قيمة تاريخية عريقة..

الزخارف العمرانية القديمة تحول الطائف إلى مزار سياحي

عمارة يمتزج فيها الإسلامي بالروماني

الرياض

تحتضن أحياء وسط الطائف العديد من المباني التراثية العريقة التي تجسّد مرحلة مهمة من تاريخ الإنسان الذي عاش في السعودية على مر التاريخ، ولا تزال تحتفظ ببريقها التراثي الأخاذ المتمثل في أبوابها ورواشينها الخشبية المزخرفة ومشربياتها وأقواسها وأعمدتها وتيجانها، مما جعلها تتحول إلى مزار سياحي مفتوح.

ويلاحظ أن العمارة التراثية في الطائف اهتمت بالشكل الخارجي للمبنى ليكون متسقا ومتناغما مع المنازل المحيطة به من حيث المظهر والارتفاع ومراعاة الطابع المعماري لتشكيل نسيج عمراني فريد يدعم التواصل الاجتماعي بين أهالي الطائف وساكنيها وزوارها.

وقال مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث بالطائف علي آل زايد، “إن الطراز المعماري المميز في المحافظة يبرز بشكل واضح في سلسلة من المباني القديمة والتي تحمل قيمة تاريخية عريقة، ويحمل قصر شبرا التاريخي وبيت الكاتب وبيت الكعكي أنواعا مميزة من فنون العمارة الإسلامية التي امتزجت بفن العمارة الرومانية وفن العمارة التقليدية لمنطقة الحجاز بشكل عام”.

وتكتنز القصور التراثية القديمة بالطائف مجسّمات حجرية وجصية وآجورية متنوعة وبأشكال مختلفة، كما تتشكل على جدرانها رسومات وصور وأشكال هندسية تعبر عما تتمتع به البيئة الطبيعية للطائف من ثراء.

وباستخلاص مفردات البراعة المعمارية التراثية لهذه المباني يمكننا وصل الماضي بالحاضر، إذ اعتمدت العمارة التراثية على أن تكون الغرف عميقة ومثل هذا الطراز يعرف عنه أنه يفتح على فناء داخلي أو خارجي مع الاهتمام بالاستعمالات الداخلية لمرافق البناء، ومراعاة تحديد مساحات الغرف وفقا لاستعمالها وبالقدر المناسب لحجم الأسرة ومركزها الاجتماعي.

وسمحت العمارة التقليدية في الطائف بالمرونة في استخدام المبنى للأغراض والمناسبات الاجتماعية المختلفة وتوفير الخصوصية اللازمة للرجال والنساء. وتحتوي واجهات المباني التراثية القديمة على عناصر معمارية مختلفة ومنها البروز الواضح في استخدام الرواشين والأبنية على الشارع، واستخدام فتحات أبواب ونوافذ مختلفة حسب الوظيفة، وكذلك استخدام المشربيات والشوابير على أسطح المباني الخارجية.

وتؤمن النافذة الروشانية الرؤية الخارجية مع الحماية وعدم الكشف لداخل المبنى، وذلك باستخدام الفتحات والقلاليب (الجرائد)، فيما يعد قصر شبرا التاريخي مثالا لنمط العمارة التراثية في الطائف ويمتاز بروعة وفخامة التصميم.

ومزج القصر بين الطابع المعماري الروماني والإسلامي وأساليب العمارة التقليدية لمنطقة الحجاز، ما جعله تحفة معمارية ذات جمال آسر.

ويتكون القصر من طابق قبو تعلوه أربعة طوابق، إضافة إلى ملاحق خارجية وحدائق، ويضم حوالي 150 غرفة، وله عدة مداخل حيث أن بوابته الرئيسية تقع في الجهة الغربية، وهي مصنوعة من الخشب المزخرف.

وللقصر أربع واجهات متشابهة تتخللها أعمدة مصنوعة من النورة والحجارة، وفي القاعة الرئيسية للقصر يوجد سلم كبير مزدوج خشبي بديع أرضيته من المرمر المعروف بـ”السلملك”، يمتد حتى الدور الثاني الذي به جناحان يضمان غرفا كبيرة وأخرى صغيرة.

وتتميز عقود جدرانها الداخلية والأعمدة والأركان بزخارف ملونة على شكل أوراق نباتية طليت أطرافها باللون الذهبي، ونوافذ القصر وأبوابه مصنوعة من الخشب المحفور بلمسات فنية مبهرة، وأسقف القصر خشبية مطرزة بأشكال زخرفية ونقوش، وينتهي سور سطح القصر بزخرفة يغلب عليها الطابع الروماني.

وعنيت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتأهيل المواقع التراثية وتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج. وجاء برنامج السعودية للعناية بالتراث الحضاري بوصفه مشروعا تاريخيا ذا أهمية عالية ومن أهداف البرنامج المحافظة على مباني التراث العمراني وتنميتها.

وقد تبنت الهيئة العامة للسياحة والتراث عددا من المهام والمشروعات والمبادرات للحفاظ على التراث العمراني وربطه بالبعد الثقافي والإنساني والحضاري والاقتصادي، وتطوير الأوعية التي يقدم فيها والموارد البشرية التي تعمل فيه.

وراعى المشروع تحسين جودة البيئة العمرانية في المنطقة التاريخية وتجميلها بما يتوافق مع تاريخها العريق، وإعادة الطابع التاريخي للمباني بالمحاور والساحات بالتنسيق مع ملاك المباني والمحلات.

وكان فريق مختص من البنك الدولي قد قام بعدة زيارات للمعالم التراثية والتاريخية بالطائف بهدف تحليلها، والتقى الفريق بمدير فرع الهيئة بالطائف وعدد من المختصين في الفرع، وذلك في إطار مشروع إعداد دراسة إحياء اقتصادية التراث العمراني الذي تنفذه هيئة السياحة والتراث الوطني بالتعاون مع البنك الدولي. وجرى تقييم وضع المباني التاريخية والتراثية لدعم التطلعات لتحويل هذه المناطق إلى نقطة جذب سياحي ورافدا من روافد التنمية الاقتصادية والسياحية، كما تمت مناقشة الفرص والمعوقات الاستثمارية للمواقع التراثية ذات الطابع العمراني القديم مثل المباني والقصور التراثية والمساجد التاريخية والمتاحف في ظل تنوع وثراء التراث العمراني بالمحافظة.