الخلافات تتصاعد بين الحوثي وصالح

اليمن: الانقلابيون في ورطة بعد انسحاب إيران

صالح والحوثي

حسن أنور (أبوظبي)

في ظل النجاحات الكبيرة لقوات الشرعية على مختلف جبهات القتال في اليمن، والتغيرات السياسية التي يشهدها العالم حالياً، خاصة فيما يتعلق بوصول إدارة جديدة في واشنطن، باتت الأمور بالنسبة للانقلابيين وحلفائهم في طهران أكثر صعوبة عن أي وقت مضى منذ الانقلاب الذي قاموا به، لإيجاد حالة من التوتر والعنف بما يهدد استقرار المنطقة، وإيجاد منفذ لإيران على البحر الأحمر.

فقد ارتفعت وتيرة الخلافات بين الحوثيين والمخلوع صالح، واتضح ذلك من قيام بعض المقربين من المخلوع بالهجوم على الحوثيين، وفضح فسادهم، بل وتطور الأمر ليصل إلى ظهور دعوات من جانب أعوان صالح للخروج في تظاهرات، وقيام ثورة ضد الحوثيين وفسادهم، والعمل على طردهم. وتزامن ذلك أيضاً بعد حالة الغضب الكبيرة التي أبداها اليمنيون في صنعاء لمشاركة الحوثيين في احتفالات أقيمت في المحافظة اليمنية في ذكرى الثورة الإيرانية الخمينية، إضافة إلى أزمة المرتبات التي يعاني اليمنيون. والدعوة إلى التظاهرات جاءت أيضاً من قبل اليمنيين العاديين الذين يطالبون بطرد الحوثيين، واستعادة الأموال المسروقة والمنهوبة من قبل الانقلابيين.


وفي الإطار نفسه، بدأت تظهر تلميحات من قبل الحوثيين تشير إلى مخاوفهم من انسحاب إيران من الحرب في اليمن، حيث تناولت تعليقات بعض التحليلات أن إيران قررت الانسحاب الكامل من الحرب في اليمن، في ضوء التغييرات التي شهدتها الساحة السياسية الإقليمية والعالمية مؤخراً، وأن هذا القرار نتيجة أمرين، الأول يتعلق بالتصميم الواضح من قبل دول التحالف العربي، وفي مقدمتهم السعودية والإمارات، على اتخاذ موقف حازم حيال الانقلابيين وإصرارهم على إنهاء الانقلاب وإعادة الشرعية للبلاد، وهو ما ظهر واضحاً من خلال دور الإمارات الواضح والرئيس في عملية تحرير المخا والساحل الجنوبي على مدار الأيام الماضية. فمن المؤكد أن النجاحات في المخا، وسقوط العشرات من ميليشيات الحوثي الانقلابية بين قتيل وجريح وأسير، وإجبار الميليشيات على الانسحاب إلى أطراف المدينة من الناحية الشمالية والغربية، في أعقاب معارك طاحنة، مثل ضربة قوية للانقلابيين. فالسيطرة على المخا تمثل تحولاً استراتيجياً كبيراً في العمليات باليمن، لأهمية المدينة ومينائها في تأمين ممر باب المندب الملاحي الاستراتيجي، وهو ما يمثل توجيه ضربتين موجعتين لمليشيات الحوثي وصالح والنظام الإيراني، إذ قطعت قوات التحالف والجيش اليمني والمقاومة الشعبية آخر «شريان» لتهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين عبر ميناء المخا الاستراتيجي، ووقف تجارة تهريب الحوثي للممنوعات لتمويل عملياته، كما يُعد تحرير المخا ضربةً موجعة لإيران أيضًا، حيث أعلنت طهران سابقًا استعدادها لإنشاء قواعد بحرية قريبة من باب المندب، معتقدين استمرار سيطرة الحوثي على سواحل تعز.
وبحسب محللين عسكريين، فإن تحرير المخا سيفتح جبهتين رئيسيتين، إحداهما ستتوجه نحو مدينة الحديدة، ومنها إلى صنعاء، والأخرى ستنطلق شرقًا لاستكمال عملية تحرير مدينة تعز والتوجه نحو محافظتي إب وذمار، بهدف تطويق صنعاء من كل الجهات.

