تحت وطأة الخسائر الثقيلة..

الحوثيون يبحثون عن تسوية في معركة الحديدة

المبعوث الأممي الجديد لدى اليمن مارتن غرايفيث

لندن

كشفت مصادر مقربة من الحوثيين الأحد عن خلافات حادة في صفوف الميليشيا الانقلابية حول كيفية التعاطي مع عرض قدمه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يجري مباحثات مع قيادة الجماعة المدعومة من إيران.

وتتمحور الخلافات بين قادة الصف الأول حول تسليم الحديدة مقابل ضمانات وضرورة عدم تضييع الفرصة التي وفرها المبعوث الأممي والقبول بعرضه، بحسب قناة العربية.   

ومن المتوقع أن تصبح معركة الحديدة نقطة تحول في حرب اليمن ومنعطفا حاسما في مسار العملية العسكرية والسياسية.

وحسب المصادر ذاتها اختلفت قادة الصف الأول في الميليشيا الانقلابية حول قبول عرض غريفيث باعتبار تسليم المدينة والانسحاب منها سلميا فرصة تجنبهم المزيد من الخسائر وبين من يعارض ذلك ويتمسك بالقتال لأن الهزيمة في رأيهم بالتفاوض أو بالحرب تعني نهايتهم.

وكان الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام قد استبق لقاء المبعوث الأممي بقادة جماعة أنصار الله (الحوثية) بإعلان فشل مهمة غريفيث، ما اعتبر تفسيرا لحجم الخلافات التي نشبت بين قيادات الصف الأول.

غريفيث يسعى لاقناع الحوثيين بتسليم الحديدة سلميا

 ويسعى غريفيث إلى إقناع زعيم الحوثيين بالقبول بتسليم مدينة الحديدة سلميا بموجب مقترحات يحملها ولم يتم الكشف عنها على أن يكون ذلك مقدمة لحل سياسي شامل.

والتقى المبعوث الأممي الأحد بما يسمى وزير الخارجية ونائبه في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا.

ونقلت وكالة الأنباء الخاضعة للحوثيين أن "غريفيث التقى مع الوزير هشام شرف ونائبه حسين العزي واستعرضوا مساعي المبعوث الأممي التي قام بها خلال الفترة الماضية".

وأوضح المسؤول الحوثي أن "التفاؤل ساد عند اللقاء مع المبعوث الأممي خلال زيارته الأخيرة إلى صنعاء مطلع الشهر الجاري، بشأن خطوات السلام المقترحة".

وفي إشارة قوية على ضعف موقف الانقلابيين، قال شرف إن الحوثيين يمدون أيديهم للتسوية السياسية والسلام، وهو موقف لم تكن تتبناه الميليشا الإيرانية قبل معركة الحديدة.

وسبق أن أفشل الحوثيون العديد من المبادرات الأممية للتسوية السلمية وقوضوا كل الجهود الرامية لإنهاء الصراع وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات الشرعية الدولية.

وعلى ضوء الخسائر التي مني بها الانقلابيون تباعا خلال الأشهر الماضية وخلال المعركة الجارية في الحديدة، أطلق الحوثيون إشارات متضاربة حول الجنوح للسلام ما يعكس حجم الإرباك الذي ترافق مع تهاوي دفاعاتهم قرب ميناء الحديدة وفي محيط مطارها الدولي.

وقال حسين الحوثي نائب ما يسمى بوزير الخارجية في حكومة الانقلابيين، إن قوات التحالف العربي بتصعيدها الأخير تستهدف تقويض عملية السلام.

وحاول المسؤول الحوثي إلقاء الكرة في ملعب التحالف بالتنصل من مسؤولية افشال الجماعة الإيرانية كل جهود التسوية السلمية.

وأكد المبعوث الأممي "استمراره في بذل الجهود والمساعي الحميدة لوقف العمليات العسكرية والولوج المباشر في عملية المفاوضات السياسية وصولا إلى تسوية سياسية شاملة تعيد الأمن والاستقرار إلى الشعب اليمني وتلبي طموحاته".

وأشار غريفيث إلى أن مهمته التي أحيطت بتكتم شديد وزيارته الحالية قائلا "تعد مهمة خاصة تأتي في وقت حرج بُغية وقف أي تهديد لجهود السلام".

ومن المقرر أن ينقل غريفيث للحوثيين شروط التحالف لوقف العملية العسكرية التي تطالبهم بالخروج من الميناء مقابل إدارته من قبل جهة محايدة قد تكون الأمم المتحدة وكذلك الانسحاب من مركز مدينة الحديدة.

وفي اليوم الخامس للهجوم، شهد محيط مطار الحديدة قصفا متبادلا واشتباكات متقطعة، بينما عمد المتمردون إلى قصف مواقع القوات الموالية للحكومة على طول الطريق الساحلي الغربي لليمن، حسبما أفادت مصادر في هذه القوات.

