الصراع في اليمن..

غريفيث يعيش لحظة هدوء تسبق عاصفة الحديدة

مساعي الساعات الأخيرة

صالح البيضاني
كاتب وباحث وسياسي يمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

استبعد مراقبون سياسيون تمكن المبعوث الأممي مارتن غريفيث من تحقيق إنجاز في ما يتعلق بعرقلة تقدم القوات المشتركة والتحالف العربي نحو استكمال تحرير مدينة الحديدة ومطارها ومينائها على الساحل الغربي لليمن.

وقالوا إن معركة الحديدة وصلت إلى نقطة اللاعودة، وإن المساعي الدولية لم تعد تتجاوز إطار تهيئة المجتمع الدولي للتحولات في المشهد اليمني في مرحلة ما بعد تحرير المدينة الاستراتيجية.

ووصل غريفيث إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي في زيارة مفاجئة وصفت بأنها “مساعي الساعات الأخيرة لإيقاف عملية تحرير مدينة الحديدة”، التي وصلت إلى مراحلها النهائية.

وقالت مصادر قريبة من غريفيث لـ”العرب” إن المبعوث الأممي سيعود إلى سلطنة عمان، وإن “فرص نجاح جهوده في إيقاف معركة الحديدة منعدمة تقريبا”.

وتزامنت تحركات غريفيث مع عقد مجلس الأمن لجلسة مغلقة خاصة باليمن، الاثنين، كان مقررا عقدها في الثامن عشر من الشهر الجاري سيشارك فيها المبعوث الدولي عبر دائرة تلفزيونية من سلطنة عمان.

وتوقعت مصادر دبلوماسية أن الجلسة، التي عقدت بدعوة بريطانية، ستصب في اتجاه دعم جهود المبعوث الأممي لإلغاء عملية عسكرية واسعة لتحرير مطار الحديدة ومينائها من قبل التحالف العربي وقوات المقاومة المشتركة التي باتت متمركزة على مشارف المدينة.

وفي مؤشر على جدية القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي في استكمال عملية تحرير الحديدة، نقلت مصادر إعلامية عن منظمات دولية متواجدة في المدينة منحها مهلة ثلاثة أيام لسحب موظفيها.

وتصاعدت وتيرة الضغوط الدولية المطالبة بعدم اقتحام مدينة الحديدة تحت ذرائع إنسانية، بعد فشل المبعوث الأممي في التوصل إلى أي اتفاق حول مصير الميناء أثناء زيارته لصنعاء الأسبوع الماضي ولقائه بقياديين حوثيين، في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة الشرعية اليمنية والتحالف العربي أن تحرير الميناء سيسهم في تحسين الأوضاع في الحديدة على المستوى الإغاثي وإمكانية إجبار الحوثيين على العودة إلى المسار السياسي.

وحول فرص نجاح الضغوط الدولية في إيقاف عملية تحرير الحديدة، اعترف وزير المياه والبيئة اليمني العزي شريم، في تصريح خاص لـ”العرب”، بوجود ضغوط كبيرة في هذا الاتجاه، لكنه قال إنها ليست المرة الأولى التي تسعى من خلالها بعض المنظمات أو الدول لإنقاذ الحوثيين.

وأشار شريم إلى أن “الشرعية سبق وقدمت الكثير من التنازلات والمبادرات من أجل إحلال السلام الدائم في اليمن، لكن كل هذه الجهود كانت تصطدم بتعنت الميليشيات الحوثية ومراوغاتها”.

وعن توقعاته لمآلات الحرب في محافظة الحديدة، توقع شريم، الذي قام قبل أيام بزيارة مسقط رأسه في مديرية الدريهمي (20 كم جنوب الحديدة)، “ألا يستغرق تحرير مدينة الحديدة الكثير من الوقت بالنظر للتجهيزات العسكرية والتخطيط الذي تتبعه قوات المقاومة المدعومة من التحالف العربي، والتي باتت قادرة على اقتحام مطار الحديدة خلال ساعات”.

غير أن ما يحول دون ذلك، وفقا لشريم، هو “التزام التحالف العربي والحكومة الشرعية بأعلى درجات المعايير الإنسانية والأخلاقية والحفاظ على حياة المدنيين”.

وأكد الباحث والمحلل السياسي اليمني هاني مسهور لـ”العرب” أن قرار تحرير الحديدة “اتخذ بعد أكثر من سنتين حاول فيها التحالف العربي إيجاد صيغة لوضع ميناء الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة”.

وقام المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ بعدة زيارات إلى صنعاء في محاولة لإقناع الحوثيين بضرورة تجنيب الحديدة هذا الصراع، لكنه لم يلق استجابة من ميليشيات الحوثي، التي استغلت وجودها في الحديدة لتهديد حركة الملاحة في البحر الأحمر، وهو ما استدعى توجيه البحرية الأميركية ضربات لأجهزة الرادارات في الساحل الغربي من اليمن.

وأشار مسهور إلى أن التحالف العربي “استنفد الفرص الممكنة ومنح الحوثيين فرصة أخيرة مع زيارة غريفيث لصنعاء، والذي اصطدم بالتعنت الحوثي، وهو ما استدعى من التحالف إعداد خطة طوارئ ستتعامل مع عملية تحرير الحديدة بما يضمن تجنيب المدنيين آثار المعارك المنتظرة من جانب، ومن جانب آخر ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية وعدم توقف ميناء الحديدة”.