الانفتاح الثقافي..

السعودية تسمح بعرض "الرسالة" بعد أربعين عاما

الرسالة" إلى السعودية

الرياض

سمحت السلطات السعودية بعرض فيلم “الرسالة” عن سيرة النبي محمد (ص)، في الذكرى الأربعين لإنتاجه، بعدما كان ممنوعا من العرض في منطقة الخليج طوال هذه الفترة.

والفيلم، الذي أحدث ضجة كبرى في العالم الإسلامي، عندما عرض لأول مرة في دور السينما عام 1976، من إخراج المخرج السوري مصطفى العقاد، وتم تصوير بعض مشاهده في المغرب وفي ليبيا بمشاركة نخبة من الممثلين من المغرب ومصر وسوريا، حيث تحدى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الإجماع العربي والإسلامي على مقاطعة الفيلم آنذاك.

لكن بعد أن لاقى رواجا كبيرا في دور السينما في الغرب، بدأت الدول العربية الواحدة تلو الأخرى في إبداء مرونة تجاه السماح بعرض الفيلم في التلفزيونات الوطنية.

واليوم جاء الدور على السعودية، التي تشهد حراكا كبيرا نحو مزيد من الانفتاح الثقافي والديني، لعرض الفيلم في دور السينما، التي يعمل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على تشجيعها وزيادة أعدادها، وتخفيف القيود التي فرضتها المؤسسة الدينية والمتشددون على المجتمع طوال العقود الأربعة الماضية.

وركز اعتراض الكثير من رجال الدين في العالم الإسلامي آنذاك على تجسيد صحابة كبار من خلال الممثلين، وعلى رأسهم حمزة بن عبدالمطلب ابن عم النبي، الذي قام بدوره في النسخة الإنكليزية للفيلم الممثل العالمي أنتوني كوين، وفي النسخة العربية الممثل المصري الراحل عبدالله غيث.

وذاع صيت الفيلم، الذي ترشح لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم حينها، وتم عرضه في أكثر من 2400 دار للسينما في الولايات المتحدة وحدها.

وسيعرض الفيلم في دور السينما الخمس المتاحة إلى الآن في السعودية خلال عيد الفطر. وقالت شركة “فرنت رو” المسؤولة عن توزيع الفيلم إن إجراءات رفع الحظر عن عرض الفيلم تمت بسلاسة كبيرة.

لكن لا يزال الأمر مختلفا إلى حد كبير في الكويت المجاورة. وتقول صحيفة “ذا ناشيونال”، التي تصدر باللغة الإنكليزية في أبوظبي، إن الفيلم عرض على المؤسسات الدينية الرسمية في الكويت وحظي بموافقة على المحتوى الديني والتاريخي، بحيث يتم عرضه في التلفزيون الوطني. لكن في اللحظات الأخيرة أصدرت وزارة الإعلام الكويتية قرارا بوقف عرض الفيلم.

وتقول شركة “فرنت رو” إنه بسبب رفع الحظر عن الفيلم في السعودية، من المرجح أن يتم الشيء نفسه في الكويت، “مع الأمل في أن تقوم السلطات الكويتية بإعادة النظر في قرارها، والسماح بعرض الفيلم هناك أيضا، بالتزامن مع باقي دول المنطقة”.

وقال جيانلوكا تشاكرا، مدير “فرنت رو” تعليقا على القرار السعودي “نحن سعداء بتمرير عرض الفيلم في السعودية. هذا الفيلم جزء مهم من تاريخ المنطقة وثقافتها، وبرؤيته أخيرا وهو يعرض في السعودية يكتمل الحلم، والاعتراف بدورنا الذي لطالما لعبناه في تاريخ السينما”.

وأضاف “نحن ممتنون وفخورون لأننا كنا قادرين على القيام بدورنا خلال هذه الرحلة الطويلة”.

وتركز أحداث فيلم “الرسالة” على الفترة الزمنية بين نزول الوحي وبدء النبي في نشر الدعوة الإسلامية بين أتباعه في مكة، مرورا باعتناق حمزة بن عبدالمطلب للدين الإسلامي، وهو ما غير، وفقا لكتاب السيناريو، من مسار الدعوة بأكملها.

وبعد الهجرة إلى المدينة المنورة، قاد حمزة جيش المسلمين إلى الانتصار على قبائل قريش في المعركة المعروفة في الإرث الإسلامي بـ”غزوة بدر”، لكن اختلالا في صفوف المسلمين تسبب في هزيمتهم في معركة أحد، التي وقعت بعد ذلك بعام واحد، وقتل فيها حمزة. وتنتهي أحداث الفيلم بفتح مكة وانتشار الإسلام في ربوع الجزيرة العربية، ثم العالم.

والسعودية من بين الدول التي تعهدت بتمويل إنتاج الفيلم قبل تصويره، وكان مصطفى العقاد يأمل في تصوير بعض المشاهد هناك، قبل أن يثير الفيلم جدلا واسعا، ويقود إلى انسحاب الداعمين العرب من مشروع تمويله، وعلى رأسهم السعودية.