عائد السندات يقفز بحدة..

أزمة إيطاليا تهدد اقتصادها وتدمي اليورو

حذر البنك المركزي الإيطالي من اندلاع أزمة ثقة في البلاد في ظل اضطرابات السوق

وكالات (لندن)

على وقع أزمة تشكيل الحكومة في إيطاليا، التي لا تهدد فقط اقتصاد الدولة الأوروبية ولكن قد تهدد استمرار وجود منطقة العملة الأوروبية الموحدة نفسها، بلغ اليورو أدنى مستوى في 6 أشهر ونصف الشهر أمس، منخفضا لليوم الثالث على التوالي، في الوقت الذي تشهد فيه أسواق السندات الإيطالية عمليات بيع عشوائية قفزت بعوائدها 3 في المائة، جراء تنامي المخاوف السياسية هناك، مما يدفع بالمستثمرين للتخلي عن العملة الموحدة.


وفي أسواق الأسهم، تراجعت بورصة ميلانو بأكثر من 3 في المائة، فيما تخطى الفارق بين معدلات الفائدة على القروض الإيطالية والألمانية لعشر سنوات 300 نقطة، في مؤشر على القلق المتزايد حيال الأزمة السياسية في إيطاليا. كما سجلت بورصة مدريد أمس تراجعا بلغ أكثر من 3 في المائة في أعقاب تراجع بورصة ميلانو، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار في إسبانيا، متأثرة بتراجع سندات المصارف الإسبانية الرئيسية قبل أن تعود إلى التحسن.


وحذر إغنازيو فيسكو، محافظ البنك المركزي الإيطالي، أمس، من اندلاع أزمة ثقة في البلاد في ظل الاضطرابات في السوق بسبب الإخفاق في تشكيل حكومة ائتلافية جديدة. وقال: «لا يمكن أن ننسى أبدا أننا على بعد بضع خطوات من خطر شديد يتمثل في فقدان الثقة»، مضيفا أنه يجب تجنب وقوع أزمة مالية.


وطالب فيسكو الساسة الإيطاليين بقبول الإصلاحات الاقتصادية التي اقترحها الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن «مستقبل إيطاليا في أوروبا». كما أشار إلى أن إخفاق الحزبين في تشكيل حكومة أدى لاضطراب الأسواق المالية، مما جعل العائدات على السندات الحكومة الإيطالية لمدة 10 أعوام ترتفع بصورة كبيرة أمس، لتتجاوز 3 في المائة لأول مرة منذ منتصف 2014.


ووضع الرئيس الإيطالي البلاد على مسار إجراء انتخابات مبكرة يوم الاثنين، بتعيينه كارلو كوتاريلي المسؤول السابق بصندوق النقد الدولي رئيسا مؤقتا للحكومة مع تكليفه بالتخطيط لإجراء انتخابات مبكرة وإقرار الموازنة المقبلة. والأسواق المالية يساورها القلق بشأن الانتخابات، التي قد تُجرى في أغسطس (آب) المقبل، وقد تكون أشبه باستفتاء على دور إيطاليا في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، وقد تعزز موقف الأحزاب المشككة في اليورو أكثر.


وعمليا، ليس لدى كوتاريلي أي فرصة للفوز بثقة البرلمان الذي يسيطر عليه الشعبويون المشككون بالاتحاد الأوروبي، وسيكون عليه تصريف الشؤون الحالية قبل إجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين.
وتأثرا بالمشهد المضطرب، انخفض اليورو لما دون 1.16 دولار للمرة الأولى في 6 أشهر ونصف الشهر أمس، متراجعا 0.3 في المائة. ومقابل الفرنك السويسري انخفض اليورو بالنسبة نفسها إلى 1.1528 فرنك. وتراجع اليورو ما يزيد على 4 في المائة منذ بداية الشهر وهو بصدد تسجيل أكبر انخفاض شهري في أكثر من 3 سنوات وفقا لبيانات «تومسون رويترز».


