معركة داليتش وديشامب.. تصفية حسابات عمرها 20 عاما..

كرواتيا وفرنسا تستعدان لكتابة التاريخ في روسيا

داليتش ومودريتش.. وجهان لعملة واحدة

روسيا

يثق ديديه ديشامب بما يقدمه منتخب بلاده فرنسا، وقد قاده إلى النهائي للمرة الثانية تواليا في بطولة كبرى، بعد كأس أوروبا 2016، حينما خسر بهدف يتيم ضد البرتغال بعد التمديد. وتسعى فرنسا لمصالحة مشجعيها ونسيان تلك الخسارة على أرضها، وتبدو في موقع مثالي للتتويج باللقب العالمي للمرة الثانية، عندما تلاقي الأحد على ملعب لوجنيكي في موسكو، منتخب كرواتيا.

في مسار المنتخب الفرنسي، شكل قطبا الدفاع أومتيتي وفاران ثنائيا مثاليا، ولعل حضور فاران هو ما يصنع الفارق في البطولة الحالية. غاب عن كأس أوروبا 2016 بسبب إصابة في الفخذ، إلا أن مدافع ريال مدريد الإسباني حاضر في روسيا بجانب “غريمه” في برشلونة أومتيتي.

ويوفر اللاعبان للمنتخب استقرارا في منطقة جزائه، وخطرا في منطقة الخصوم لا سيما من خلال الضربات الرأسية، في ظل اعتماد الأهداف الفرنسية بشكل كبير على الضربات الثابتة.

وعلى الجانبين، لجأ ديشامب إلى بافارد والظهير الأيسر لوكاس هرنانديز، مفضلا إياهما لقدراتهما الدفاعية، على جبريل سيدييه وبنجامان مندي. اعتمدت فرنسا في 2016 على أومتيتي لتعويض غياب فاران، وها هي في 2018 تعتمد عليهما معا، وتحصد ثمار صلابتهما. مدافع برشلونة مصمم على ألا يختبر خيبة ثانية تواليا في نهائي بطولة كبرى.

وقال بعد الفوز الثلاثاء “أنا لست جالبا للحظ (…) لم نفز بنهائي كأس أوروبا، ولهذا من المهم بالنسبة إلي أن أبلغ نهائي كأس العالم. آمل في أن يكون الأمر مختلفا هذه المرة، وأن نعيد الكأس إلى فرنسا”.

ويبدو أن ديديه ديشامب لا يعرف سوى طريق البطولات، ونجح في إحراز سبعة ألقاب حتى الآن في مسيرته التدريبية. وكانت البداية مع فريق موناكو بإحراز كأس الرابطة الفرنسية عام 2003، ووصل لنهائي دوري أبطال أوروبا عام 2004. وتولى تدريب فريق يوفنتوس الإيطالي، ونجح في التتويج بلقب دوري الدرجة الثانية هناك، بعد هبوط البيانكونيري نتيجة ما حدث في قضية التلاعب بالنتائج.

وبعدها انضم ديشامب لفريق مارسيليا، وتألق هناك بإحرازه لقب الدوري الفرنسي عام 2010، وكأس الرابطة الفرنسية أعوام 2010، 2011، 2012، وكأس الأبطال الفرنسي عامي 2010 و2011. ومع منتخب فرنسا نجح في الوصول لنهائي كأس الأمم الأوروبية “اليورو” في النسخة الماضية عام 2016، ولكنه خسر أمام البرتغال. وحاليًا تأهل ديشامب رفقة منتخب بلاده إلى نهائي كأس العالم 2018، ويأمل في تتويجه باللقب كمدرب للديوك.

أحد أعظم الاختلافات بين المنتخبين اللذين سيلتقيان الأحد في المباراة النهائية ببطولة كأس العالم سيكون المنافسة الشرسة بين المدربين حيث يحاول ديديه ديشامب خداع زلاتكو داليتش. إذا فاز ديشامب سينضم إلى ماريو زاغالو وفرانز بيكنباور في مجموعة النخبة التي فازت بلقب كأس العالم كلاعب ومدرب، حيث كان قائدا للمنتخب الفرنسي الذي توج بكأس العالم 1998.

نجاح داليتش سيترك بعض الأشخاص يتساءلون “زلاتكو من؟”، حيث جاء داليتش (51 عاما) بشكل مفاجئ لقيادة المنتخب الكرواتي للوصول إلى المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخهم. لم يكن داليتش الخيار الأول لخلافة أنتي كاسيتش في أكتوبر الماضي عندما قام المنتخب الكرواتي بتغيير مدربه قبل المباراة الأخيرة في التصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال أمام المنتخب الأوكراني وسط مخاوف من إمكانية غيابهم عن المونديال.

