جدل واسع..

" العاصوف " يكشف المستور في المجتمع السعودي

شهدت السعودية في الآونة الأخيرة انفتاحا في مجال الترفيه

وكالات (الرياض)

ثار جدل في السعودية بسبب مسلسل "العاصوف" التلفزيوني الذي يرصد تاريخ المملكة في سبعينات القرن الماضي، والتحولات الاجتماعية والدينية والفكرية التي صاحبتها.

ففي الآونة الأخيرة، ارتفعت حدة الانتقادات الموجهة للمسلسل بمواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما تناول أمور كانت الإشارة إليها في الدراما السعودية غائبة في الماضي، كالبغاء والخيانة الزوجية.

لكن العديد من الكتاب السعوديين اصطفوا للدفاع عن العمل الفني.

يرى فاضل العماني في صحيفة "الرياض" السعودية أن "ما أحدثه هذا العمل الدرامي من تموجات وجدالات وصراعات، منذ حلقاته الأولى، بين مختلف شرائح وفئات وتعبيرات المجتمع السعودي، يتناغم مع متطلبات المرحلة الجديدة التي يمر بها الوطن الذي يشهد تحولاً هائلاً في كل التفاصيل وعلى كل المستويات".

ويضيف العماني "كثيرة وكبيرة، هي الأصداء والرؤى حول هذا المسلسل العاصف، ولكنها رغم حدتها تُمثّل نقلة نوعية في فكر ومزاج هذا المجتمع الذي يخرج للتو من صندوقه المغلق لعدة عقود. أعود للسؤال لماذا نخاف من العاصوف؟ يبدو أننا كمجتمع محافظ لا نُريد أن نقترب كثيراً من الحقيقة، لأنها قد تكشف 'المستور' الذي نحاول إخفاءه".

ويستطرد بالقول "هناك من يخاف من الحقيقة لأنها مرة وصادمة، وتُظهرنا كبشر طبيعيين، نُمارس حياتنا بكل عفوية وتلقائية، نرتكب الأخطاء، نميل للتمرد والمغامرة، ونُريد أن نعيش الحياة التي تُشبهنا، بعيداً عن التشدد والتزمت، فضلاً عن المثالية والملائكية".

على المنوال نفسه، يقول ناصر الصِرامي في "الجزيرة" السعودية إن "أزمة البعض مع مسلسل العاصوف، لم ولن تتوقف على إنكار بعض التفاصيل، أو حتى الجدل حولها، الأزمة الفعلية هي في عدم قدرة البعض على استيعاب طبيعة الأعمال الفنية الدرامية. الفن بالمجمل يختلف تماماً عن الخطابة والوعظ والإرشاد، ومسلسل مثل العاصوف وطبيعته الدرامية، ليس بالتأكيد برنامج للعلاقات العامة أو تحسين السمعة".

ويضيف أن "الاحتقان المتشدد الذي نسمعه من البعض في مواجهة العاصوف، هو هجوم متعمد ضد الفن أصلاً، وضد المشاركين فيه".

وفي صحيفة "الوطن" السعودية، يشير سطام المقرن إلى وجود "إشكالية اجتماعية أثارتها ردود الفعل تجاه مسلسل العاصوف تتمثل في الصورة الذهنية المثالية للتاريخ وللمجتمع في الماضي، والهروب من مواجهة الحقيقة، فالمسلسل أظهر بعض الأسرار الاجتماعية المدفونة، وسلط الضوء على بعض المشاكل الاجتماعية المسكوت عنها، فقد دأب البعض يتخيل (زمن الطيبين) بنظرة طوبائية خالية من العيوب مع تجاهل تام للواقع الاجتماعي الذي كان يعيشه الناس".

ويضيف الكاتب "لقد حرّك مسلسل العاصوف المياه الراكدة، وحرّك الجمود الفكري تجاه المشاكل والقضايا الاجتماعية الغامضة والمجهولة، وينبغي علينا مراجعة ما كنا قد تعلمناه، وتصحيح قضايا تاريخية واجتماعية متوارثة أسيء فهمها عبر الأجيال، ومن واجبنا مواجهة مشاكلنا الاجتماعية بكل شجاعة وشفافية وسلوك النهج العلمي الموضوعي في البحث، فالاعتراف أولا بهذه المشاكل هو بداية الطريق لحلها ومعالجتها".

أما أمجد المنيف فيقول في "الرياض" إن "من الضروري التأكيد على أن العمل عبارة عن لوحات من حقبة زمنية، ومهم أيضاً أن أقول لمن لديهم لبس بأنه ليس عملاً وثائقياً، يوجب الحديث عن الحقائق بمباشرة، وإنما هو رصد مرحلي، يرتكز على الوقوف على الملامح، لا النقل الدقيق".

ويضيف "ولكل الذين يقولون إن العمل لا يمثلنا، أسألهم: من قال إنه يمثلنا؟ لا أحد يمثل أحداً، هذا الطبيعي، من تمثلنا هي الدولة، أو ما يمثلها في الحكومة، غير ذلك نتقاطع معه مثل الآخرين.. لا يجب أن نكون حساسين، أكثر مما يجب".