الأمر الثاني، الذي يؤكد وقوع الانقلابيين في ورطة، هو تزايد المخاوف من الصدام الحقيقي مع الولايات المتحدة، خاصة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوضح بجلاء موقفه إزاء الإرهاب الذي تمثله إيران بسياساتها في المنطقة، كما ظهرت التحذيرات الواضحة من جانب البيت الأبيض بضرورة تفهم حكام إيران إلى أن هناك رئيساً جديداً في واشنطن. ولعل العقوبات التي اتخذتها واشنطن الأسبوع الماضي حيال 25 كياناً وشخصاً إيرانياً مثل ضربة قوية لإيران، زادت معها مخاوف القائمين على الحكم في طهران من خطورة الموقف، وأنهم قد يمارسون المزيد من العقوبات التي من شأنها أن تزيد الأمور صعوبة.

وفي الوقت نفسه، لا يمكن إغفال الدور الروسي في إقناع إيران بالانسحاب من اليمن، حيث يبدو واضحاً أن موسكو تحتاج إلى الدور العربي لوضع حلول عاجلة لمشكلات أخرى بالمنطقة.

ويبدو أن الانقلابيين ولإدراكهم لكل هذه الملابسات، وتزايد إمكانية توقف الدعم الإيراني عنهم بدأوا يتخذون القرارات التي تهدف أولاً إلى حماية ما يسيطرون عليه، فقد جاء قرارهم بسحب قيادات جماعة الحوثي كافة، المشرفين والتابعين للجماعة، من صنعاء، وإرسالهم للمشاركة في القتال بجبهات القتال المشرفة على المدينة، خاصة في جبهة نهم التي تشهد تقدماً يومياً لقوات الشرعية، في مقابل تصاعد خسائر الميلشيات.

الهروب «النسائي»
خلال عمليات تطهير المخا ومحيطها من عصابات الانقلابيين، فوجئت قوات الجيش الوطني اليمني بوجود مخازن تابعة للمليشيات الحوثية في المدينة الساحلية، والغريب أن هذه المخازن لم تكن تحوي أسلحة أو ذخيرة أو أي وسائل أخرى متعلقة بالقتال، ولكنها كانت مخازن تحوي كميات كبيرة من الملابس النسائية التي تستخدمها المليشيات للفرار من الجبهة.

ونشرت مواقع محلية محلية صوراً لملابس نسائية، من مختلف الأنواع والأحجام والألوان، عثر عليها عناصر الجيش والمقاومة في المواقع التي كانت تحت سيطرة الحوثيين.

وكانت قوات الجيش الوطني قد ألقت في أوقات سابقة القبض على عناصر حوثية تلبس الزي النسائي في مناطق متعددة خلال فترة الحرب، كان آخرها الخلية التي تتبع الجماعة، والتي ألقي القبض عليها بمحافظة مأرب، وما عُثر عليه في جبهة نهم شرق صنعاء، حيث وجدت مجموعة كبيرة من الفساتين والعباءات في المواقع الحوثية.

وتحدثت مصادر يمنية عن حالات عدة، لجأ فيها عناصر من جماعة للتنكر في زي عروس للفرار من مواقع، قبيل سيطرة الجيش والمقاومة عليها بالكامل.

نهب الأدوية والمستشفيات

جرائم الحوثيين لا تقف عند حد معين، ولكنها تتخطى كل ما يمكن تصوره، ولعل من أبرز هذه الجرائم في الفترة الأخيرة تلك المتعلقة باستيلاء ميليشيات الحوثي على مستشفى ذمار العام، ليكون النقطة الأبرز في حياة المليشيات، ومستودع جثث قتلاها من مختلف الجبهات.

وجاء الاستيلاء على المستشفى بعد إقالة مديرها، وتسريح العشرات من موظفي المستشفى، واستبدالهم بخريجي ثانوية عامة، وتوليهم مناصب عليا لدعم ومساندة الميليشات في جرائمهم. وقاموا بعملية سطو كاملة على المستشفى، وتسخير كل خدماته لمقاتليها، فضلاً عن إغلاق عدد من العيادات بالمستشفى، كان آخرها مركز الغسيل الكلوي، والذي أعلن إغلاقه قبل فترة على خلفية عدم توافر علاج مرضى الكلى.

إضافة إلى ذلك قام الحوثيون بنقل الأدوية التي تم إرسالها إلى المستشفى، من قبل المنظمات الدولية والجهات الحكومية والرسمية، إلى جبهات القتال والمستشفيات الميدانية التابعة للحوثيين في مختلف المناطق.