رحلة الفساد السريعة

توكل كرمان.. من خيم صنعاء إلى فنادق تركيا

خاص (عدن)

جلست الفتاة الاربعينية ذات (البشرة السمراء) في وسط خيمة بساحة الجامعة في العاصمة اليمنية صنعاء، عقب اشهر من انطلاق تظاهرات ما عرف بالربيع العربي، في مطلع العام 2011م، وهي الثورة التي دفعت الخليج إلى التدخل واجبار ( علي صالح) على تسليم السلطة لنائبه عبدربه هادي، الذي انتخب لاحقا كمرشح توافقي.
الناشطة اليمنية الإخوانية توكل عبدالسلام كرمان، فاجأت طلاب جامعة صنعاء، بتواجدها وسط ساحة الجامعة، وهي تردد هتافات مناوئة لصالح الذي حكم اليمن 33 عاما، كانت مليئة بالفساد والاجرام.
نصبت توكل كرمان خيمتها جوار خيام طلاب الجامعة والناشطين الذين كانوا يسعون للإطاحة بنظام صالح، لكن سرعان ما سحبت الكرمان البساط من الثوار إلى مصلحة حزبها السياسي.
دفع تخلي الكثير من الدول الداعمة لصالح عن نظامه الإخوان إلى ركوب موجة الثورة، وشعروا ان موجة التغيير في اليمن، أتية واعتقدوا انها فرصتهم للانقضاض على الحكم، وارتفعت حظوظهم في ذلك بفوز الإخواني محمد مرسي في انتخابات مصر التي أعقب ثورة الإطاحة بحسني مبارك.
من على مسرح ساحة التغيير، دعت توكل كرمان أبناء اليمن إلى الخروج ضد نظام صالح، مع ان الكثير منهم قد سبقها في الخروج.
قالت بلكنة تحد" ادعو اليمنيين إلى الخروج ضد صالح من اجل الحفاظ على الوحدة"، في محاولة لتطمين قطاع واسع من اليمنيين في الشمال يريدون بقاء الوحدة خاصة في اعقاب تنامي الحراك الجنوبي الذي طالب باستعادة دولة اليمن الجنوبي السابقة.
حاولت توكل كرمان تقليد (صالح) في خطاب الوحدة او الموت، بخطاب مشابه" نقول للجنوبيين إن الثورة قد جبت ما قبلها وان علينا التشارك في بناء اليمن الجديد"، لكن يمن توكل كرمان لم يكن جديدا، فقد تصدر مشهده جنرال الحرب الإخواني (علي محسن الأحمر)، وقيادات أخرى كانت جزءا رئيسيا من نظام علي صالح.
توكل كرمان والحوثيين
وسعت توكل كرمان من خيم مناصريها في ساحة التغيير، وكان نصيب جماعة الحوثي عشرات الخيام التي تم شراؤها بفلوس رجل الاعمال الإخواني حميد الأحمر، الذي زعم لاحقا انه قدم نصف ثروته في دعم الثورة.
كانت فرصة الحوثيين في التمدد ناحية صنعاء العاصمة، دون قتال، بعد ان ظلوا لسنوات محاصرين في جبال مران وكتاف وحرف سفيان، رحبت توكل كرمان بالحوثيين، وادعت ان نظام صالح قد ظلمهم ومارس بحقهم القتل والتنكيل.
ووعدت الحوثيين بالانتصار لقضيتهم عقب انتصار الثورة والاطاحة بنظام صالح.
في فبراير (شباط) 2012م، قامت توكل كرمان باجتثاث مخيمات اتباعها، وانضمت إلى صف المؤيدين للرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي، وانتخبته رئيسا توافقيا لليمن، امام عدسات المصورين في صنعاء.
رحلة البحث عن المجد
بعد ان اصبح هادي رئيسا لليمن، بدأت توكل كرمان رحلة البحث عن المجد وكانت وجهتها احدى الدول العربية الداعمة للإخوان، في دوحة قطر حطت كرمان رحالها ومنها إلى عواصم أوربية، حتى نجحت قطر في ادراج اسم توكل كرمان ضمن ثلاث نساء في العالم للفوز بجائزة نوبل للسلام.
