الأزمة السورية..

تقرير: قلق أممي على المدنيين في جنوب سوريا

نازحون في جنوب سوريا من جراء قصف قوات النظام

واشنطن

أعربت الأمم المتحدة، أمس، عن «قلق عميق» على نحو 750 ألف شخص في جنوب غربي سوريا، حيث تسبب هجوم لقوات النظام بنزوح أشخاص في محافظة درعا باتجاه الحدود الأردنية.

وتحدثت المنظمة الدولية في بيان عن «تواتر التقارير عن استمرار القتال والقصف في الكثير من البلدات على الطرفين الشرقي والغربي لمحافظة درعا». كما أكدت تعرض مناطق في محافظة درعا إلى قصف ومعارك مما أسفر عن مقتل 20 شخصاً، بينهم 11 في مدينة درعا، وإصابة عدد كبير من الأشخاص.
جاء ذلك بعدما شنّت قوات النظام غارات على مناطق في ريف درعا، بالتزامن مع مفاوضات دولية - إقليمية للوصول إلى ترتيبات تتعلق باتفاق «خفض التصعيد» بين روسيا وأميركا والأردن.
من جهة أخرى، أجرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مباحثات، في موسكو، مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد لقائه الرئيس فلاديمير بوتين.
وبرز اتفاق في وجهات نظر الطرفين حول ضرورة دفع الجهود الجارية لتشكيل اللجنة الدستورية مقابل انقسام حول استنتاجات اللجنة الأممية بشأن استخدام «الكيماوي».
نزوح آلاف المدنيين هرباً من قصف قوات النظام على جنوب سوريا
نزح أكثر من 12 ألف مدني خلال الأيام الثلاثة الأخيرة داخل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في محافظة درعا جنوب البلاد مع تكثيف قوات النظام السوري وتيرة قصفها، في وقت ترددت أنباء عن صفقة ثلاثية أميركية - روسية - أردنية عن الجنوب لإبعاد إيران وميليشياتها عن المنطقة. ووصل قادة من قوات النظام إلى مطار عسكري قرب السويداء ضمن الاستعداد لشن هجوم على المعارضة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس عن «نزوح أكتر من 12 ألف مدني خلال الأيام الثلاثة الأخيرة مع تصعيد قوات النظام قصفها المدفعي والجوي على ريف درعا الشرقي وبلدات في ريفها الشمالي الغربي».
وأحصى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة نزوح 2500 شخص من إحدى البلدات حتى الأربعاء جراء القصف.
وتسيطر الفصائل المعارضة على 70 في المائة من مساحة محافظتي درعا والقنيطرة المجاورة في جنوب البلاد. وتستقدم قوات النظام منذ أسابيع تعزيزات عسكرية إلى جنوب البلاد تمهيداً لعملية عسكرية وشيكة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الخميس، أن «سلاح المدفعية في الجيش ينفذ رمايات مركزة على تجمعات وأوكار الإرهابيين (في إشارة إلى المعارضة) في مدينة الحراك شمال شرقي مدينة درعا وبلدة بصر الحرير ويدمر لهم تحصينات ويقضي على عدد منهم».
ويستهدف قصف قوات النظام بشكل رئيسي بلدات عدة، أبرزها الحراك وبصر الحرير، وفق المرصد الذي أفاد عن توجه النازحين إلى مناطق مجاورة لا يشملها القصف قريبة من الحدود الأردنية.
وتكتسب منطقة الجنوب السوري خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا عن قربها من العاصمة السورية. ويتحدث محللون عن توافق إقليمي ودولي نادر على استعادة النظام لهذه المنطقة الاستراتيجية.
وتحدث الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة قبل أسبوع عن «تواصل مستمر بين الروس والأميركيين والإسرائيليين» بشأن الجنوب. وقال: «نعطي المجال للعملية السياسية، إن لم تنجح فلا خيار سوى التحرير بالقوة»، متهماً الأميركيين والإسرائيليين بالضغط على الفصائل المعارضة لمنع التوصل إلى «حل سلمي».
واقترحت موسكو، وفق ما قال الأسد، إجراء «مصالحة» في المنطقة. وغالباً ما تقضي المصالحات التي ترعاها روسيا بإخراج مقاتلي المعارضة مع عائلاتهم إلى مناطق الشمال مقابل دخول قوات النظام، على غرار ما جرى أخيراً في الغوطة الشرقية قرب دمشق. لكن قياديين في فصائل معارضة عدة أكدوا في وقت سابق رفضهم أي «مصالحة» مع النظام.
ويشهد الجنوب السوري، ويضم محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، وقفاً لإطلاق النار أعلنته موسكو مع واشنطن وعمان منذ يوليو (تموز)، بعدما أُدرجت المنطقة في محادثات آستانة برعاية روسية وإيرانية وتركية كإحدى مناطق خفض التصعيد الأربعة في سوريا.
من جهته، قال المرصد السوري، إنه حصل على «معلومات من أن القوات الإيرانية و(حزب الله) اللبناني والمسلحين الموالين لهما، والمدعومين من إيران بدأوا عملية الانسحاب من جنوب سوريا، لعمق 40 كيلومتراً عن الحدود مع الجولان السوري المحتل والحدود الأردنية؛ ذلك استجابة للمطالب الروسية بوجوب الانسحاب من قبل الإيرانيين و(حزب الله) من هذه المنطقة، بعد مشاورات روسية مع أطراف إقليمية». وأضاف: إن «الروس أفسحوا المجال أمام الجانبين الأردني والأميركي، للتباحث مع الفصائل حول إمكانية التوصل لحل حول الجنوب السوري، في حين تعمد قوات النظام إلى تكثيف قصفها على محافظة درعا مع قصفها مناطق في ريف القنيطرة، واستهداف الريف الشرقي لدرعا بعشرات القذائف وعشرات الصواريخ؛ ما تسبب في أضرار مادية كبيرة ومقتل 8 مواطنين على الأقل، من ضمنهم 3 مواطنات».
وأشار المرصد إلى سقوط «أكثر من 330 قذيفة وصاروخاً على بلدات بصر الحرير والمليحة الشرقية وناحتة، بالتزامن مع قصف بأكثر من 40 قذيفة على منطقة اللجاة ومناطق أخرى في إبطع وكفرناسج واليادودة ومناطق أخرى في القطاع الشرقي من ريف درعا؛ ما تسبب في مزيد من الدمار في ممتلكات مواطنين».
ويهدف القصف إلى «إجبار الفصائل العاملة في ريف درعا، والتي اتفقت على تشكيل غرفة عمليات مركزية في الجنوب السوري، على الرضوخ والقبول بالشروط الروسية لتحقيق مصالحة واتفاق في محافظتي درعا والقنيطرة، ومنع حدوث عمل عسكري من شأنه أن يخلف خسائر بشرية كبيرة من المدنيين ومن مقاتلي وعناصر الطرفين»، بحسب المرصد، وأضاف: إن قوات النظام «تضرب المناطق التي تضم أقل عدد من القرى، في محاولة لإيجاد ممر لها في حال تعثر الاتفاق أو عرقلته، لبدء عملية عسكرية من شأنها تقطيع مناطق سيطرة الفصائل التي تسيطر على القسم الأكبر من درعا والقنيطرة، في حين استهدفت قوات النظام بالقذائف مواقع لقوات النظام والمسلحين الموالين لها، ومعلومات عن تسبب الاستهدافات بسقوط خسائر بشرية».
وكان المرصد لاحظ هدوءاً في الجنوب السوري، على خطوط التماس بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جانب آخر، بدأ ليل الجمعة «بالتزامن مع تحضيرات مستمرة منذ نحو 3 أسابيع من قبل قوات النظام وحلفائها من جهة، والفصائل من جهة أخرى، لعملية عسكرية مرتقبة، في حال فشلت الأطراف المحلية والإقليمية والدولية بشكل نهائي في التوصل لاتفاق حول الجنوب السوري، الذي يشهد منذ سنة اتفاقاً ثلاثياً بين الأردن وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، حول تخفيف التصعيد والعمليات القتالية».
وكانت طهران «اشترطت لسحب القوات الإيرانية نحو البادية ووسط سوريا، إخلاء القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي لقاعدة التنف على الحدود السورية - العراقية، شرطاً لها لمغادرة الجنوب السوري، الذي تعمل روسيا مع النظام للتوصل لحل حول المنطقة من خلال مباحثات محلية مع الفصائل وإقليمية مع الدول المجاورة لسوريا».
 
