صناعة الثقافة..

وزارة الثقافة السعودية.. صُناع الثقافة القادمون

تطلعات كبيرة تنتظر التجسيد على أرض الواقع

سالمة الموشي

كل السياسات يجب أن تكون في خدمة الهدف النهائي لها، وهذه قاعدة أساسية تجسدت في رؤية 2030 السعودية. في اليومين الماضيين تم اتخاذ أحـد أهم القرارات التي تتعلق بالحركة الثقافية في المملكة العربية السعودية، حيث أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز أمرا ملكيا بفصل الثقافة عن الإعلام وإنشاء وزارة باسم وزارة الثقافة، على أن تنقل إليها كافة المهام والمسؤوليات وعين رئيسا لها وهو الأمير الشاب بدر بن عبدالله آل سعود، وبهذا تحظى الثقافة بروح جديدة لإعادة أولوياتها ومسيرتها.

يشكل قرار فصل الثقافة عن الإعلام، وإفراد الثقافة بوزارة مستقلة مشروعا يتعلق بالتنمية الثقافية لصناعة حركة ثقافية مختلفة في السعودية، حيث وجدت الدولة أن التنمية الثقافية هي جزء هام من تنمية الاقتصاد والإصلاح الاجتماعي والسياسي وهي ثقافة موازية لها ولها ثقلها بالغ الأهمية.

هناك تطلعات كبيرة كانت تنتظر أن تتجسد على أرض الواقع وها قد حان وقتها اليوم، وسبق أن كتبت مقالا طالبت فيه بفصل الثقافة عن الإعلام وأهمية كونها وزارة مستقلة “ماليا وإداريا وتنظيميا” وها هو اليوم القرار يصدر في وقته وزمانه المناسبين فكل ثقافة إعلام، وليس بالضرورة أن يكون كل إعلام ثقافة، وفصل صلاحيات القطاعين هو جزء من حركة التنمية، وهذا يعني فتح آفاق واسعة في مجال الثقافة وحراكها المستقل من أجل الوطن ومن أجل الإنسان.

خطت السعودية خطوة مهمة بإنشاء وزارة الثقافة، ومن المرتقب لمواكبة الثقافة للتطلعات المتوافقة مع رؤية 2030 أن تكون المرأة جزءا هاما وفاعلا في التشكيل الجديد للسياسة الثقافية المرتقبة، وهي بلا شك ستكون سياسة ثقافية تقدر الفعل الثقافي الـذي تنتجه النسـاء السعوديات وتمكنهن من التواجد في وضمن صُناع الثقـافة والقرار في وزارة الثقافة. فصناعة الفعل الثقافي عنصر مهم في التنمية، والمثقفون والكتّاب من النساء والرجال هم المحرك الإبداعي والمرأة جزء من النسيج الثقافي والمجتمعي.

هناك تطلعات كبيرة بخصوص المرأة ينتظر أن تتجسد على أرض الواقع، والمرأة هنا هي تلك التي خاضت التجربة الإبداعية والثقافية حيث أصبح لمشاركتها في صناعة السياسات الثقافية أهمية بالغة تتمثل في تعميق المشاركة وتشجيع المساواة وخدمة التنوع الثقافي وتغيير بنية النوع الثقافي، حيث ينبغي أن تكون المرأة في دائرة القرارات المتعلقة بالسياسات الثقافية والعمل الثقافي. وبالتأكيد هناك أيضا أهمية توظيف الفعل الثقافي من خلال المثقفين والمفكرين والمبدعين في التشكيل الجديد في صناع الثقافة الحقيقية.

هناك رؤى متطلعة للتغيير الكبير في هذه المرحلة من القرارات الحاسمة، وهي رؤى حركية هامة تستدعي الطرح في ظل تجسد قرار فصل الثقافة عن الإعلام، مع مباركتنا وابتهاجنا بالوزارة الجديدة ووزيرها الأمير بدر بن عبدالله آل سعود فهي وزارة شابة متحفزة ومستعدة وقادمة بلا شك لبلورة العمل الثقافي وممارسته ووضع معايير واضحة، وحتى يتسنّى لها تطوير القطاع الثقافي في السعودية فإن تعيين وتوزيع المسؤوليات بين النساء والرجال على حد سواء سيكون أحد أهم المطالب لتجسيد ديمقراطية الثقافة المتمثلة مستقبلا في حراك ثقافي محلي وخارجي.

صناعة الثقافة تعني اليوم أن التنمية ليست حكرا على التنمية الاقتصادية، بل إن تنمية الثقافة تشكل أهمية خاصة باعتبار أن الثقافة حاملة للهوية، هوية الوطن والإنسان والفكر، حيث تعرف اليونسكو الصناعات الثقافية بأنها حاملة القيم والمعنى وهي أحد العوامل التي لها تأثير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأن الحفاظ على التنوع الثقافي والترويج له يجب أن يقود إلى تشجيع تنمية الصناعات الثقافية حتى تكون قادرة على التأثير على المستویین المحلي والعالمي.

هناك كذلك ثقافة الداخل التي هي امتداد لما ستكون عليه الثقافة في الخارج، فأمام الوزارة الجديدة ملفات عديدة للنظر فيها وبشكل حاسم، تتعلق بالملحقيات الثقافية السعودية والأندية الطلابية والجمعيات السعودية في كل أنحاء العالم، وكذلك الشؤون الثقافية بالملحقيات السعودية لتوحيد دورها وذلك لتداخل الصلاحيات في ما بينها، والنظر في الدور الإشرافي الذي تقوم به وزارة التعليم في ما إذا كان مجديا للخروج بمعطيات نشطة وفاعلة على المستوى الخارجي لأنها تمثل مراكز ومحطات مضيئة لتمثيل السعودية حول العالم انطلاقا من كون الثقافة هي لغة الشعوب.