استغلت كرمان الجائزة، وبدأت مرحلة أخرى من التطبيع لدول على حساب أخرى، بدأت باستهداف مصر العربية، وهاجمت الجيش المصري، والرئيس عبدالفتاح السيسي الذي تصدى لمؤامرة خطيرة كان يخطط لها الرئيس المصري المعزول والمعتقل محمد مرسي.
ثم هامت هادي ووصفته بمدير مكتب عبدالملك الحوثي، سخرت من الانقلاب عليه في مطلع يناير (كانون الثاني) 2015م، وأعلنت تأييدها له في اعقاب افلاته من قبضة الحوثيين والوصول إلى عدن في ذكرى انتخابه الـ21 من فبراير (شباط) 2015م.
طالبت هادي بإعلان عدن عاصمة لليمن، لكنها سرعان ما صمتت مع بدء الحوثيين وقوات صالح تدشين عدوانهم على الجنوب، استمر صمت توكل كرمان المقيمة في فنادق تركيا، وتجاهلت الجرائم التي ارتكبها الحوثيون والمخلوع صالح في الجنوب اثناء العدوان وبعده.
كانت تتابع بقلق، حينما كانت المقاومة الجنوبية تدحر العدوان الشمالي خارج عدن.
شعرت توكل كرمان بان الجنوب، خرج عن المركز المقدس، الأمر الذي دفع توكل كرمان إلى تكليف مراسلي قناة بلقيس التابعة لها، إلى عمل تقارير ضد الجنوب من داخل عدن.
في حين كانت الجماعات المسلحة تركب مجازر بحق المدنيين عقب التحرير كانت قناة بلقيس تتحدث عن العلم الجنوبي الذي كان مرفوعا في عدن.
ازعجهم علم الجنوب ولم تزعج توكل كرمان الجرائم الوحشية التي ترتكبها ميليشيات المخلوع والحوثيين والأحمر.
لم تدن كرمان أي جريمة قتل في عدن، بل ان العمليات الأمنية التي تمت ضد المخالفين اغضبتها.
وعلى الرغم من زعمها انها ناشطة سلام، الا ان هناك من المقربين منها يؤكدون انزعاجها من التصالح والتسامح الجنوبي.
وكشفت مصادر مقربة من كرمان لـ(اليوم الثامن)" انها أبدت انزعاجها من تجربة التصالح والتسامح التي قالت انها تجربة تهدد الوحدة اليمنية".
وقالت كرمان في تصريحات" إن الخوف ليس من القيادات الجنوبية التي انضوت في الشرعية ولكن الخوف من نجاح تجربة التصالح والتسامح، الامر الذي كشف عن توجه اعلامها ضد الجنوب، حيث تعمل وسائل إعلام يمنية ممولة من تركيا على تأجيج الوضع في الجنوب، خدمة لمصالح تنظيم الاخوان الدولي المعادي والمناهض للتحالف العربي.
ولم تكتف توكل بالهجوم على الجنوب، بل هاجمت التحالف العربي، والحكومة الشرعية بزعم عدن تقديم العلاج لجرحى الحرب في مدينة تعز.
بطريقة مقززة باتت توكل كرمان تصنف اليمنيين والجنوبيين حسب رغباتها، فهي التي لم تعاني من جراء الحرب المدمرة التي شنها العدوان الشمالي على الجنوب واليمن، فالثورة اليمنية دفعتها بعيدا عن اليمن ومشاكله التي لا تنتهي.
توكل كرمان ولفيف من اتباع جماعتها الإخوانية باتوا يتنقلون بين فنادق تركيا، بعد كان للخيام الفضل في وصولهم اليها، ولولا خيام ساحة التغيير في صنعاء لما تواجدت توكل كرمان في تركيا، حيث تدير العديد من وسائل الاعلام من بينها قناة بلقيس ومواقع إلكترونية، هدفها النيل من الجنوبيين والتحالف العربي، ولكن رغم كل شيء تظل تصريحات توكل كرمان تأتي في سياق التحريض على العنف الجهوي بين الشمال والجنوب، وهو الأمر الذي يخشاه سياسيون ويؤكدون ان التعايش السلمي هو المشروع الأنسب لليمن والجنوب.