جدلاً واسعاً..

جهات حكومية بمصر ترصد تجاوزات الدراما في رمضان

لقطة من مسلسل «نسر الصعيد»

الشرق (لندن)

ثار المجلس الأعلى للإعلام المصري جدلاً واسعاً، بإصداره معايير جديدة للدراما التلفزيونية، قرر تطبيقها على ما يعرض من مسلسلات، خلال الماراثون الرمضاني الجاري، مستعيناً بأربع لجان رصد: واحدة منها تابعة للمجلس الأعلى للإعلام، وثلاث لجان أخرى تابعة للمجلس القومي لحقوق الإنسان، والمجلس القومي للمرأة، وصندوق مكافحة الإدمان، وفق بروتوكول تعاون وُقّع بين هذه الجهات والمجلس الأعلى للإعلام.

وقال المخرج محمد فاضل، رئيس لجنة الدراما في المجلس الأعلى للإعلام، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن المعايير التي صدرت قبل أيام موجهة للقنوات المصرية، وليست لمنتجي الدراما؛ لأنّ مسؤولية المجلس تقتضي متابعة ما يعرض على الشاشات، باعتباره جهاز رقابة شعبي يقدم مصلحة المواطن، وليس تابعاً لأي جهاز تنفيذي في الدولة».

واستبعد فاضل أن يكون هناك انقسام أو رفض لهذه المعايير، مؤكداً على وجهة نظره بأن اللجنة التي أصدرتها من الفنانين، وليسوا موظفين.

وقال فاضل: «إنّ الانتقادات طبيعية؛ لأنّه لا يوجد قرار يمكن أن يرضى عنه كل الناس؛ لكن في النهاية مصلحة المواطن هي التي تُغلَّب. ولمن لا يعرف، فإن لجنة الشكاوى في المجلس الأعلى للإعلام، لديها آلاف الشكاوى من وجود ألفاظ نابية ومسيئة لا تصلح لدخول كل بيت مصري من خلال المسلسلات التلفزيونية».

وعن كيفية تطبيق المعايير الخاصة، ومن يحدّد إذا كان اللفظ مسيئاً أم لا؛ خصوصاً أنّ المسألة نسبية، قال محمد فاضل، «إنّ قانون جهاز الرقابة على المصنفات الفنية التابع لوزارة الثقافة، يطبق المعايير نفسها التي أعلنها المجلس الأعلى للإعلام، وبالتالي يفترض أن يكون المنتجون ملتزمين بها بالفعل، أمّا في تحديد اللفظ، فيمكن الحكم عليه بالطريقة نفسها التي تحدد (السبّ والقذف) في قانون العقوبات».

معايير المجلس الأعلى للإعلام الجديدة، صيغت في أكثر من 20 بنداً، كان أبرزها يتحدث عن وجوب عدم منح أي عمل فني تصاريح إلا بعد كتابة 75 في المائة من السيناريو، وعدم عرضه إلا بعد تصوير 50 في المائة من أحداثه، وأكّد بعضها الآخر على عدم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة والحوارات المتدنية والسوقية، والتوقف عن تمجيد الجريمة، وعدم تشويه صورة المرأة، أو تقديم أعمال تحمل إثارة جنسية، فعلاً أو قولاً، بالإضافة إلى التوقف عن معالجة الموضوعات التي تكرس للخرافة والتطرف الديني.

من جهته، قال جمال العدل، منتج مسلسلات «لدينا أقوال أخرى»، و«أرض النفاق»، و«اختفاء»، و«نسر الصعيد»، التي تعرض خلال السباق الرمضاني، لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من رفضي وجود أي ألفاظ خادشة أو مشاهد مثيرة في المسلسلات التي تنتجها شركتي، فإنّني أرفض المعايير التي أصدرتها لجنة الدراما في المجلس الأعلى للإعلام، وأرفض وجودها من الأساس». وتابع: «كنت أظنّ أنّ هذه اللجنة تريد أن تعيدنا بالزمن إلى الوراء، والحقيقة أنّ مثل هذه المعايير التي أصدرتها لم تكن موجودة حتى في الماضي». وأضاف: «نرى النماذج الإيجابية والسلبية في المسلسلات، ودائما الدراما تأتي من النماذج السيئة، فكيف أقول للمشاهد عن الجيد إذا لم يكن يرى السيئ».

وأشار العدل إلى أنّ هناك بالفعل جهازاً للرقابة على المصنفات الفنية، فلا يُرخّص بتصوير أو عرض المسلسلات إلا بعد الحصول على موافقته، كما أنّ كل قناة حالياً لها رقابتها، وتحذف المشاهد التي تتعارض مع مبادئها، وبالتالي ليس هناك من داع لمثل هذه المعايير التي أصدرها المجلس الأعلى للإعلام».

إلى ذلك، قال الناقد الفني طارق الشناوي: «ليس من الطبيعي وضع قاعدة قبل بدء السباق الرمضاني بأسبوع، ويكون الجميع مطالباً بالالتزام بها، فهذا خطأ شكلي يسقط الفكرة، يضاف إلى ذلك أنّ الأمور نسبية جداً، وتخضع للتّقييم الشّخصي، وهنا تكمن أم المشكلات؛ لأنّ ما يراه البعض متجاوزاً سيرى البعض الآخر أنّه يسير في الطريق الصحيح، لذلك مثل هذه الأمور لا يجب أن تُترك لقرارات تشوبها العشوائية».

وأكد الشناوي أنّ استخدام الألفاظ لا يمكن أن يُجتزأ من سياق العمل الدرامي، فلا يمكن اعتبار لفظ قبيحاً أو خارجاً بمفرده، بدليل أنّ كلمة «ابن الكلب» استخدمت بشكل درامي أكثر من مرة، في فيلم «الخيط الرفيع» على لسان الفنانة فاتن حمامة، وفي «بين القصرين» على لسان الفنان عبد المنعم إبراهيم، وفي الحالتين مُرّرت من دون مشكلات.