نظام الصيام الدوري..

حمية غذائية تجمع بين الفوائد والمحاذير

محاولة ترويض العادات الغذائية

نهى الصراف

أثبتت الدراسات الحديثة أن القيام بتقليص كميات الطعام المستهلك لحد كبير ولفترات متباعدة، سواء أكان بتناول أطعمة منخفضة السعرات الحرارية كالفواكه والخضروات أو الصيام الدوري أو حتى إزالة البروتينات من النظام الغذائي لفترة زمنية قصيرة، من شأنه أن يحفز عددا لا بأس منه من استجابات الجسد للشفاء من أمراض أو اضطرابات معينة، ناتجة عن عدم اتباع نظام غذائي صحي على مدار العام.

ويعتقد الدكتور مارك ماتسون؛ وهو كبير الباحثين في المعهد الوطني الأميركي للشيخوخة، بصحة نظرية الصيام الدوري والابتعاد عن تناول بعض المكونات الغذائية لفترات متفاوتة، ومن خلال دراساته الموسعة لأكثر من ثلاثين عاما في تأثيرات الحميات الغذائية والصيام في الشفاء من بعض الأمراض وتجديد خلايا الجسد، يرى أن هذا النوع من الأنظمة الغذائية من شأنه أن يمنع الإصابة بالأمراض المزمنة ويقلل من الوهن الذي يعاني منه الجسد في مرحلة الشيخوخة.

ويعد التوازن بين النظام الغذائي العادي والصوم الدوري أو الانقطاع الجزئي وتحييد بعض أنواع الغذاء كالبروتينات، هو المحك الذي يتوجب أن يحسن الإنسان السيطرة عليه فهو ضمان أكيد لحياة أطول وأمراض أقل. ويعزز من النظام المناعي، إضافة إلى تعزيز الوظيفة العقلية والتقليل من مخاطر الإصابة بأمراض الشيخوخة، بما في ذلك السكري، أمراض القلب، تراجع وظائف الدماغ والسرطان.

إلا أن تطبيق هذا النظام الغذائي بين فترة وأخرى، يمثل تحديا كبيرا خاصة بالنسبة للمرضى من كبار السن، لهذا فهم يتخلون عن عاداتهم الصحية بمجرد مغادرتهم للمستشفى الذي يدخلونه عادة في حالة طوارئ، ويرى متخصصون أن هذا النوع من الحميات الغذائية لا يمثل اتباعه من قبل المرضى أو الأصحاء على حد السواء أمرا مستحيلا، لكن التحدي الفعلي يكمن في تغيير نظام العيش وأسلوب الحياة ككل.

ويمثل تحضير وجبات صحية والمحافظة على نظام غذائي لشخص يعد مجرد فرد ضمن أسرة كبيرة فيها الأطفال الذين يحتاجون إلى التمتع بوجبات لذيذة وبعض الحلويات، تحديا للآخرين في حين تمثل مشاغل الحياة اليومية والعمل خارج المنزل جهدا إضافيا لبعض الأشخاص يكاد لا يترك لهم مجالا للعناية بتجهيز طعامهم الصحي أو توفير البدائل إن أمكن أو حتى الالتزام به في أوقات العجلة لإنجاز مهامهم ومسؤولياتهم اليومية.

وبالطبع، هناك أنظمة عديدة لفقدان الوزن بعضها فيه من المساوئ الكثير، فيما لا يتبع أغلبها عادات صحية في الوقت الذي لا تناسب بعض أنواع الحمية جميع الناس، فقد يحصد البعض نجاحا باهرا في خسارة الوزن وفق نظام صحي معين، في حين يخفق الآخرون لدى اتباعهم البرنامج ذاته وهذا بالتأكيد مرده إلى جملة من العوامل، تتعلق معظمها بجنس الأشخاص، أعمارهم، طبيعة واجباتهم والأهم نظام حرق السعرات في جسدهم إضافة إلى الأمراض التي يعانون منها.

تحضير وجبات صحية والمحافظة على نظام غذائي لشخص يعد مجرد فرد ضمن أسرة كبيرة يمثل تحديا للآخرين

ويمثل الصيام المتقطع إحدى أحدث الطرق لخسارة الوزن، وهناك عدة طرق لتطبيق هذا النظام الغذائي تتفاوت بين عدد الأيام التي يحدد فيها تناول سعرات قليلة وأيام أخرى لتناول الطعام بحرية أكبر، مثال على ذلك؛ يحدد يومان في الأسبوع للاقتصار على تناول 500 سعرة حرارية فقط، أما الطريقة الثانية فتتمثل في الصيام عن تناول الطعام لمدة 12 ساعة متواصلة في اليوم حيث يقتصر الأمر على تناول وجبة إفطار مبكرة ثم تناول وجبة عشاء قبل السابعة مساء. وهذا النظام من شأنه أن يقصر استهلاك السعرات الحرارية على مدار اليوم كما أنه يقلل من فرص الإصابة ببعض الأمراض كالسكري والسرطان. وعلى الرغم من أن الدراسات في هذا الخصوص لم تصل إلى درجة الحسم بعد، إلا أن هناك مجموعة من البيانات الصغيرة والمتنامية لبعض الأبحاث التي تعزز هذا المفهوم وربما تتحقق نتائج أكثر تأكيدا في المستقبل المنظور.

وفي هذا الإطار، كانت نتائج دراسات نشرت في العام 2015 وما قبله بقليل، إحداها لمعهد أبحاث ماذر في جامعة كوينزلاند الأسترالية وأخرى لمعهد بودن للصحة والرياضة، كلية الطب في جامعة بوند- غولد كوست في أستراليا أيضا، أشارت في استعراضها لحديث عام بخصوص حمية الصوم المتقطع، إلى ما يحدث في الجسد من تغييرات لدى اتباع هذه الطريقة؛ مؤكدة على أن الصيام المتقطع يحقق خسارة في الوزن شبيها بالأنظمة الغذائية التقليدية، لكنها وجدت القليل من البيانات والنتائج التي تؤكد أن هذا النوع من الحمية من شأنه أن يعالج أو يسهم في علاج أمراض السكري، ضغط الدم المرتفع، أمراض القلب والسرطان إضافة إلى الزهايمر، في حين نتجت بعض التجارب الفردية التي تم رصدها من خلال باحثين إلى خسارة الوزن لدى أفراد باتباعهم حمية الصوم المتقطع، إضافة إلى خفض ضغط الدم العالي ومستويات الأنسولين في الدم بشكل لافت، لكن لا يزال الأطباء متحفظين بشأن هذه الطريقة لاعتمادها كخيار يمكن أن يوصف للمرضى.

وفي العموم، وبحسب متخصصين، يساعد الصيام المتقطع على خسارة وزن محدود حتى إذا كان هذا في المدى البعيد، وهو على أي حال، أفضل من عدم اتباع أي نوع من الحميات الغذائية، كما يبدو بأنه خيار صالح لمن يرغب في تخفيض وزنه ويعاني من صعوبات في اتباع أنظمة حمية أخرى.

وفي الوقت ذاته، يعد خيارا غير مناسب لبعض المرضى الذين يتناولون أدوية باستمرار ويحتاجون إلى التغذية بشكلها التقليدي، إضافة إلى أنه لا يناسب الشباب والمراهقين لأن أجسادهم مازالت في طور النمو وتحتاج إلى نظام غذائي متكامل وغير متقطع، تضاف إلى ذلك، السيدات الحوامل والمرضعات.