ساعة موظف عربي..

ماذا لو أن اليابان انتدبت موظفا عربيا؟

"عد غدا" ما زال للنوم بقية

شيماء رحومة

قامت إحدى الشركات الحكومية باليابان بمعاقبة أحد عمالها بسبب مغادرته مكتبه لتناول الغداء قبل الموعد المحدد بـ3 دقائق. ووصف مسؤولوها في مؤتمر صحافي متلفز، سلوك الرجل بأنه «مؤسف للغاية» وانحنوا جميعا مقدمين اعتذارهم عن هذا السلوك.

ليست الحادثة الأولى من نوعها التي تعتذر فيها اليابان للعالم فهي دولة دقيقة في مواعيدها حريصة على أخلاقيات شعبها، في المقابل في دول عربية شقيقة يتبارى مواطنوها على كسر كل النواميس الإدارية ضاربين بروزنامة المواعيد عرض الحائط.

ولا يوجد أدق ولا أحرص من موظف عربي سام يرتقي السلم الوظيفي عبر منظومة مخصوصة تميز علاقته بالمواطن تبدأ باكتظاظ رهيب أمام شبابيك أغلب المؤسسات، يؤجج لهيب حناجر أصحابه المتذمرين من تأخرهم غير المقصود عن أعمالهم غياب الموظف ساعة. ومع ذلك لا ينطلق العامل الغيور على عمله فورا بل لا بد له أولا من قدح من القهوة يطفئ به تعطشه لاعتناق وسادته من جديد.

وبعد نحو ساعة من العمل يعلق الموظف الوقور لافتة ‘مغلق’ على شباكه منصرفا، وإن اعترض أحدهم على سلوكه هذا يعربد ويتحول إلى دارس محنك للقانون ويملي لوائح من الحقوق متمسكا بحقه في الاستمتاع بساعة غدائه الذي يبدأ قبل نصف ساعة عن موعده الحقيقي وينتهي بعد أكثر من ساعة ليعود إلى الدوام متأخرا عن مكتبه وأشغاله تلك الساعة اللعينة ويعيد سيناريو الصباح دون إخلال ولا تقصير.

وإن حاول المواطن الصالح التهديد برفع الأمر إلى المسؤول يكون موزعا بين أمرين؛ إما عاصفة هوجاء تثور فجأة مخلفة لعانا وسبابا ووعيدا وإما تقضى حاجته ويعامل معاملة الملوك.

ولا يمكن إهمال صفة مميزة للمؤسسات العربية وهي “ارجع غدوة (عد غدا)”، وبهذا يتخلص الموظف من الاكتظاظ ويجد متسعا من الوقت لتبادل الأحاديث مع الزملاء.

أتخيل لو أن اليابان انتدبت موظفا عربيا سيضطر الشعب برمته إلى الانحناء لهذه الكارثة العربية اعتذارا، أو ماذا لو أن موظفا عربيا قرأ هذه القصة وحاول تطبيقها سيكون مفصولا لا محالة، وهي “أن فتى أجرى اتصالا هاتفيا من محل كان صاحبه منتبها للمكالمة، التي حاول من خلالها الفتى الحصول على عمل، قائلا ‘سيدتي، أيمكنني العمل لديك’، وكلما رفض طلبه عاود المحاولة، لكن دون جدوى، أقفل الهاتف، فتقدم منه صاحب المحل وقال له: لقد أعجبتني همتك العالية وأعرض عليك فرصة للعمل لدي، فأجاب الفتى ‘شكرا لعرضك، غير أني فقط كنت أتأكد من أدائي للعمل الذي أقوم به حاليا.. إنني أعمل عند هذه السيدة’”.