وقاد داليتش المنتخب الكرواتي للفوز على أوكرانيا 2-0، ليضرب موعدا مع المنتخب اليوناني في الملحق الأوروبي ليفوز المنتخب الكرواتي ويصعد للمونديال. وولد داليتش في ليفنو، مدينة في البوسنة والهرسك حاليا. ولم يكن أحد العظماء في المنتخب اليوغسلافي في مونديال 1990، وشاهد المنتخب الكرواتي في مونديال 1998 في الدور قبل النهائي أمام فرنسا كمشجع. وتذكر ذلك الوقت حيث قال “كنت في فرنسا لمتابعة أول ثلاث مباريات كمشجع. ثم بعد ذلك كان علي أن أسافر للاستعداد للموسم الجديد”. ولا يملك داليتش تاريخا تدريبيا مذهلا في كرواتيا حيث لم يقم بتدريب أحد الفرق الكبرى. كما أنه درب أندية في السعودية والإمارات.

 وقاد داليتش فريق العين الإماراتي لنهائي دوري أبطال آسيا في 2016، ولكنهم أقالوه في النهاية ولا يوجد شيء آخر قوي في سيرته الذاتية تجعله يفكر في أن يصبح أفضل مدرب في المونديال الروسي. ولم يكن نجاحه دائما نابعا من عقله.

قيادته جاءت من القلب. لقد حظي بالاحترام بسبب قراراته الشجاعة مثل إعادة المهاجم نيكولا كالينيتش إلى بلاده لأنه رفض المشاركة من مقاعد البدلاء في المباراة الأولى بدور المجموعات أمام المنتخب النيجيري معللا ذلك بمشكلة في الظهر. وظهر أن المنتخب الكرواتي استنفذ كل حلوله منذ المباراة الأولى في الأدوار الإقصائية حيث احتاج للعب أشواط إضافية في ثلاث مباريات من أجل الوصول للمباراة النهائية.

استمدوا القوة من قائد عنيد، حيث قال “لا يمكنني أن أعلّم هؤلاء اللاعبين كرة القدم. أنا مسؤول عن أشياء أخرى. لقد تقبلوا هذا. ربما لم يكن لديهم ثقة كاملة في البداية ولكنهم اكتسبوا الثقة”.

واضطر ماريو ماندزوكيتش، المصاب، لمضاعفة جهده لأن الفريق يفتقد للمهاجمين، ولكنه وجد القوة لتسجيل هدف الفوز في موسكو ليقود فريقه إلى المباراة النهائية. ويبدو أن اللاعبين سيفعلون أي شيء من أجل داليتش.

عندما قام المدافع سيمي فرساليكو بالإمساك بالمدرب ورميه على العشب في ملعب لوجنيكي عقب صافرة نهاية المباراة أمام إنكلترا بدا هذا كأنه مودة من أحد اللاعبين الكرواتيين العديدين الذي لا يصدقون أنهم على بعد مباراة واحدة من صنع تاريخ جديد. وقال ديان لوفرين مدافع الفريق “أظهر زلاتكو ثقته بنا منذ البداية عندما لم يفعل الكثيرون. هذا هو السر وراء نجاحنا”.

هذا ليس الوقت السهل لتدريب المنتخب الكرواتي. حيث جاءت إدانة زدرافكو ماميتش نائب رئيس الاتحاد الكرواتي والرئيس التنفيذي لنادي دينامو زغرب بغسل الأموال عن طريق انتقال بعض اللاعبين الكبار من بينهم لوكا مودريتش لتقسم الجماهير الكرواتية.

واستطاع داليتش أن يوحدهم في قصة نجاح لا تتكرر كثيرا. سيكون الجميع خلفه الأحد عندما يتمم شهرا مذهلا في روسيا. وقال “ربما أعطانا الله الفرصة لتعويض خسارتنا. لكننا لا نسعى للثأر، هذه رياضة. سنركز على لعب أفضل مبارياتنا في البطولة”.

لقد تجاوز الفريق إنجاز الجيل الذهبي الذي حصد المركز الثالث في مونديال 1998، ليصبح الفريق مصدر فخر هائل في كرواتيا، التي أصبحت ثاني أصغر دولة تصل للمباراة النهائية بعد أوروغواي. كرواتيا عاشت لحظات من الجنون المؤقت، حيث أشارت صحيفة “24 ساتا” الشعبية لذلك قائلة “جنون في الشوارع، كرواتيا بأكملها في حالة من التوهج”.