضعت اللمسات الأخيرة على شروط نقل ملكية مركز الملك عبدالله المالي في الرياض الذي تبلغ تكلفته عشرة مليارات دولار إلى وزارة المالية وصندوق الاستثمارات العامة.

وتمهد هذه الخطوة الطريق إلى إحياء العمل في المشروع الذي يرجع التخطيط له قبل 12 عاما، ليكون مقرا لبنوك وهيئات مالية تنظيمية في منطقة تعادل تقريبا أربعة أمثال حجم حي المال كناري وارف في لندن.

واختار صندوق الاستثمارات العامة، بنك جيه.بي مورغن لتقديم المشورة في عملية نقل الملكية وفي دراسة الجدوى واضطلع أيضا بمهمة تقييم المركز وحجم التعويضات التي ستدفع إلى المؤسسة العامة للتقاعد.

ومن المرجح أن يضخ صندوق الاستثمارات العامة أموالا كثيرة في المشروع فور السيطرة عليه بشكل رسمي.

وعانى المشروع، المملوك للمؤسسة العامة للتقاعد في البلاد، من تأخيرات في أعمال البناء وتجاوزات في التكلفة وضبابية حول مستقبل ملكيته، حيث لا تزال الرافعات رابضة في موقع المشروع منذ ثلاث سنوات.

وأقرت السلطات بأن المشروع يجد صعوبة في اجتذاب المستأجرين التجاريين. وانتقدت رؤية 2030 المشروع، بسبب عدم دراسة جدواه الاقتصادية وقلة الجهود المبذولة لإقناع المجتمع المالي بالاستثمار.

ووصل إجمالي الاستثمار في المشروع نحو 8.27 مليار دولار في مايو 2014، حسب ما قاله محافظ المؤسسة العامة للتقاعد محمد الخراشي لرويترز حينها. وتملك المؤسسة مركز الملك عبدالله المالي بالكامل من خلال ذراعها الاستثمارية، شركة الاستثمارات الرائدة.

ونقلت وكالة رويترز عن أحد المصادر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إنه نقل للملكية وليس صفقة، وستستحوذ وزارة المالية على الملكية القانونية وسيكون لصندوق الاستثمارات العامة حقوق الإدارة.

وقال مصدر ثان إن الحكومة كانت تخطط لتخصيص 2.3 مليار ريال (613.3 مليون دولار) لتمويل استكمال المشروع، بما في ذلك سداد المطالبات القائمة. ولم يتسن الحصول على تعقيب من مسؤولي وزارة المالية وصندوق الاستثمارات العامة.

واستكمال مركز الملك عبدالله المالي سيكون علامة بارزة في خطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي للسعودية، التي يقودها ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان منذ عامين.

وبدأت المحادثات لنقل المشروع إلى صندوق الاستثمارات العامة في العام 2016، حينما قالت الحكومة إنها ستنقذ المركز في إطار إصلاحات “رؤية 2030” لتنويع الاقتصاد وتقليص اعتماده على النفط.

وتتضمن الخطة تحويل المركز المالي إلى منطقة اقتصادية خاصة بقواعد تنظيمية متميزة وإعفاءات من التأشيرات.

ودعت الرؤية إلى ربط المنطقة مباشرة بالمطار الدولي حيث سيجري تيسير إجراءات الدخول للأجانب وزيادة المنشآت العقارية والفندقية فيها لخلق بيئة متكاملة وجاذبة للعيش والعمل.

ورغم ذلك، انهارت محادثات صندوق الاستثمارات العامة في العام التالي، ولم يتم توضيح التفاصيل بشأن القواعد التنظيمية الخاصة.

وقال مصدران آخران إن مجموعة بن لادن، المقاول الرئيسي للمشروع، أجرت اتصالات الأربعاء الماضي، مع المئات من العمال الذين غادروا منذ توقف المشروع، وطلبت منهم العودة إلى العمل في غضون عشرة أيام.

وبدأت أعمال البناء في المركز في عام 2006 ويتضمن المشروع ناطحات سحاب ومكاتب للمصارف والجهة المنظمة للقطاع المالي في منطقة مخطط لها على مساحة 1.6 مليون متر مربع أي نحو أربعة أمثال حجم كناري وارف في لندن.

لكن المركز الواقع في شمال الرياض شابته مشاكل تتعلق بالمطور الرئيسي، وهو مجموعة بن لادن في ظل تأخر أعمال البناء واحتجاجات العمال في موقع المشروع لعدم الحصول على رواتبهم لعدة أشهر.

وتريد الحكومة أن يكون المركز جاهزا عندما تستضيف الرياض اجتماع قمة مجموعة الدول العشرين في 2020. وقال ولي العهد في أكتوبر الماضي، إن “افتتاح المرحلة الأولى من المشروع ستكون في عام 2018، على أن يتم عقـد قمـة العشرين عام 2020 في المركز”.

وسيستضيف مركز الملك عبدالله المالي أيضا صناعة للسينما يعاد إحياؤها في المملكة، وهي دعامة أخرى لبرنامج الإصلاح. وبعد نحو 40 عاما من الحظر، افتتحت إيه.إم.سي دارا للعرض السينمائي في أواخر أبريل في جزء من مركز المؤتمرات في المشـروع.

وذكرت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأميركية العام الماضي، أن حلمي غوشة سيصبح مديرا للمركز للإشراف على اكتمال المشروع، الذي يعاني من تأخيرات وتجاوزات في التكاليف.

وبعد تكليفه بإحياء المشروع يبرز صندوق الاستثمارات العامة كأحد الأدوات الفاعلة التي يستخدمها الأمير محمد في تنفيذ الإصلاحات التي تتضمن أيضا طرح أسهم في شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية للبيع.

وهناك بالفعل مناطق خاصة في السعودية. فلدى أرامكو مدينة كاملة للعاملين فيها في شرق البلاد، تتضمن منشآت ترفيهية مثل دور السينما وأحواض السباحة التي لا توجد في أنحاء أخرى من البلاد.