وفي البورصات، هبطت الأسهم الأوروبية للجلسة الثانية على التوالي أمس مع عزوف المستثمرين عن المخاطرة بسبب تجدد المخاوف من تفكك منطقة اليورو في ظل شروع إيطاليا في حملة انتخابية جديدة قد تصبح استفتاء على عضويتها في منطقة اليورو.


ونزل المؤشر الإيطالي الرئيسي إلى أدنى مستوياته في 9 أشهر في التعاملات المبكرة منخفضا 1.6 في المائة بحلول الساعة 07.25 بتوقيت غرينيتش. وخسر مؤشر قطاع البنوك الإيطالي 2.5 في المائة بعدما هوى 4 في المائة في الجلسة السابقة، متأثرا بهبوط السندات الحكومية التي تمثل جزءا أساسيا في محافظ البنوك. وانخفضت أسهم «انتيسا سان باولو» و«بي بي إي آر بنكا» و«أوني كريديت» و«يو بي آي بنكا» بين 3.4 و3.7 في المائة.


وخسر مؤشر بورصة ميلانو «فوتسي ميب» 2.76 في المائة متراجعاً إلى 21324 نقطة، بعد أن تخطى التراجع في وقت سابق نسبة 3.3 في المائة، متأثرا بتراجع أسهم البنوك. وظهرت كل أرقام المؤشر الرئيسي باللون الأحمر مع نسبة تراجع بلغت 7 في المائة لبعض المصارف. وقد خسر مؤشر أسهم المصارف 4.89 في المائة.


وبعدما كان الفارق بين معدلات الفائدة الألمانية والإيطالية يجاور 130 نقطة قبل أسبوعين وأغلق الاثنين على 235 نقطة في أعلى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، سجل زيادة حادة ومفاجئة بعيد الساعة 8 بتوقيت غرينيتش ليصل إلى 300 نقطة في أقل من ربع ساعة. وقبيل الساعة التاسعة بتوقيت غرينيتش، كان مستقراً عند 301 نقطة.


وتراجع مؤشر «ستوكس 600 الأوروبي» 0.8 في المائة، وسجلت البنوك أسوأ أداء. ونزل مؤشر قطاع البنوك في منطقة اليورو اثنين في المائة ليتجه صوب تكبد أكبر خسارة شهرية منذ التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو (حزيران) 2016.


وامتد التوتر في إيطاليا إلى أسواق أخرى بجنوب منطقة اليورو، حيث تضررت أيضا أسهم البنوك الإسبانية والبرتغالية. وهبط سهم البنك التجاري البرتغالي 4.5 في المائة، بينما قاد سهم «سانتاندير» الإسباني مؤشر «آيبكس» للنزول بهبوطه 3.1 في المائة. وهوى سهم «ديكسونز كارفون» البريطانية للتجزئة 21 في المائة بعد تحذير بشأن الأرباح. وحذر الرئيس التنفيذي الجديد من أن الشركة بحاجة لإغلاق متاجر في وقت تنكمش فيه سوق الأجهزة الكهربائية في بريطانيا.


وتراجعت سندات «بانكو سانتاندير»، أكبر مصارف منطقة اليورو من حيث رأس المال، بنحو 6 في المائة إلى 4.59 يورو، فيما خسر بنك «بي بي في اي» الإسباني 3.83 في المائة إلى 5.9 يورو.

وفيما يسيطر القلق على الأسواق المالية بسبب الأزمة السياسية في إيطاليا، تبدو إسبانيا أيضا قلقة قبل 3 أيام من التصويت على مذكرة حجب الثقة عن حكومة ماريانو راخوي الجمعة المقبل. وتلقي هذه المخاوف بثقلها على سوق الدين الإسباني، بحيث ظهر التوتر على معدّل الاقتراض على 10 سنوات بوضوح منذ بداية الأسبوع.

وقدم الحزب الاشتراكي الإسباني، القوة المعارضة الرئيسية في البلاد، مذكرة حجب ثقة في محاولة لإسقاط حكومة راخوي الذي يواجه فضيحة فساد.