الصراع الفلسطيني الأسرائيلي..

مخاوف من اختراق إسرائيلي للموقف الدولي

متظاهرون في اليونان يتحدون الأمن نصرة للفلسطينيين

العرب (لندن)

يخشى الفلسطينيون الذين مازالوا تحت تأثير صدمة نقل السفارة الأميركية إلى القدس الاثنين، من تزايد الاختراق الإسرائيلي للموقف الدولي من الملف خاصة مع إبداء عدد من البلدان الغربية تماهيا مع توجهات إدارة الرئيس دونالد ترامب والحكومة اليمينية الإسرائيلية التي يتزعمها بنيامين نتنياهو.

وتقول أوساط سياسية عربية إنه ورغم إظهار معظم دول العالم رفضها للتوجهات الأميركية تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط بيد أنه لا يمكن بالمرة تجاهل حدوث اختراقات في هذا الملف ترجم بحضور عدد من السفراء الغربيين افتتاح السفارة الأميركية بالقدس، فضلا عن قرار دول بالسير على خطى الولايات المتحدة ونقل سفاراتهم إلى المدينة على غرار ما قامت به غواتيمالا الأربعاء.

وتلفت الأوساط إلى أن هذا مؤشر خطير من شأنه أن يضع الفلسطينيين خاصة والعرب بشكل عام في موقف صعب لجهة الدفاع عن حل عادل للقضية، وهو الاعتراف بدولة فلسطينية على أراضي 1967 عاصمتها القدس الشرقية، ما لم تكن هناك استراتيجية واضحة ووقف لسياسة المزايدات التي طبعت مواقف بعض البلدان في المنطقة، وما لم يتم تجاوز عقبة الانقسام الفلسطيني.

وأعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها الأربعاء أنها استدعت سفراءها في أربع دول أوروبية، هي النمسا وتشيكيا ورومانيا والمجر “للتشاور معهم” إثر مشاركة سفراء هذه الدول في حفل استقبال أقامته الخارجية الإسرائيلية احتفاء بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.

واعتبرت الوزارة أن “هذه المشاركة مخالفة جسيمة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة العديدة التي تؤكد أن مدينة القدس هي أرض محتلة منذ العام 1967 وتمنع الدول من نقل سفاراتها إليها”.

وأضافت في بيانها “يأتي هذا الاستدعاء للتشاور مع سفرائنا لدى هذه الدول في ما يتعلق بمواقفها ومدى التزامها بمواقف الاتحاد الأوروبي” في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وكانت وزارة الخارجية استدعت مساء الثلاثاء السفير حسام زملط، رئيس مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، إثر نقل السفارة الأميركية إلى القدس. ولم يوضح البيان مدة استدعاء زملط، أعلى مسؤول فلسطيني في واشنطن.

ويقر مراقبون بأن الدبلوماسية الإسرائيلية النشطة والضغوط الأميركية نجحتا جزئيا في ضرب وحدة الموقف الأوروبي إزاء القضية الفلسطينية، وهو ما ترجمه حضور سفراء المجر والنمسا وتشيكيا ورومانيا للاحتفال الإسرائيلي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.

وشمل هذا الاختراق والذي يخشى من تزايده مناطق في العالم لطالما كانت نصيرا للقضية الفلسطينية على غرار أميركا اللاتينية، بافتتاح غواتيمالا الأربعاء سفارتها هي الأخرى في المدينة المقدسة التي يتمسك الفلسطينيون بجزئها الشرقي عاصمة لدولتهم المستقبل

وحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الغواتيمالي جيمي موراليس حفل افتتاح السفارة التي انتقلت إلى مكتب في المدينة المقدسة.

وصرح موراليس أن “قرار نقل السفارة جاء من قبل الشعب الغواتيمالي وهذا القرار سيقوينا جميعا”. وأضاف أن “إسرائيل منارة للعالم واليوم نعيد تأكيد مواقفنا بأننا أصدقاء وأخوة”، وأعلن أن “غواتيمالا وإسرائيل ستتحدان للأجيال القادمة”.

