رغم معارضة إيران..

السعودية وروسيا عازمتان على رفع إنتاج النفط تدريجياً

ارشيفية

وكالات
بالأمس، خاضت السعودية وروسيا مباراة حماسية في افتتاح كأس العالم في نسخته لعام 2018 في العاصمة الروسية موسكو، وستخوض الدولتان مباراة حاسمة ومصيرية، لكن من نوع آخر في يوم 22 يونيو (حزيران)، ستكون أكثر حماساً وصعوبة من تلك التي شهدها العالم.

إذ تسعى الدولتان إلى إقناع 22 دولة أخرى بالموافقة معهما على رفع إنتاجهم النفطي ابتداء من الشهر المقبل. واتفق وزيرا الطاقة في السعودية وروسيا بصورة مبدئية بالأمس قبيل المباراة على رفع إنتاج النفط لدول تحالف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين المستقلين من خارجها المعروف باسم تحالف «أوبك+» في الاجتماع الذي سيعقد أواخر الأسبوع المقبل.

إلا أن الأمور لن تكون بهذه السهولة، فهناك دول معارضة لرفع الإنتاج مثل إيران التي ترى أن «أوبك» تتعرض لضغوط كبيرة لفعل هذا الأمر من الولايات المتحدة بعد أن حمل الرئيس الأميركي دونالد ترمب أول من أمس «أوبك» زيادة أسعار النفط.

ولا يزال الأمر غير واضح حتى الآن، نظراً لأن لا أحد يستطيع أن يحدد متى وكيف وكم سوف تستطيع «أوبك+» رفع إنتاجها، ولهذا لا يزال الأمر مبدئياً، وبخاصة أن هناك دولاً كثيرة في «أوبك» لا تستطيع رفع إنتاجها. ويتناقص الإنتاج من «أوبك» بشكل كبير هذا العام، وكانت ليبيا هي آخر الدول التي تراجع إنتاجها بالأمس بصورة كبيرة بلغت نحو ربع مليون برميل يومياً. وقالت مؤسسة النفط الليبية أمس الخميس، إن اشتباكات في مينائي رأس لانوف والسدر النفطيين الرئيسيين أدت إلى انخفاض الإنتاج بنحو 240 ألف برميل يومياً.

وتحرص السعودية على التعاون مع روسيا؛ إذ أبلغ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، أن السعودية تريد استمرار التعاون مع روسيا بشأن أسواق النفط العالمية، مضيفاً إن هذا التعاون مفيد للعالم أجمع، بحسب ما ذكرته وكالة «رويترز».

وقال بوتين لولي العهد خلال اجتماعهما في موسكو، إنه سعيد لرؤيته في افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم، التي انطلقت أمس وبدأت بمباراة بين المنتخبين الروسي والسعودي.

وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال في وقت سابق، إن الوفدين سيبحثان اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي الذي تقوده السعودية وروسيا، لكنهما لا يخططان لمناقشة الخروج من الاتفاق.

وأبلغ وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الصحافيين في موسكو يوم، بأنه يتوقع اتفاقاً «معقولاً» الأسبوع المقبل عندما تجتمع «أوبك» ومنتجو النفط غير الأعضاء بالمنظمة في فيينا، وأن مسألة رفع الإنتاج «حتمية».

ومن المتوقع أن يتخذ اجتماع «أوبك» ودول من خارج المنظمة، بقيادة السعودية وروسيا، قراراً الأسبوع المقبل بشأن ما إذا كان اتفاقهم الحالي لكبح إنتاج النفط في حاجة إلى التعديل، في الوقت الذي تثير فيه زيادة أسعار النفط في الآونة الأخيرة مخاوف بين بعض المشاركين. وقال الفالح رداً على سؤال عما إذا كان أصغى لاقتراح لزيادة إنتاج النفط 1.8 مليون برميل يومياً إجمالاً، وهو ما سيمحو التخفيضات التي ينفذها المنتجون حالياً «سنرى إلى أين نذهب، لكن أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق يرضي، قبل كل شيء، السوق».

وأضاف، إنه لا يتوقع نزاعات مع إيران وفنزويلا خلال اجتماع «أوبك» الأسبوع المقبل. وتعارض كل من إيران وفنزويلا، العضوين في «أوبك»، مقترح زيادة المعروض النفطي. وعن مباراة روسيا والسعودية في كرة القدم قال الفالح: «ستكون مباراة قوية».

من جهته، أبلغ وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، الصحافيين أمس، بأن الدول المشاركة في اتفاق خفض إنتاج النفط بين «أوبك» والمنتجين غير الأعضاء في المنظمة قد يدرسون إعادة ما يصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً إلى السوق تدريجياً كأحد الخيارات الممكنة.