انفجارات في السويداء
وسمع دوي انفجارات في مدينة السويداء، ناجمة عن سقوط صواريخ عدة، على مناطق في المدينة، حيث قضى شخص وأصيب آخرون بجروح، وأسفرت عن انقطاع للتيار الكهربائي في المدينة. ويأتي هذا الاستهداف بعد أكثر من 48 ساعة على الاستهداف الأول للمدينة، وأعلنت «حركة رجال الكرامة» العاملة في محافظة السويداء موقفها من التطوّرات الأخيرة في جنوبي سوريا، بحسب شبكات إعلامية معارضة. وقالت: «الحياد الإيجابي من أي صراعات داخلية بين أبناء الوطن الواحد مع التمسّك بثوابت قائدها الراحل الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس، وشعاره (دم السوري على السوري حرام)». كما رفض البيان تحميل بعض الجهات أهالي محافظة السويداء مسؤولية ما يحدث في محافظة درعا، موضحاً أن السويداء «ليست الجبهة الوحيدة التي تنطلق منها العمليات العسكرية، فهناك عشرات الجبهات داخل درعا».
وكانت عشرات الآليات العسكرية التابعة لقوات الأسد ومجموعات تابعة لـ«حزب الله»، أي «مجموعة الحاج عباس - مجموعة مغنية» ومجموعات من قوات العميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، أي «صقور الصحراء» دخلت مطار خلخلة العسكري شمال محافظة السويداء؛ استعداداً لتنفيذ هجوم على منطقة اللجاة انطلاقاً من هذا المحور.