من جهته أشاد نتنياهو بخطوة غواتيمالا لافتا إلى أنها تأتي بعد يومين فقط من قيام الولايات المتحدة بفتح سفارتها في القدس. وقال “أنا أتطلع إلى أن أبحث معكم الطرق العملية للدفع بهذه الصداقة وهذا التحالف قدما”، لكن “اليوم أود أن أعبر فقط عن مدى سعادتنا باستضافتكم”.

وانتقلت السفارة من مدينة هرتسيليا بتوح إلى مبنى في الحديقة التكنولوجية في المالحة في القدس الغربية.

واعتبر صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن نقل سفارة غواتيمالا إلى مدينة القدس المحتلة، بمثابة “انتهاك للقانون الدولي”. وقال عريقات في بيان صحافي إن غواتيمالا قررت “الوقوف إلى جانب الخطأ من التاريخ”.

ويحذر محللون فلسطينيون من خطورة التغاضي عن حجم الاختراق الإسرائيلي، مشددين على أنه حان الوقت لوقف منطق المزايدات واستثمار الوضع لتحقيق حل عادل للقضية، خاصة مع انكشاف الوجه البشع للاحتلال أمام العالم.

وترافق نقل السفارة الأميركية إلى القدس الاثنين مع مواجهات دامية على حدود قطاع غزة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي النار على المحتجين، وتزامن أيضا مع الذكرى السبعين للنكبة وتهجير أكثر من 760 ألف فلسطيني في حرب 1948.

وأدت الاحتجاجات الفلسطينية على حدود غزة إلى مقتل 62 فلسطينيا معظمهم ينتمي لحماس، بحسب عضو المكتب السياسي للحركة صلاح البردويل.

ويأمل الفلسطينيون في أن تخرج القمة العربية الطارئة على مستوى وزراء الخارجية التي تعقد اليوم الخميس بخطة عملية واضحة لتحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية، وإن كان محللون لا يبدون أي تفاؤل حيال ذلك.

وعقدت الجامعة العربية الأربعاء اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين تحضيرا للاجتماع الطارئ، وأعلن السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة أنه تمت مناقشة مشروع قرار سيعرض على وزراء الخارجية العرب، بشأن الموقف الأميركي من القدس.

وأضاف زكي أن هذا القرار سيمثل أقصى المواقف السياسية التي يمكن أن يتخذها مجلس الجامعة العربية في دعمه للصمود الفلسطيني ورفضه للقرار الأميركي.

وأوضح أن القرار سيعكس موقفا عربيا قويا عبرت عنه القمة العربية الأخيرة في الظهران بالمملكة العربية السعودية ويأخذ مرحلة متطورة في دعم الفلسطينيين ونضالهم وصمودهم.

من جهتها دعت تركيا هي الأخرى إلى عقد قمة إسلامية طارئة في إسطنبول غدا الجمعة بشأن القدس ومستجدات الأوضاع في فلسطين.

وكانت وزارة الخارجية التركية قد طلبت من السفير الإسرائيلي وقنصلها العام، مغادرة البلاد لـ“بضع الوقت”، في خطوة بدت “استعراضية” يدرجها متابعون في سياق المزايدة التي طبعت سياسة أنقرة تجاه القضية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم.

ويرى المتابعون أن تركيا على غرار إيران تحاول استغلال الوضع الفلسطيني لحصد مكاسب سياسية وشعبية، ولإحراج خصومها في المنطقة، رغم أنها عمليا لم تقدم شيئا للفلسطينيين، بل العكس، حيث تسجل المعاملات الاقتصادية المتبادلة بين إسرائيل وتركيا أرقاما لافتة، حتى في أوج الأزمة بينهما (أزمة سفينة مرمرة 2010).

ويستشهد هؤلاء كذلك بالقمة الإسلامية الطارئة التي عقدتها أنقرة عقب إعلان الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر الماضي والتي انتهت بشعارات وخطابات رنانة لا يزال الفلسطينيون ينتظرون تطبيقها حتى اللحظة.