دراما صعيدية..

«طايع»... تحول «الطبيب» إلى وحش قاتل

الفنان المصري عمرو يوسف والممثلة صبا مبارك في أحد

الشرق

لم يكد مسلسل «طايع» يتخطّى النصف الأول من حلقاته حتى بات حديث كثير من المشاهدين في مصر، وأصبح يحتل قائمة الأعلى تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من مرة، آخرها أمس، خصوصاً مع تصاعد وتيرة أحداثه، في الوقت الذي تعرض لانتقادات أخرى بسبب زيادة مساحة مشاهد العنف بشكل رآه البعض مبالغا فيه.

الناقد الفني رامي عبد الرازق، يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنّ واقع الدراما مختلف قليلاً عن الواقع الطبيعي، لأنّها مبنية على قدر من الخيال والمبالغة التي يجب أن تكون محسوبة في الوقت ذاته حتى لا تجافي الواقع، أو تظهره في شكل عكسي، وهذا يرجع إلى حساسية صناع العمل ذاته، من أجل تطوير الحبكة وإذكاء الصراع، خصوصاً أنّ المسلسل يتعرض لقضايا تحتاج إلى استيعاب شديد وحساسية عالية في التعامل معها، فالعمل الفني يدور حول محورين هما الإيهام والإقناع، فكلما تحققت درجة إيهام منطقية، اقتنع المشاهد بإمكانية حدوثها في الواقع.

شخصيات عدة قتلت في أحداث العمل حتى الآن، كان يظن البعض أنّها ستمثل أدوارا رئيسية في الحلقات المقبلة، على رأسها صبا مبارك «مهجة» التي ماتت على يدي «حربي» عمرو عبد الجليل، وقبلها «فواز» أحمد داش، شقيق «طايع» عمرو يوسف، فضلا عن صابر ابن عسران الذي يقتله «طايع» عمرو يوسف دفاعا عن نفسه بعدما حاول الأول قتله، كما يقتل أيضا زوج شقيقته «ضاحي» علي قاسم، ابن «حربى»، لمحاولته منعه من السفر واصطحاب شقيقته «أزهار»، حتى أنّ البعض شبّهه بالمسلسل البريطاني الشهير «Game of thrones»، لكثرة مشاهده الدموية، رابطا مقتل مهجة بالRed Wedding.

ويوضح عبد الرازق أن كثرة المشاهد الدموية متوقعة بسبب تورط عدد كبير من الشخصيات في الصراع، فضلاً عن دور هذا الأمر في صنع تحوّلات كبيرة لـ«طايع»، لخلق مبررات تراجيدية لتحوله إلى آلة قتل مشفوع لها فيما تمارسه، لكنّه في جهة أخرى، يؤكد أنّ حسابات صناع العمل لم تكن موفقة في بعض الجوانب، لدرجة غيبت الاقتناع بمشاهد قتل مهجة، لأن كل من لديه معلومة عن أهل الصعيد يعلم جيداً أنّ أخذ الثأر من امرأة أمر مستبعد، بل يؤخذ من مرتكب الجريمة إن كان رجلا، أو من أفضل رجال عائلة القاتل، لكنّ المؤلفين يرون أنّ حالة مهجة مجرد انتقام وليس ثأراً بمعناه التقليدي، حيث أراد حربي التشفي فيها بعد مقتل ابنته قبل أن تلد جنينها.

جاء تناول قضية لصوص الآثار في المسلسل، حسب ما رصد الناقد الفني، بطريقة تحمل الكثير من المبالغة في شخصية تاجر الآثار الذي ظهر وأبناؤه كأنّهم مجموعة أشقياء و«مطاريد»، يسكنون ما يشبه المغارة، ويتحركون في القرية بأسلحتهم بكل حرية من دون أن يتعرّض لهم أحد، في ظل غياب أمني شديد ليس له مبرره الدرامي، في إطار جاء على غرار «عتريس» محمود مرسي في «شيء من الخوف»، بينما السمات الرئيسية لهذه الشخصية أنّها كتومة ومتخفية دائما، ولا تختلط كثيراً بالعامة، نظرا لحساسية عملها.

القصة حملت الكثير من التقارب أيضا بين شخصية «حربي» عمرو عبد الجليل، وشخصية الفنان عبد العظيم عبد الحق في فيلم «المومياء»، في كون الاثنين من لصوص الآثار، مع تشابه هيئتيهما بالعمامة البيضاء ذات الطبقات الثلاث، فضلاً عن أصلهما الصعيدي أيضا، كما غابت جغرافية المكان عن ذهن المتفرج، فالقرية مسرح الأحداث يظهر فيها المكان بظهور الشخصية ويختفي باختفائها، من دون معالم توضح طبيعته، أو تحدد مدى تقارب أو بعد مواقع الشخصيات أبطال العمل.

هذا التّصور الذي صنعه القائمون على المسلسل دفع إحدى المتابعات لسؤال خالد دياب، أحد مؤلفي العمل، عن مدى ارتباط المسلسل بشخصية الصعيدي الحقيقية، قائلة إنّها على الرّغم من كونها ليست من جنوب مصر، فإن تحمل له مكانة خاصة وترغب في زيارته، لكنّها عدلت عن الفكرة بعد مشاهدتها الأحداث، فيما دفعت مشاهده أخرى إلى تحليل اسم العمل نفسه ليرى أن جوهره عكس حروفه، في إشارة إلى كثرة مشاهده الحزينة.

لكنّ عبد الرازق يرى أنّ العمل يضم عناصر مميزة على مستوى التمثيل والتأليف، خصوصاً في ظل التألق الملحوظ للفنانين عمرو عبد الجليل وسهير المرشدي وصبا مبارك، وعلي قاسم ومي الغيطي، وإعادة اكتشاف عمرو يوسف في شخصية يؤديها للمرة الأولى، فضلا عن كونه تجربة الإخراج الأولى دراميا لعمرو سلامة، لأن جزءا من الاستمتاع بالمشاهدة يرتكز أيضا على أداء وانفعالات شخصياته وتأثيرهم في الحبكة الدرامية.

الإثارة التي يشهدها المسلسل طوال حلقاته، جعلت البعض يتخيل سيناريوهات لما ستسفر عنه الأحداث، فتوقع أحدهم أن تكون مهجة على قيد الحياة، وأن طايع دفن جثة أخرى بدلاً منها لحمايتها من القتل، كما توقع البعض تأثير شخصيات أخرى على الأحداث المرتقبة.