وتسيطر القوات الموالية للحكومة على الطريق الساحلي من جنوبه وحتى مشارف مدينة الحديدة شمالا عند مدخل المطار الواقع في جنوبها، بينما يسيطر المتمردون على المناطق الداخلية الواقعة شرق الطريق الساحلي.

وكانت القوات الموالية للحكومة اليمنية بدأت الأربعاء بمساندة قوات إماراتية هجوما واسعا في عملية عسكرية أطلق عليها اسم "النصر الذهبي" بهدف اقتحام مدينة الحديدة في أكبر هجوم تشنه هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.

وتضم مدينة الحديدة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة إلى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة إنسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه.

ويؤكد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن أن ميناء الحديدة يشكل منطلقا لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولادخال امدادات الأسلحة من إيران ومن ضمنها صواريخ باليستية تطلق بين الحين والآخر على أهداف داخل السعودية.

ويدعو التحالف إلى تسليم إدارة الميناء للأمم المتحدة أو للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم.

ونجحت القوات اليمنية باسناد اماراتي في بداية الهجوم بالوصول سريعا إلى مشارف مطار الحديدة، لكنها اصطدمت بمقاومة شرسة من قبل المتمردين.

والسبت أعلنت القوات الموالية للحكومة السيطرة على المطار في تطور لم تؤكده مصادر في هذه القوات على الأرض ولا التحالف العسكري الداعم لهذه القوات بقيادة السعودية.

كما نفى الحوثيون خسارة المطار. ونقلت وكالة "سبأ" لسان الحوثيين عن مسؤولين قولهم إن صورا تم تداولها في وسائل إعلام قريبة من القوات الحكومية لعناصر داخل المطار هي صور قديمة.

ونشروا تسجيلا مصورا لمسلحين متمردين يجولون في سيارات داخل حرم مطار.

وتحدث المتمردون الأحد عبر وكالة سبأ عن غارات شنتها طائرات التحالف العسكري على عدة مناطق في محافظة الحديدة ومحافظات.

وكان المتمردون نجحوا الجمعة في قطع الطريق الساحلي في منطقة التحيتا على بعد نحو 100 كلم جنوب مدينة الحديدة بعدما هاجموا موقعا للقوات الموالية للحكومة اليمنية.

وتسبّب الهجوم في قطع الطريق بين مدينة الحديدة ومنطقتي المخا (150 كلم جنوب الحديدة) والخوخة (130 كلم جنوب الحديدة) الساحليتين اللتين تضمان مراكز عسكرية رئيسية للقوات الموالية للحكومة.

وقالت وسائل إعلام سعودية وأخرى تابعة للحوثيين إن التحالف بقيادة السعودية شن ضربات جوية الأحد على مطار الحديدة اليمني لمساندة قوات برية مدعومة من التحالف تسعى لانتزاع السيطرة عليه من المقاتلين الحوثيين.

وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التابعة للحوثيين إن طائرات التحالف نفذت خمس ضربات جوية على الحديدة من ضمنها ضربات استهدفت مواقع للمتمردين في المطار.

وقال مصدر من الجيش اليمني المدعوم من التحالف إن قوات برية، تضم إماراتيين وسودانيين ويمنيين من فصائل مختلفة، طوقت مجمع المطار الرئيسي السبت.

وهدف التحالف هو هزيمة الحوثيين في الحديدة، الميناء الوحيد المطل على البحر الأحمر الذي يسيطرون عليه، لقطع خطوط الإمداد عن العاصمة صنعاء.

وقال أحد سكان المدينة ويدعى خالد عتيق (38 عاما) "عشنا حالة من الرعب على مدى ثلاثة أيام لأننا في حي قريب من المطار".

واعتمد التحالف الذي تقوده السعودية على الضربات الجوية ضد الحوثيين المتمرسين في القتال في المناطق الجبلية.

وخاضت جماعة الحوثي التي سيطرت على العاصمة صنعاء عام 2014 سلسلة من حروب العصابات مع الجيش الوطني اليمني وحربا حدودية قصيرة مع السعودية.

وتقدم مقاتلوها سيرا على الأقدام أو في شاحنات صغيرة في معارك في مختلف أرجاء اليمن.

ويقاتل الحوثيون للحفاظ على سيطرتهم على المطار في حين تجمع اليمنيون الذين يقاتلون في صف التحالف في شاحنات وشكلوا قوافل على امتداد الطريق المطل على الصحراء خارج الحديدة.

وسار آخرون يحملون بنادق كلاشنيكوف أمام المركبات المدرعة واتخذوا مواقع وسط الرمال. ويطلق أحد المقاتلين قذائف مورتر بين الحين والآخر.