مهمة حثيثة..

تحليل: هل ينجح إخوان اليمن في إسقاط محافظ تعز؟

امين احمد محمود محافظ محافظة تعز

مراسلون
مراسلو صحيفة اليوم الثامن

لم تكن الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة تعز، جنوبي غرب اليمن بمعزل عن أهداف استراتيجية تنظم لها جماعة الإخوان المسلمين في المدينة (الاصلاح) في إطار هدم أية حواجز تقف بمثابة حجرة عثرة بينهم وبين طموحاتهم بالمحافظة، والأحداث التي تواترت في المدينة وخلفت ضحايا بينهم مدنيين اضافة الى فوضى القلاقل الأمنية بالمحافظة كان لها ارتباط وثيق بين ما يجري خلف الكواليس والواقع المر الي تعيشه المحافظة، وكل ذلك يجري بالتزامن مع حملات اعلامية يومية ينتهجها أنصار الحزب لتشويه الخصوم السياسيين والحلفاء في الخارج، حتى على مستوى الدول المشاركة في عمليات التحالف العربي في اليمن.

يعتبر الإصلاح في تعز المحافظ الجديد الذي جاء على وضعٍ ملتهب في المدينة غير مناسب بالنسبة لهم، ويوجهون له تهماً كان آخرها اتهامه بالتواطؤ مع الجماعات الارهابية، وقبلها اتهامه بمحاولة تفكيك الجيش، أما التهمة الثابتة التي يسوقونها بين الحين والآخر هي ‘‘تبعية المحافظ للإمارات‘‘ بحسب ادعاءهم، وعلى هذا الموال الأخير سيقت حملات اعلامية متعددة وصل الحال بها الى مطالبة المحافظ بالخروج من المدينة وترك الأمور لمزيد من الصراع والاقتتال الداخلي بين أطراف المقاومة الشعبية.

ومنذ تعيين الدكتور أحمد محمود محافظ للمحافظة بقرار جمهوري في نهاية العام الماضي دشن الإخوان موجة من الرفض لتعيينه في هذا المنصب، غير أن الرجل حظي بقبول شعبي في المدينة وترحيب سياسي من قبل الأحزاب السياسية الأخرى بعد فترة وجيزة من ظهوره على المشهد، وما أكسبه تأييداً أكبر كان ناتج عن حله لكثير من المشاكل في المدينة والتي كان على رأسها مشكلة انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين والقصور الأمني واستعادة مؤسسات حكومية بالمحافظة كانت تخضع لسيطرة عسكرية من قبل أطراف المقاومة الشعبية.

اسئلة كثيرة في مصادفة الواقع بمدينة تعز لا تلقى لها أجوبة، وبين هذا وذلك لا يستتب الوضع في حين الا وعاد القتال داخل المدينة المكتظة بالسكان مجدداً موقعاً مزيد من القتلى المدنيين، فيما مؤهلات الحل من واقع الوضع غير متجلية لإثبات ما إذا كانت الأمور في طريقها الى التحسن ام الى مزيد من التعقيد.

في أواخر الشهر الماضي شب قتال شرس بين أطراف المقاومة الشعبية، حظي المحافظ بتأييد كبير من قبل ناشطي الحزب بعد إعلانه حملة أمنية لملاحقة المتطرفين في المدينة، غير أنه عاود وبعد ساعات اتخاذ قرار آخر قضي بإيقاف الحملة الأمنية لكن المسئولين عليها رفضوا الانصياع لقرار الإيقاف. وحينها أوكدت المعلومات عن مصادر عسكرية رفيعة بالمدينة أن ‘‘سالم‘‘ القائد المتخفي لقوات الإصلاح في تعز أصر على القوات المشتركة في الحملة الأمنية مواصلة القتال في الأحياء الشرقية للمدينة.

في القتال الذي استمر لأيام وعطل الحياة العامة بالمدينة، استهدفت كتاب اللواء 35مدرع المتمركزة في المدينة رغم أن المحافظ أقر أن الحملة تستهدف العناصر الارهابية، ولم يتسق توجيه المحافظ حينها مع رغبات إخوان تعز الذين قصدوا قوات 35واستولوا على أسلحة تابعة لها بعضها كانت في الخطوط الأمامية المواجهة للمليشيات الحوثية شرقي المدينة، ولم يتوقف القتال الا بعد تدخل لجنة من التحالف العربي لحل الأزمة الأمنية وإعادة الأمور الى وضعها الطبيعي.

كان المحافظ السابق للمحافظة علي المعمري يحظى بالتفاف مموه من قبل قوى الإصلاح في المحافظة، غير أنه لم يحقق نجاحاً ملموساً على الأرض وظلت الأمور يومها تتجه في منعطف سيء أثر على الحياة بالمحافظة، واختص فقط بالتنقل بين القاهرة والسعودية، أما مشاكل المدينة بقيت عالقة دون أي حل يذكر، ولم يكن علنياً محسوب على الجماعة الا أنه كان يلاقي قبولاً لديها بكونه لم يتدخل في مشاريعها التي تتمدد في المدينة على حساب أمنها وأمانها.

محمود المحافظ القادم من كندا على كمٍ هائل من المشاكل بالمدينة يواجه تحدياً صعباً في المحافظة التي تشكل وكراً للإصلاح ويسيطر فيها الأخير على مفاصل الدولة والقرار العسكري والأمني والإغاثي حتى، سيكون من الصعب عليه أن يحقق ما يأمله أبناء المدينة في حال ظلت القوى الانتهازية تمسك بزمام الأمور، والوضع برمته يحتاج الى إعادة صياغة من جديد وتفكيك القوى الملتصقة على سلم القرار وتوزيع المهام بعيداً عن سيطرة الجناح الواحد، لكن هل سيقبل الإصلاح بذلك؟.

لا يجد حزب الإصلاح أي خيارات متاحة أمامه لاتخاذ حلول لمشاكل تعز على الإطلاق، هي مدينة تخصه وحده في نظره، ولا يتفوق عليه أحد، وفي حال جرى تنشيط سبل من شأنها تفكيك هذه القبضة التي تقوض أي دور رائد بالمحافظة لن يتوارى عن اتخاذ موقع هجومي لاسترداد ما خسره والحفاظ على ما قد يخسره، وبين هذا وذاك سيكون الجنوح للعاصفة أمر لا بد منه، خاصة وأن الحزب يواجه أزمة ثقة كبيرة على المستوى الشعبي والسياسي وحتى الدولي، ولا يتخذ أي خطوات تطمينية تحفظ له ماء الوجه وتساعده في البقاء ضمن المنظومة السياسية في البلد، وكل ذلك نتيجة الانتهازية المفرطة التي ينتهجها في الزمان والمكان غير المناسبين.