قرار ترامب سيصعب الوضع..

مشاكل داخلية وخارجية تُربك الاقتصاد الإيراني

العملة الأيرانية

أ ف ب (طهران)

بينما يُرجِّح المحللون أن تتسبب إعادة فرض العقوبات الأمريكية المرتبطة بملف طهران النووي بأذى للاقتصاد الإيراني، فإن حالة اللايقين التي خلفتها نوايا الولايات المتحدة

والمشاكل الداخلية المتعددة تسببت بأضرار أكبر حتى الآن.واعتبر محللون توقيت معرض النفط الدولي السنوي في طهران هذا الأسبوع مُربِكا، اذ تم افتتاحه قبل يومين فقط من

تاريخ اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بشأن إن كان سينسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وهو ما يعني إعادة فرض عقوبات على إيران.


وقال مستشار أوروبي حضر المعرض أمس الأول «كانت الأجواء قاتمة (…) كان هناك عدد قليل من الأجانب ومنصات العرض صغيرة. إنه أمر محبط».وأقر المنظمون بأن عدد الضيوف الأجانب انخفض بمقدار الثُلث مقارنة بالعام الماضي، حسب ما ذكرت صحيفة (همشهري).


وكانت الصفقة الوحيدة المهمة في مجال النفط التي أبرمتها إيران منذ الاتفاق النووي صفقة للتنقيب بقيمة خمسة مليارات دولار مع شركتي «توتال» الفرنسية و»سي.إن.بي.سي» الصينية العام الماضي. لكن مصير الصفقة بات على المحك حيث يترقب المسؤولون التنفيذيون ما سيعلنه ترامب بشأن الاتفاق النووي.
ولا تزال المصارف الأجنبية تخشى أي تعامل مالي، حتى ولو كان ارتباطه بإيران عرضيا، رغم أن حكوماتها شجعتها على تسهيل التجارة والاستثمار مع الجمهورية الإسلامية.


وقال رجل الأعمال الفرنسي أماوري دو لا سير، لدى افتتاحه فرعا لمطعمه الفخم «سوشي شوب» في طهران الصيف الماضي «ذهبنا إلى وزارة الاقتصاد الفرنسية وأعطونا

لائحة بجميع البنوك التي قد توافق على العمل مع إيران. لكن لدى اتصالنا بهم، رد كل مصرف منهم سلبا».
وعقب التوقيع على الاتفاق النووي، تلقت إيران وعودا كثيرة بدخول الشركات الأجنبية على خط الاستثمار، لكن العديد منها امتنعت عن نقل أموالها فعليا إلى البلاد، وفضلت

التريث لمعرفة إن كان سيتم فرض العقوبات الأمريكية مجددا.
وحسب البنك الدولي، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إيران 3.4 مليار دولار في 2016، وهو أقل بكثير من مبلغ 50 مليار دولار الذي حدده الرئيس الإيراني

حسن روحاني كهدف في العام الأول منذ إبرام الاتفاق.
وقال المحامي الدولي أردوان أمر-أصلاني الذي كتب عدة مؤلفات عن المنطقة ويملك مكتبا في طهران ان الاتفاق النووي شكل «خيبة أمل حقيقية».
وأضاف «بإمكانهم بيع النفط، حسنا، يكفي ذلك لدفع رواتب الموظفين والمحافظة على البُنية التحتية، لكنه لم يجذب حتى جزءا من الاستثمارات التي تحتاج اليها البلاد».
وأضاف «أعمالنا التجارية باتت هزيلة. وتوقفت جميع الاستثمارات الأجنبية. تم تجميد حتى الكميات الضئيلة التي وُعدنا بها».
من جهتهم، يتهافت بعض الإيرانيين للقفز من «المركب الغارق»، حيث ذكرت احدى العائلات الثرية أنها نقلت كامل ثروتها من البلاد هذا الأسبوع قبيل قرار ترامب، بعدما

خسرت الملايين حتى الآن بسبب تراجع الريال الذي فقد ثلث قيمته أو أكثر مقابل الدولار هذا العام.
ويصعب التحقق من الأرقام لكن محللين ومسؤولين أفادوا أنه تم اخراج بين 10 إلى 30 مليار دولار من البلاد خلال الأشهر الأخيرة.
غير أنه يمكن القول بثقة ان القطاع الخاص يعاني من غياب الاستثمارات، فيما النظام المصرفي مشلول بفعل القروض السيئة، بينما مستويات البطالة القياسية تعني أن ثلث

الشباب البالغة أعمارهم أقل من ثلاثين عاما لا يعملون.
وحاول الرئيس روحاني تعزيز الشفافية والاستثمار، لكن التظاهرات التي خرجت في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني كشفت عمق الغضب تجاه التقدم المحدود الذي حققه.
وكتب استاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا التقنية المتخصص بالاقتصاد الإيراني في مقال لـ»بروجيكت سنديكايت» أن «معظم اللوم لأداء إيران الباهت يوجه إلى الفريق الاقتصادي لروحاني الذي ثبت أنه لا يجاري المشكلات الاقتصادية المتنامية».
وأضاف ان جهود روحاني لقيادة إيران نحو اقتصاد موائم أكثر للسوق وقادر على التفاعل مع العالم باتت تواجه خطر «التوقف تماما» ليحل محلها «اقتصاد المقاومة» الخاضع لسيطرة شديدة والمركز على الداخل الذي يفضله خصومه في التيار المحافظ.
وأشار أمير-أصلاني إلى أن «المحافظين لا يرغبون بالتفاوض على مسألة الصواريخ أو الإقرار بانخراطهم في دول أخرى في الشرق الأوسط. حتى لو بقي ترامب (في الاتفاق)، ستكون هناك أربعة شهور إضافية من المفاوضات مع الأوروبيين التي لن تقود إلى شيء».
وأضاف «التضخم يزداد وتأمين فرص العمل يتراجع. وفي نهاية المطاف، إنها كارثة اقتصادية».