محافظ العاصمة الشهيد..

الشهيد جعفر محمد سعد.. بصمة امل خالدة

الشهيد البطل جعفر محمد سعد

عفاف سالم

هاهي عدن تحيي  ذكرى محافظها اللواء جعفر محمد سعد الذي غادر دنيا البشر نظيف اليد ، طاهر القلب، عفيف اللسان ، عذب القول ، بسيط البيان ، ويعجز عن وصفه ، والوفاء بحقه ، القلم واللسان.

وها هي عدن  تحيي سنويته الاولى ، فمنذ عام ، غادر جعفر عدن روحاً طاهرة تفيض الى بارئها ، تشكو اليه مصابها ، وكيف كان مآلها ، من دونما ذنب ارتكبت ، او جرم اقترفت ، سوى انها نفس اخلصت النية لوجه ربها الكريم ، ولم تساوم ولم تمد يدها يوماً لتلوثها بسطو على مال أو ملكية عامة او حتى خاصة ، فقد عافت نفس الرجل ثقافة السلب والنهب واللهث وراء المنصب طمعاً بالمكسب ، وجني الارباح التي يكدسها هذا المسؤول او ذاك  ومن ثم يرحل مكدساً اوزاراً الله وحده عليم بها وتاركاً كل ما جمع خلفه مكتفياً منها بقطعة القماش التي لا تلبث هي الاخرى ان تفنى وتنتهي تماماً كما يفنى الجسد ، وللاسف ولا من يخاف الله أو يعتبر ، إلا من رحم ربي.

شاهدت على الفضائية الحديث عن الرجل الشهيد الذي استمع ذات يوم لمسرحية الشهيد ، وفاضت عينه تفاعلاً مع مسرحية الشهيد وابنة الشهيد ، وما علم انه قد اوشك على الرحيل ليلتحق هو الآخر بركب الشهيد ، ولتبكيه مرة اخرى ابنة الشهيد وبطلة المسرحية التي تفاعلت احاسيسه ومشاعره معها و لها ، فوجدت فيه كما ذكرت اباً بديلاً ، لكنه للاسف لم يدم  لها طويلاً ، كانت دمعاته قد انهمرت خلسة، وفي حين غفلة ممن حوله ، لكنها يده قد فضحته حين هبت لتمحوها ، وقد اختنقت العبرة والجمته الصمت ، وفي سرعة خاطفة ، ولحظة فارقة ما حسب حسابها ، كانت عدسة الكاميرا قد  التقطتها ووثقت مشهدها ، لتبقى تلك الدمعة الحنونة آية وشاهدة عيان حقيقية ، ان العواطف الحقة لا تباع ولا تشترى ولا تقبا المزايدة وها هي تتجسد هنا في اروع وأبدع صورها وبكل مصداقية ، بعيداً عن الاقنعة الزائفة التي قد يرتديها البعض نفاقاً.

ابنة الشهيد الحقيقية  كانت ضمن الابطال في المسرحية المدرسية  ، قالت ببراءة الطفولة وجدت فيه ما كان في ابي ، وبكيته كما بكيت ابي ، فقد كان فقده صدمة أخرى لابناء الشهداء الذين عرفوه خصوصاً ولمن لم يعرفه عن قرب عموماً .

ربما كان يجسد بالنسبة لهم شعاع النور و ينبوع الامل والعطف والحنان ، فضلاً عن الامان والاحسان ، ولعله كان بصمة امل تبزغ في عز الالم  لهم ولذويهم الذين يتخبطون اليوم في غياهب النسيان .

اغتيل اللواء جعفر واسدل الستار عن حياة كانت حافلة بالجد والعمل . والتحق برحاب الخالدين ليرتاح ذاك الجسد المنهك من سهر الليل وهمه وتعب النهار ومشقته ، رحل وبقيت كلماته حاضرة مدوية ، كلما تناولت فضائية سيرته وشدة عزيمته ومنها : (  اني لكم بالمرصاد وسأفضحكم وبالاسم ان تطلب الامر ) فقد كانت تلك الكلمات الحازمة والجادة تقض مضجع كل فاسد وتزلزله ، ومن المؤكد أنها قد لعبت دوراً كبيراً في التعجيل برحيله والخلاص منه.

اغتيل اللواء جعفر محمد سعد وانتقل من دنيا البشر ، لتحل روحه ضيفة على رب البشر ، رحل ومازالت ، دمعته الأليمة ، ومعاملته الرحيمة و ابتسامته البريئة حية

تذكر به كل من رجا طمس ذكره ، ومحو اثره.

تغمده ربنا بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنته مع الشهداء والأخيار والأبرار ، فقد رحل شهيداً ، وعاش بسيطاً ورحيماً وربنا يرحم من عباده الرحماء كما ذكر ذلك سيد المرسلين والانبياء فمن لا يرحم لا يرحم ، والرجل كان رحيماً بشهادة كل من عرفه .

رحمك ربي وطيب ثراك ، وجعل فسيح جنته مثواك .