وأضاف نوفاك، إن الزيادة التدريجية ممكنة من أول يوليو (تموز)، لكن الدول المشاركة في اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي لم تناقش جميع الشروط بعد. وقال إنه ناقش الخروج التدريجي من الاتفاق مع نظيره السعودي الموجود في موسكو لحضور افتتاح كأس العالم لكرة القدم. وقال: «بوجه عام ندعم هذا... لكن التفاصيل ستكون محل نقاش مع الوزراء خلال أسبوع».

وفي الوقت ذاته، أعلنت إيران رفضها أن تزيد «أوبك» إنتاجها في الاجتماع المقبل، ورافضة في الوقت ذاته تدخلات الرئيس الأميركي في سياسة المنظمة التي تراها منظمة سيادية مستقلة.

وبالأمس، قال رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني في تصريحات نشرتها وكالة «شانا» التابعة لوزارة النفط الإيرانية، إن إيران ترفض مقترح رفع الإنتاج الذي تدعمه السعودية، وبخاصة أن لا أحد في «أوبك» يستطيع رفع إنتاجه لتعويض النفط الإيراني في حالة سريان الحظر عليه.

ونقلت وكالة «بلومبيرغ» أول من أمس عن مصادر، أن السعودية تحاول من أجل إرضاء الجميع، المؤيدين لزيادة الإنتاج والمعارضين له، من خلال تقديم عدة سيناريوهات لزيادة الإنتاج من شأنها أن توفر الكثير من الحلول، لكنها في الوقت ذاته تراعي عدم التأثير على أسعار النفط بشكل كبير.

وذكرت «بلومبيرغ»، أن السعودية تجهز حالياً مقترحات عدة أو سيناريوهات من المحتمل أن تعرضها على الوزراء في اجتماعهم المقبل يومي 22 و23 يونيو، ومن بين هذه المقترحات رفع الإنتاج فورياً بنحو 500 ألف برميل يومياً، أو رفع الإنتاج اليومي بنحو 500 ألف برميل حالياً ومراجعة ذلك خلال الأشهر المقبلة مع إمكانية رفع 500 ألف برميل أخرى.

وقال بنك «باركليز» في تقرير بحثي عن السلع الأولية، إنه يتوقع أن تتفق «أوبك+» في اجتماعها الذي ينعقد في 23 يونيو على زيادة الإنتاج. وأضاف البنك، أنه يتوقع ألا يسفر اجتماع «أوبك» عن تغيير في توقعات المنظمة لسعر خام القياس العالمي مزيج برنت البالغ 70 دولاراً للبرميل هذا العام و65 دولاراً للبرميل في العام المقبل.

وقال «باركليز»: «السيناريو الأساسي لدينا هو أن إمدادات نفط (أوبك) (باستثناء فنزويلا وإيران) ستزيد بما يتراوح بين 700 و800 ألف برميل يومياً من الربع الثاني وحتى الربع الرابع من 2018».

وتابع: إنه في حين أن اجتماع «أوبك» في يونيو ربما يشهد خلافات، فإن من الصعب تصور نتيجة للاجتماع يكون من شأنها الضغط على الأسعار بشكل حاد مثلما حدث في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.

وبالأمس، شهدت أسعار النفط بعض التراجعات مدفوعة بارتفاع الإنتاج الأميركي وتراجع أنشطة التكرير الصينية، على الرغم من أن قوة استهلاك الوقود في الولايات المتحدة وانخفاض مخزونات الخام قدما بعض الدعم.

وأعلنت الصين، الخميس، انخفاض أنشطة التكرير من 12.06 مليون برميل يومياً في أبريل (نيسان) إلى 11.93 مليون برميل يومياً في مايو (أيار)، على الرغم من أن معدل تشغيل المصافي على أساس سنوي ما زال مرتفعاً بنسبة 8.2 في المائة. وجاء الانخفاض في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات أن الناتج الصناعي الصيني والاستثمارات ومبيعات التجزئة سجلت نموا يقل عن المتوقع في مايو.

كما تأثرت الأسعار سلباً بزيادة أخرى في إنتاج النفط الخام الأميركي الذي بلغ مستوى قياسياً أسبوعياً عند 10.9 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضي وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة يوم الأربعاء. وزاد إنتاج الخام الأميركي 30 في المائة تقريباً في العامين الماضيين، وهو يقترب الآن من مستوى إنتاج روسيا أكبر منتج في العالم والتي ضخت 11.1 مليون برميل يومياً في أول أسبوعين من يونيو. كما يفوق إنتاج الخام الأميركي حالياً مستوى إنتاج السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط، والتي تنتج ما يزيد قليلاً على عشرة ملايين برميل يومياً.