معركة الحديدة ..

تحليل: هل اقترب موعد عزل المليشيات عن البحر؟

قوات الشرعية

مراسلون
مراسلو صحيفة اليوم الثامن

يؤمل اليمنيون كثيراً على التحركات العسكرية في الساحل الغربي، لعزل المليشيات الحوثية تماماً عن المنافذ البحرية واغلاق باب التكهنات عن أي احتمال لدعم ايراني يصل إليها، ومثلهم التحالف العربي الذي يُكرس جهوده لانتزاع ميناء الحديدة من قبضة المليشيات، الميناء الذي لطالما كان بوابةً تستقبل عبرها المليشيات دعماً إيرانياً أمكنها من الاستمرار في مسرح العمليات القتالية لهذه المدة.

سرعة الانجاز العسكري في فترة وجيزة مقارنة بالانجازات العسكرية المختلفة أعطى تفسيراً جديداً للقتال الدائر في اليمن، فبغضون ثلاثة أيام توسعت رقعت المعارك الماضية نحو الحديدة بمسرح عمليات قتالية وصل الى أكثر من 74كم وبات حالياً في سيطرت قوات ألوية العمالقة وفصائل المقاومة، وتركز القتال في الشريط الساحلي فيما تركت المناطق السهلية في موضع تحييد على أن ينجز تحريرها في إطار خطة التفاف عسكري لتقليص مستوى لخسائر العسكرية بحسب عسكريين. وهذا الاندفاع غير المسبوق نحو محافظة الحديدة خلط اوراق اللعبة من جديد لدى المليشيات الحوثية وبدى أنها تعيش وضعاً غير متزن للحفاظ على أكبر قدر من المواقع التي تسيطر عليها لكنها ما تزال قادرة حتى على المناورة في أقل تقدير، اما اقرارها بتراجعها ساحلياً فقد أعلنه زعيمها عبد الملك الحوثي الذي وصف الخسارة بالتراجع الموضوعي.

لطالما كانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عائقاً كبيراً اما التقدم نحو محافظة الحديدة، وكانت يافطة الوضع الانساني دائماً ما ترفع كلما أظهرت المعطيات أن عملية عسكرية يتجه ريحها صوب الحديدة، وراجع إيعاز المجتمع الدولي على التحالف والشرعية من التأهب العسكري في الساحل منذ عامين، الا أن الضوء الأخضر على ما يبدو أنه منح اليوم للتحالف، وهذا في الأساس ذو علاقة بالتغيرات التي طرأت على المشهد الدولي وأولها انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي مع ايران في الثامن من مايو أيار الجاري، وتقرير الأولى اتخاذ موقفاً صارماً تجاه التدخلات الايرانية في الشرق الأوسط.

لا يخفى على أحد أن الورقة الدولية في المشهد اليمني عقدت من الوضع الانساني والقت بظلالها على العمل العسكري أيضاً، وكان لها تبعات في مختلف الأوضاع بالساحة اليمنية والإقليمية، وهي أساساً من أتاحت للمليشيات تعزيز عوامل قوتها في الاستراتيجيات القتالية والتسليح العسكري الذي يتم بدعم من خبراء ايرانيين يعملون في اليمن بحسب ما تؤكده تقارير اعلامية دولية.

تفيد المعلومات أن المنظمات الدولية طالبت موظفيها بالخروج من محافظة الحديدة الى مناطق آمنة، ما يعني أن المدينة أضحت ساحة قادمة للحرب وذلك يشهد له أيضاً إصرار المليشيات على التحشيد العسكري يومياً نحو المحافظة لمحاولة صد التقدم العسكري للقوات التابعة للحكومة الشرعية وفصائل المقاومة الشعبية. الى جانب هذا فإن الحوثيين رفعوا كل المظاهر العسكرية في المدينة وبدت المدينة متأهبة لاستقبال جولة جديدة من القتال الشرس أمام فريقين أحدهما يحاول أن يبقيها تحت سيطرته لاستفادته الكبيرة منها والآخر يعتزم انتزاعها وعزل المليشيات تماماً عن المنافذ المائية.

بحسب تقرير نشرته وكالة ‘‘رويترز‘‘ مؤخراً، أكد مسئول ايراني أن بلاده وافقت على العمل مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإنهاء الصراع في اليمن بسبب الكارثة الإنسانية هناك. ما يوضح أكثر بأن وضع المليشيات بات صعباً للغاية ولذا تحاول إيران وقف التصعيد لتمكين حلفاءها من ترتيب صفوفهم مجدداً. مضيفةً عن مسئول اوربي أن الايرانيين ‘‘أبدوا مؤشرات على استعدادهم الآن لتقديم خدماتهم في الاتصال بالحوثيين من أجل المضي قدما‘‘.

واتخاذ إيران لموقف كهذا لم يكن ملموساً من قبل، إذ كانت طهران تغذي الصراع القائم في اليمن وتحفز مليشياتها على التصعيد أكثر، سواء عن طريق تصريحات المسئولين الايرانيين، أو الدعم اللوجستي للمليشيات في تنظيم عملها العسكري وتصعيد هجماتها الصاروخية على المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن.

ثلاثة أعوام من الصراع العسكري والسياسي والخلافات الداخلية في المنظومة الشرعية ربما كانت كافية بالنسبة للتحالف والشرعية ذاتها، ودخول طارق صالح الى المشهد العسكري يطرح الكثير من الايجابيات بالنسبة لحلفاء الشرعية بما يجري اليوم في الساحل الغربي، فتل الفترة كافية للخلاف والوقت حان لأن تتغير الأقوال الى أفعال. 

لا يستبعد أن تتوقف العمليات العسكرية في الساحل لكن ليس قبل أن تصل الى ميناء الحديدة على أقل تقدير، فالعمليات التي جرت مؤخراً والانتصارات التي تحققت لن يكون لها أي قيمة تذكر إذا لم تصل الى الميناء، بالذات وأن المناطق الساحلية التي انتهى وجود الحوثيين منها بالحديدة لم تكن تغذيهم في أي شيء سوى أنها توسع من خارطة سيطرتهم داخل اليمن، وفي حال السيطرة على الميناء سيكون الحوثيون مجبرون على العودة مجدداً الى التفاوض السياسي، التفاوض الذي سيكون إن حدث من صالح الشرعية والتحالف العربي هذه المرة.

ومن خلال التصريحات التي رُصدت عن قادة عسكريين في الساحل، أكد أن أمر الدخول الحديدة قد اتخذ لكن العمليات القتالية تتطلب ترتيب للصفوف في هذا الوقت وإعادة النظر في المناطق الخلفية مثل بيت الفقيه والحسينية والتحيتا وزبيد والجراحي التي ما تزال تحت سيطرة المليشيات ويمكن أن تشكل خطراً إذا ظلت دون مراقبة حذرة أو السيطرة عليها تماماً.